عمل مصلّحي الخلَوي يزدهر.. “التلفون أهمّ من اللحمة”!

كتبت يارا سعد في “الأخبار”:

«المشهد عندي مخيف» يقول أبو علي، مُشيراً إلى عدد الهواتف التي تحتاج إلى صيانة في محلّه. كثيرون أخيراً أصبحوا يعتمدون خيار «الترقيع»، بعدما فقدوا قدرتهم على شراء هاتف جديد بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار.

انتشار فيروس كورونا، وإغلاق المدارس والجامعات، ونقل الدروس إلى «العالم الافتراضي»، أكسبت الهواتف الذكيّة أهميّة جديدة، وبطبيعة الحال أدّى ازدياد استعمالها الى ازدياد احتمالات تعطّلها. فـ«الطّفل مهما حافظ على الجهاز واحترمه، سيقع من يده وينكسر، أو سيتعطّل أيّ شيء فيه»، وفق أحد أصحاب محال تصليح الهواتف.

أسماء اضطرّت إلى تصليح شاشة هاتف ابنها ثلاث مرّات، «اشترينا الهاتف بـ 300 ألف ليرة (200 دولار قبل الأزمة)، ودفعنا في كلّ مرّة بين 40 و50 دولاراً». قبل أيّام، انكسرت الشاشة مجدداً، فقرّرتْ أن تشتري هاتفاً جديداً لابنها الذي «يتابع دروسه يوميّاً عبر هاتفه. وهو طوال اليوم في البيت ويحتاج إلى التواصل مع أصدقائه ليتسلّى»، علماً بأن هذه لم تكن «النكسة» الأولى، فقد تعطّلت شاشة اللوح الذكيّ الخاصّ بابنتها، وكلّف تصليحها 430 ألف ليرة بعدما اشترته بـ 600 ألف ليرة (400 دولار). و«كلما ذهبنا إلى محل قال صاحبه هذه الشاشة أصليّة، لكنّها تنكسر لأتفه سبب».
يُرجع محمّد الذي يعمل في تصليح الهواتف سبب «طقّ الشاشة وتعطّلها» إلى سببين، الأوّل أنّ الزّبون يختار الشاشة الأرخص، وهذه فرص تعطّلها أكبر لأن «كلّ شيء بسعرو بالآخر». والثاني أنّ المصلّح «يضحك على الزبون» فيبيعه «شاشة تقليد» على أنّها أصليّة. ويقرّ بأنّ بعض العاملين في هذا المجال يرفعون أسعار قطع تصليح الهواتف بشكل جنوني: «أحد الزبائن ركّب شاشة في أحد المحال بـ 130 دولاراً، عندما فحصتها تبيّن لي أنّها ليست أصليّة وسعرها 60 دولاراً».

صيانة الهواتف تشمل في الغالب الشاشة ومكبّر الصوت والبرمجة وغيرها، إلّا أنّ «أبو علي» لاحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع الطلب على الشاشات، «وكله من التعصيب والضغوط، يفشّ الشخص خلقه بهاتفه، ثمّ يركض لإصلاحه ودفع ما فوقه وتحته». ويؤكد أنّ الناس على استعداد للتخلّي عن الطعام لإصلاح هواتفهم «الهاتف بات أهم من اللحمة، فإذا ذهبنا إلى اللحام قد يقول لنا إنّ البيع صار خفيفاً في الفترة الأخيرة، لكن نحن، محالّ تصليح الهواتف، لا مجال». وبرأيه، «هذا طبيعيّ جدّاً. ففي مجتمع لا يجد الإنسان فيه متنفّساً له إلا الهاتف والإنترنت، حيث يفرض شخصيّته الافتراضيّة، لن يتخلّى عمّا يجعله حيّاً وموجوداً ولو على حساب الطعام».