المودعون أمام مصرف لبنان غداً: ماذا سيبقى من أموالنا؟

اللواء / عمّار نعمة

 

لم يرُق القرار الأخير لمصرف لبنان حول السحوبات النقدية، المودعين الذين يرون انه يشكل خطوة ايجابية صغيرة لكنها تأتي في خضم نهب اموالهم في البنوك، ولذلك فهم تداعوا الى تجمع عصر غد امام مصرف لبنان، كان له ما قبله وسيكون له ما بعده.

 

والواقع ان قرار مصرف لبنان يقدم خدمة للمودعين اذا قارنا الامر بالسابق، لكنه في كل الاحوال جاء من جيوبهم كما انه من حقهم بطبيعة الحال.

 

ويشرح مؤسس «جمعية المودعين اللبنانيين» حسن مغنية تحفظ هؤلاء على القرار المالي الاخير بكثير من التفصيل والغضب. فالقرار يخدم جزءا من المودعين وهم صغارهم، وان كانوا يبلغون نحو 70 في المئة من اجمالي المودعين في المصارف، لكي يتم ارضاءهم ويصبح بمثابة خشبة الخلاص على مدار سنة «مع انني لا ارى انه سيستمر الى هذه المدة».

 

هو يطرح سؤالا مشروعا عن تبادل ادوار وقح للطبقة الحاكمة سياسيا وماليا واقتصاديا: ماذا عن الباقين؟ هم يقدمون حلا عبر 2 مليار دولار و400 مليون من اصل 109 مليار مفقودين. ثمة 800 ألف حساب وهناك ما بين 60 الى 68 في المئة من الحسابات صغيرة، ويبقى ما يفوق حسابات الـ 50 الف دولار وصولا الى 200 مليون دولار وهم نحو 32 في المئة.

 

على ان التعميم يترجَم بالتأكيد في السياسة التي أمّنت التغطية المطلوبة له. «هي كالمئة دولار التي توزع في الانتخابات من كيس الشعب اللبناني، أما غير المودعين فيتم ارضاؤهم بالبطاقة التمويلية وهي بطاقة انتخابية بالنسبة إلينا».

 

على انه يبقى تعميما وقد يوقفه مصرف لبنان في اي وقت وهذا يعود الى قرار حاكم مصرف لبنان من دون الرجوع الى المرصف المركزي، «وما نريده قانون «الكابيتال كونترول» الذي يلزم المصارف بالدفع ولا نريد المساس بالاحتياط الإلزامي الذي سينزل من 15 الى 14 مليار وهو الكاش الذي سيدفع في التعميم».

 

وللمودعين شكوكهم بالتعميم وسط اسئلة عن مدى التزام المصارف به والى اي مدى زمني. يؤكد مغنية انه قرار سياسي «ونحن اليوم في اشتباك سياسي بين مصرف لبنان ومجلس النواب من سيسجل على الثاني نقاطا، والتعميم وراءه كتلة سياسية وصار اجماع عليه بين الحاكم ونوابه ومدير عام وزارة المالية وكلهم تابعون الى جهات سياسية».

 

«إطفاء الديون»

 

يقر هؤلاء بأن اي عملية تسييل للدولار عبر المصارف هي ايجابية لا بل ممتازة «ولسنا شعبويين فالـ 400 دولار تبقى افضل من السابق، لكنها مرتبطة بسحب ودائع بالليرة اللبنانية بهذا المبلغ على سعر الـ 12 ألف للدولار، وهو للتخلص من ودائعنا بالدولار كما في السابق وهو ما يصطلح عليه في علم الاقتصاد بـ»إطفاء الديون»، أي اطبع وادفع».

 

مضى اكثر من عام على تأسيس جمعية المودعين وهي اليوم في طور تفعيل تحركاتها ومنها تجمع الثالثة عصر غد تحت عنوان انه ممنوع المس بالاحتياط الإلزامي وهو ملك المودعين وللمطالبة بالتعويض على اصحاب الودائع بالليرة، وقد كان التحرك مقررا من نحو 20 يوما قبل معمعمة قرار مجلس شورى الدولة.

 

الصرخة تتعلق باستنزاف اموال المودعين جميعا وهو خطر يشمل الجميع، فالفقرة واو من الدستور تحمي الملكية الفردية وممنوع المس بالاحتياط فالضرر على كل شرائح المجتمع فماذا عن موظفي القطاع العام ومودعي الليرة اللبنانية وهم 18 في المئة من مجمل المودعين؟ ويقدم مغنية مثالا جديدا عبر توقيع رئيس الجمهورية على سلفة خزينة للكهرباء، وهناك غيرها للمحروقات والغذاء «فإذا ماذا يبقى من اموالنا؟».

 

على ان الخطوة لن تخفض سعر صرف الليرة إزاء الدولار، ذلك ان هناك كتلة نقدية لبنانية تبلغ 27 تريليون ليرة قد يتم سحبها والتي من المرجح ان يلجأ ساحبوها الى شراء الدولار الذي سيعود الى الارتفاع.

 

باختصار، تبدو الامور سوداوية وقد يحدث الكثير من المشاكل حسب مغنية الذي يشير الى اعتراض خجول من قبل «جمعية المصارف» على التعميم لرفع العتب ولكونها تتفق في السر مع مصرف لبنان والطبقة السياسية على كل شيء، «وفي كل الاحوال لا ارى ان التعميم سيُقر في مجلس النواب».

 

على ان الاهم يبقى في «الكابيتول كونترول» «الذي سيحمي الكتلة النقدية بالعملة الصعبة والعملة الوطنية من التدهور اكثر، ليصبح ممنوعا على اي مصرف ان يحول الاموال على كيفه وسيكون تحت رقابة مصرف لبنان والبنوك المحولة».

 

وان كان مغنية يتناول الموضوع بغصّة بعد ان تم تحويل حوالي 9 مليار دولار منذ اوائل العام 2019 حتى الآن الى الخارج ناهيك عن التحويلات الصغيرة، مذكرا بفتح المصارف ليلا بعد قليل من انطلاق احداث 17 تشرين لتهريب الاموال.