بعدما تمّت السيطرة على موجة الجراد التي اجتاحت عدداً كبيراً من المناطق اللبنانيّة منذ شهرٍ وأثارت الذّعر في نفوس المزارعين بشكلٍ خاص، هذا هو لبنان يعيش اجتياحاً من نوعٍ آخر وبشكلٍ غير مسبوق، فالحشرات الطائرة والزاحفة على مختلف أنواعها تنتشر بكثرة مع اشتداد درجات الحرارة واقتراب فصل الصّيف!
يتذمّر العديد من المواطنين في مختلف المناطق من إنتشار الحشرات وخصوصاً الذباب والبعوض بكثرة وبشكلٍ لم يعتادوا عليه في السنوات الماضية، ويُعاني الاطفال خصوصاً من لدغات حمراء كبيرة في أجسادهم تُشعرهم بحكّة وبأوجاع وتقاوم عدداً كبيراً من الكريمات المُعالجة ما يثير جملة من التساؤلات حول أسباب انتشار هذه الكميات الكبيرة من الحشرات.
موقع mtv تواصل مع عددٍ من البلديّات التي أقرّت بوجود هذه المشكلة ضمن نطاقها وبورود العديد من الشكاوى والاستفسارات من الاهالي والسكان والمطاعم التي تستقبل الزبائن في الخارجحول أسباب ما يحصل ودور البلديات لمعالجة هذه الازمة الصحية، وتبيّن أنّ المشكلة هي مادية بإمتياز في ظلّ الازمة الاقتصادية الخانقة في لبنان والتي ألقت بحِملها على البلديات بشكل خاص التي لم تعد ميزانيّاتها تكفي للقيام بأبسط الامور وتقديم أكثر الخدمات إلحاحاً في المناطق.
وفي ظلّ ظاهرة التّسعير على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، باتت أسعار مبيدات الحشرات التي تشتريها البلديات بهدف رش الشوارع والاحياء أكثر من مرّة خلال العام مكلفة جدّاً وتتخطى في بعض الاحيان مبلغ عشرين مليون ليرة لبنانيّة ما يتطلب إجراءات إدارية إضافية كون المبلغ يفوق القيمة المسموح للمجلس البلدي بالموافقة عليها وهو ما منع العديد من البلديات من أن تتحضّر لموسمي الربيع والصيف عبر الرشّ مسبقاً ومن أن تُنظّف المناطق الحرجية. والاسوأ هو أنّ أسعار مواد ومبيدات مكافحة الحشرات المنزلية الموجودة في المحال التجارية والسوبرماركت باتت مرتفعة جدّاً، ما أجبر العديد من العائلات على الاستغناء عنها واعتبارها غير ضروريّة.
صدّقوا أو لا تصدّقوا، حتى عملية مكافحة الحشرات والبعوض في لبنان تأثّرت بالازمة الاقتصادية وبتقلّبات سعر الصّرف! وأمام هذا الواقع، لا يُمكن لوم البلديات التي أُلقيت عليها الكثير من الاعباء الصحية والاجتماعية والاقتصادية والتي لا قيمة للاوراق النقدية في صناديقها، فهل تتحرّك الوزارات المعنيّة قبل أن “يأكلنا البرغش”؟