عمليات خنق لبنان تمتد من الغذاء والدواء إلى الإنترنت

كتب عمر حبنجر في “الأنباء” الكويتية:

 

أسبوع جديد، من حساب رصيد الأمل بتشكيل الحكومة اللبنانية، العصيّة على التأليف، بعد مضي تسعة أشهر على التكليف النيابي للرئيس سعد الحريري، وهذا الأسبوع هو الثالث من عمر مبادرة الرئيس نبيه بري وربما الأخير، اذا لم تحظ بالتجاوب الموعود، او اقله بجرعة دعم اضافية من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمته المقررة اليوم الثلاثاء، والتي يفترض ان تركز على التهديدات الاسرائيلية لإيران مباشرة، او عبر محاور المقاومة السابحة في فضاء ايران.

 

وبمقياس الاصداء الصادرة من عين التينة، فإن رئيس المجلس النيابي اقل تفاؤلا بالنجاح، اولا لأن خروج لبنان من عنق الزجاجة، مرتبط بإعادة النظرة الدولية بخريطة المنطقة، وثانيا لأن التيار الحر ورئيسه النائب جبران باسيل، الذي بينه وبين الرئيس بري مسافات من التباعد، لن يقدم له مجد حل الأزمة الحكومية، على طبق من فضة.

 

وكما هناك ترقب لخطاب نصر الله اليوم، فإن الترقب يشمل زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى موسكو، والتي تتناول بشكل رئيسي اوضاع النازحين السوريين في لبنان، في حين تشير زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى العاصمة الروسية ايضا، اهتماما خاصا بالرؤية الروسية الى الوضع اللبناني.

 

ووسط كل ذلك، يستمر الضغط على أعناق اللبنانيين بتصعيب سبل الحياة، من اخفاء الدولار الى اطلاق العنان للأسواق السوداء عبر حجب المحروقات، والأدوية وكل المواد الغذائية، وصولا الى الانترنت التي تمثل آخر وأخطر وسائل وصل لبنان بالخارج، والذي ربط رئيس مؤسسة «أوجيرو» عماد كريدية القيمة على هذا الشأن، استمراريته باستمرار الطاقة الكهربائية الرسمية، علما ان مؤسسته تمتلك عشرات المولدات الخاصة، ما سمح للمصادر المتابعة، بالاعتقاد ان وراء كل ما يجري سيناريو واحد لهدف واحد لا بد ان تظهره الأيام.

 

المصادر المتابعة، قدرت نسبة ارتفاع غلاء اسعار المواد الغذائية تحديدا، حتى اليوم الى 500 %، واعتبرت ان الفشل في تشكيل الحكومة، معطوفا، على الواقع المعيشي المستحيل، قد يؤدي الى صراع أهلي يقود الى عدم استقرار اقليمي، في ظل الوجود الكثيف للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، الذين لديهم مشكلاتهم الذاتية داخل المخيمات، وسط غياب مفهوم السيادة اللبنانية، كل ذلك، جعل البطريرك الماروني بشارة الراعي يطرح السؤال الكبير على المسؤولين عن هذا الوضع، كبارا وصغارا: هل في النية عدم اجراء الانتخابات النيابية في مايو المقبل، ثم الرئاسية في أكتوبر من السنة نفسها 2022؟ وهل المطلوب اسقاط لبنان بعد مائة سنة من تكوينه دولة مستقلة، ظنا منهم انهم احرار في إعادة تأسيسه من جديد؟

 

وسؤال البطريرك الراعي مشروع في ضوء ما يراد من دفع لبنان الى عالم الفراغ السياسي والمؤسساتي، مقابل اوسع عملية تسلط على ما بقي من أجهزة السلطة، تارة بداعي استرداد الحقوق الطائفية، وأخرى، بفعل الأمر الواقع، ما يجعل من مبادرة بري الحكومية، كضرب السيف في الماء، خصوصا بعد لمس الفريق الرئاسي موافقة الرئيس المكلف سعد الحريري على صيغة الـ 24 وزيرا، مقسمة على ثلاث ثمانينات، وكل ثمانية لفريق سياسي، لا لفريق طائفي، كما يعتقد المتخوفون من «المثالثة» الطائفية.

 

الى جانب خوف الراعي على الكيان والهوية، هناك من يشاركه الخوف، من استرسال اهل السلطة، مع غياب حكومة تصريف الأعمال عن الوعي، الى حد استعادة حكم الرجل الواحد، من خلال التمديد لمجلس النواب، وبالتالي لرئيس الجمهورية، في حال تعذرت ظروف انتخاب رئيس الجمهورية بفعل الممارسات المانعة تشكيل الحكومة الآن، وقبلها التشكيلات القضائية، وبعدها تعيينات المجلس الأعلى للقضاء، وكل القرارات المغايرة للمزاج، تحت شعار اللا للفراغ الرئاسي، لتتكرر حالة 1989 في بعبدا، بغياب الضوء الاقليمي الأحمر.