البابا فرنسيس ضغط ونجح: لبنان بين أوراق بايدن وبوتين

كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:

 

عندما ترغب الدّول الفاعلة والكبرى بالتحرُّك، تتحرّك، خصوصاً عندما تقترب الكوارث من تهديد الأمن الإقليمي في منطقة معيّنة، أو الأمن العالمي عموماً.

 

في هذا السياق، نذكر أن الولايات المتحدة الأميركية حثّت عبر سفيرتها لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، مجلس الأمن الدولي، على عقد اجتماع علني حول منطقة تيغراي في إثيوبيا، حيث يعاني مئات الآلاف من الناس، من المجاعة. وشدّدت غرينفيلد على أن إخفاق مجلس الأمن في هذا الملف غير مقبول. فيما أشارت مصادر ديبلوماسية الى أن مجلس الأمن الدولي، سيعقد أول جلسة علنية حول الأزمة الإنسانية في “تيغراي”، الأسبوع القادم.

 

لبنان

 

أهالي تيغراي يُعانون من مجاعة، فيما الحكومة الإثيوبية تُعارض هذا التوصيف، وتتحدّث عن نقص غير حادّ في الغذاء، وعن أن المساعدات تُوزَّع. وهذا وضع يُشبه الكارثة اللبنانية، من حيث شعب يجوع ويمرض ويموت، وسط تعامٍ سياسي رسمي عن الحقيقة.

 

فماذا عن ضرورة وضع الملف اللبناني، على طاولة مجلس الأمن الدولي؟ وهل يكفي العمل الفرنسي على إنشاء نظام تمويل دولي يضمن استمرار عمل الخدمات العامة اللبنانية، في حال حدوث أي اضطراب سياسي في البلاد، بحسب ما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؟

 

ضغط بابوي

 

أكد مصدر واسع الإطلاع أن “هدف المطالبة الأميركية بعَقْد اجتماع علني حول منطقة تيغراي في إثيوبيا، هو وقف التمدُّد والتدخّل الصيني والروسي هناك، بموازاة إرضاء مصر، لأن الشارع المصري يُنادي بالتدخّل العسكري ضدّ إثيوبيا بسبب “سدّ النّهضة”، الذي يهدّد حياة المصريين”.

 

وكشف المصدر في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “مصير لبنان يتقرّر في القمّة الأميركية – الروسية، بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع القادم. فضغط “الحبر الأعظم” البابا فرنسيس، هو الذي جعل بايدن يُدرجه (لبنان) على “أجندة” اللّقاء الأميركي مع الروس، لأن لبنان ليس من أولويات بايدن في الأساس”.

 

 

رسائل دوليّة

 

ولفت المصدر الى أن “البابا فرنسيس يعوّض ضعف اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة، وفي دول القرار، أيضاً. فاللوبي اللبناني في الولايات المتّحدة أضعف ممّا يُصوَّر. فهو غير قادر على التأثير في القرار الأميركي تجاه لبنان، لكونه منقسماً. فالمسلمون بمعظمهم، لا يدعمون المؤتمر الدولي من أجل لبنان. وحتى إن المسيحيين التابعين لـ”التيار الوطني الحرّ”، لا يُساندون هذا الطّرح”.

 

وتابع: “في الانتظار، يقوّي المجتمع الدولي الجيش اللبناني، ويمنع انهياره. وهذه رسائل دوليّة الى أطراف لبنانيّة عدّة، تدعوها الى الكفّ عن “الحرتقة” السياسيّة ضدّ الجيش وقائده العماد جوزف عون. وهي دعوة دولية الى عَدَم محاولة الاقتراب من الجيش، تحت أي ذريعة، وفي أي يوم من الأيام، لأن ذلك من الخطوط الحمراء التي لن يُسمَح بالمساس بها أبداً”.

 

 

الحكومة؟

 

وعن الملف الحكومي، أشار المصدر الى أن “حزب الله” لا يريد أن يضغط بقوّة على رئيس “التيار الوطني” النائب جبران باسيل، من أجل تشكيلها، مع أنه قادر على ذلك. وهذا خطأ استراتيجي لدى “الحزب”.

 

وأوضح: “قوّة “حزب الله” الإقليمية، لا تحتاج الى تغطية من قِبَل “التيار الوطني” في لبنان. فضلاً عن أن تخفيف “الحزب” ضغطه السياسي والأمني، وابتعاده عن القرار الإقتصادي، ووقف تهديده بالتوجّه نحو إيران، سيخفّف المعارضة الشعبيّة اللبنانية له”.

 

 

فاشلة أو كبرى

 

 

وشرح المصدر: “أكثر من 60 في المئة من التبادُل المصرفي، والتعامُل بالأسهم، عالمياً، يمرّ بنيويورك. ولا دولة تتعامل مع إيران عملياً، إلا إذا كانت فاشلة، أو كبرى قادرة على تحمُّل الضّغط، بنسبة معيّنة، مثل روسيا والصين”.

 

ودعا إلى “استراتيجية جديدة لدى “حزب الله”، تغيّر النّظرة الشعبيّة إليه، التي تحمّله مسؤوليّة الإنهيار، حتى ولو أن ذلك لن يمنحه تغطية شعبيّة كاملة له في لبنان”.

 

انخراط أميركي

 

وعن مبادرة ماكرون، حول إنشاء نظام تمويل دولي للخدمات العامة، رأى المصدر في حديثه الى وكالة “أخبار اليوم” أنها “جيّدة، وهي تنطلق من شعوره بأن لا تشكيل للحكومة قريباً، لا سيّما أن المبادرة الفرنسية فشلت”.

 

وختم: “فرنسا غير قادرة على الضّغط على إيران، ولا على “حزب الله”، وهي تعمل على عَدَم سقوط لبنان في القبضة الإيرانيّة، بالكامل. ولكن إذا لم تتدخّل الولايات المتحدة، فإن لا قدرة لفرنسا، ولا للإتحاد الأوروبي على النّجاح، نظراً إلى أنّ إيران قوّة إقليمية، ومواجهتها تتطلّب انخراطاً أميركياً فيها”.