الذلّ أمام المحطات مستمرّ… والأزمة إلى تفاقم رمال جوني

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

لم يتبدّل المشهد على محطات المحروقات في منطقة النبطية، على العكس، إرتفع “أدرينالين” الغضب عند الناس وتُرجم إشكالات عدة. وحدهم نواب المنطقة في حلّ من الازمة، لا أحد يسمع حسّهم، فالأيام ليست أيام إنتخابات للزحف الى منازل اللبنانيين واستجداء أصواتهم، الايام أيام ذل ورهينة للفاسدين.

كان متوقّعاً أن تفتح كل المحطات، فباخرة البنزين أفرغت حمولتها، غير أن الحقيقة مختلفة، والحجة هذه المرة جاهزة “ما بدنا مشاكل مع الناس”، في حين يعلّل الآخرون السبب “ما وصلنا لليل” اذ بات الليل مهرباً للمحطات التي تملأ للمحسوبين عليها فقط، وباقي الناس “مش ضروري يعبو”. اللافت أن أصحاب المحطات يتحكّمون بالوقت، كلّ يختار الوقت الذي يناسبه، الغريب أنّ عدداً كبيراً بدأ يفتح ليلاً أو بعيد منتصف الليل، والبعض يملأ الخزّانات على العتمة. إبتدع كل واحد حيلة تجنّبه العجقة وِفق تبريره، ضارباً بعرض الحائط حاجة الناس للبنزين للتنقّل الى أعمالها. إضطر الدكتور عمران فوعاني لركن سيارته فلم يجد بنزيناً يوصله الى المستشفى، ألغى كل مواعيده ومعايناته، أسوة بغيره من الأطباء الذين ألغوا عمليات بكاملها، فالبنزين بات يؤثر سلباً على صحة الناس.

منطقة النبطية تواجه الازمة بشكل أكبر من غيرها، لم تشفع إستغاثات المواطنين العالقين في تحريك ضمير نواب المنطقة وحكامها، بل ازداد الامر سوءاً، لماذا النواب والحكام يريدون وضع اصحاب المحطات ببوز المدفع؟ يسأل أحد أصحاب المحطات الذي يجزم بـ”أن الازمة تتجه نحو مزيد من الشحّ وبالتالي مزيداً من الغضب الشعبي الذي بدأ يترجم على الأرض، وهذا ما يخيفنا، والقوى الامنية غائبة عن الامر وتركتنا لمصيرنا”، ويؤكد ان “البنزين بات أكثر شحّاً وطالعة براس المواطن، بات البحث عن بضعة ليترات أشبه بالخبز اليومي اللبناني، فالبنزين شبه مفقود، وان توفر فبالقطارة، هذا عدا البحث طويلاً عن محطة “شغالة” فمعظمها مقفل”، واذا كانت تعمل، قد يصل دورك بعد انتظار ساعة ويأتيك عامل المحطة بخبر “خلصنا لليوم تعا بكرا”. هذا كله وعناء الانتظار الطويل الذي يضيع وقتك وجهدك، فشعورك بأنك قد تنقطع من البنزين في أي لحظة ولا تجده يؤرق حياتك، كل ذلك يحصل والدولة في سباتها، فطوابير الذل اليومي لم تفتح شهيتها على ايجاد حلول جذرية، ولم تحثها على البحث في آلية علاج ما يحصل، بقي كل الزعماء غائبين عن السمع، اللهم الا عن البحث عن مقعد وزاري هنا وتفصيل هناك، أما دعم المواطن في ازمته فآخر همّهم.

تكبر كرة الازمات يوماً بعد آخر، تحلّ ازمة البنزين في المقدّمة، اذ لا بنزين متوفراً في السوق، فالمادة شحيحة كما يزعم أصحاب المحطات، معيدين السبب الى الشركات التي لا تسلمهم الا 10 بالمئة من حصتهم “وهي حصة لا تكفي ساعة واحدة وتنفد”. يؤكد صاحب إحدى المحطات أنه فضّل عدم فتحها بالرغم من تسلّمه البنزين خشية وقوع اشكال بين المواطنين، وتحجّج بعطل طارئ في ماكيناته، وعلّل السبب بأنه لم يقوَ على ردع غضب الناس.

وفيما تتجه الازمة نحو التفاقم أكثر، يبدو أن كل المصالح ستتعطّل، وبدأت الشوارع تفرغ من السيارات الا من الطوابير، فالموظف يحتاج 4 ساعات ليصل دوره لملء خزّان سيارته، ما يعني أن دوامه انتهى على المحطة. الطبيب الذي يكون على عجلة من امره وينفد وقوده لا يجد البنزين، فهو غير مدرج على لائحة الاستثناءات، في حين يتوفر البنزين “سوق سوداء” والتنكة وصلت الى 60 ألفاً، وهو ينشط ليلاً، بعيداً من اعين الناس العطشى لقطرة بنزين يصعب إيجادها.