جاء في “المركزية”:
عشية دخول البلاد شهر أيار المفصلي في مسألة رفع الدعم، يستمر الجمود في ملف تشكيل الحكومة في موازاة الكلام عن انفجار شعبي في الشارع.
الاسبوعان الأخيران أقفلا على ملفي اقتحام القاضية غادة عون شركة مكتف للصيرفة وقرار المملكة العربية السعودية منع ادخال الصادرات الزراعية اللبنانية إلى أراضيها بعد كشف عملية تهريب أطنان من حبوب الكبتاغون بالرمان. في المحصلة ليست قصة رمان ملغوم بالمخدرات إنما قلوب مخدّرة إلى درجة أنها لا تزال مقتنعة أن اتصالا هاتفيا من قبل وزير الداخلية محمد فهمي الذي أوكل إليه ملف التواصل مع السعودية يعني أن الأمور بدأت تعود إلى ما كانت عليه قبل عملية التهريب، أو أن إلقاء القبض على “اسكوبار المخدرات” في لبنان والذي يحظى بغطاء أمني حزبي سيعيد ترتيب الأوراق بين السعودية ودول الخليج من جهة ولبنان من جهة ثانية. أو أن الوعد بإعادة تركيب ٢١ سكانر على المعابر كما أكد الرئيس ميشال عون أمام أعضاء جمعية الصناعيين الذين زاروه امس سيبرد قلوب المزارع الذي بات على قناعة بأن محاصيله الزراعية باتت مجرد رمانة ملغومة.
ملفات أغرقت لبنان واللبنانيين بسيناريوهات وتركيبة أفلام هوليوودية. فيما الأهم تشكيل حكومة.هل تتذكرون؟هل ثمة من يجرؤ على الوقوف ويصرخ مرتا مرتا تتلهين بملفات وملفات والمطلوب واحد؟
مصادر مقربة من بعبدا أوضحت لـ “المركزية” أن الحكومة محجوزة بموجب التكليف الدستوري الذي يملكه الرئيس المكلف سعد الحريري في جيبه “فهو صاحب الصلاحية لتقديم صيغة حكومية لرئيس الجمهورية ومناقشتها معه بحسب مقتضيات الدستور. وطالما أن الرئيس المكلف لم يبادرحتى اللحظة لتقديم صيغة إلى رئيس الجمهورية لن تكون هناك حلحلة في ملف تشكيل الحكومة لأنه الوحيد المخول بذلك بموجب الدستور”.
واضح أن ثمة ما يعيق الرئيس المكلف من تقديم الصيغة لفك شيفرة عقدة التشكيلة الحكومية . وإذ تعتبر المصادر أن الجواب اليقين هو عند الرئيس المكلف، إلا أنها ترجح أن تكون الأسباب المانعة مرتبطة بالمرجعية الإقليمية التي لا تزال أبوابها موصدة في وجهه، والمقصود بذلك أبواب المملكة العربية السعودية. وإذا كان ثمة أسباب داخلية فهي في نهاية المطاف مرتبطة بالخارج.
هل يرضى الحريري بتشكيل حكومة تحظى برضى حزب الله أم لا؟ هنا السؤال الأهم بحسب المصادر. فعقدة الخارج مرتبطة بالسعودية، وعقدة الداخل ترتبط بحزب الله ما يفسر أسباب العرقلة في هذه اللحظة المفصلية التي تحصل فيها إعادة تجميع أوراق على مستوى المنطقة، تضاف إليها المفاوضات بين إيران والسعودية… وقد تكون الخشية من الشروط التي سيفرضها صندوق النقد الدولي على لبنان وتهيبه من عدم القدرة على إيفائها.
إزاء هذا الكم من الأسباب المرجحة تستغرب الأوساط عدم مصارحة الرئيس المكلف اللبنانيين بالأسباب التي تحول دون تمكنه من تشكيل الحكومة “فيكتفي بتوجيه السهام من الخارج، تارة إلى رئيس الجمهورية وتارة أخرى إلى رئيس التيار الوطني الحر. والثابت أنها ترتد عليه بدليل موقف الإمتعاض الذي صدر عن حاضرة الفاتيكان على خلفية التصريح الذي أدلى به الحريري من على منبرها عقب لقائه البابا فرنسيس” والكلام دائما للمصادر.
لا خلاف ولا اختلاف على أن المشكلة الأساسية مرتبطة بعدم تشكيل حكومة في لبنان، وأي علاج من دونها هو بمثابة الهروب إلى الأمام. فهل تكون الملفات القضائية والأمنية بهدف إلهاء الرأي العام فيما طبخة رفع الدعم الجزئي تبدأ مطلع الشهر الجاري على أن يرفع تدريجا وبالكامل في نهايته؟ “من قال إن شهر أيار سيكون مفصليا في مسألة رفع الدعم، ومن يؤكد أن انفجارا شعبيا سيحصل في الشارع ويشكل منطلقا لتسوية ما؟” تسأل المصادر المقربة من بعبدا وتختم: “حاكم مصرف لبنان يأتمر بأوامر السلطة السياسية وليتحمل مسؤولية نتائج أي قرار يتخذه”.