جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية أنّ ثمة شبهات تحوم حول الدور الذي تلعبه شركة “ألفاريز أند مارسال” بالتنسيق مع أركان في عهد الرئيس ميشال عون، وذلك على خلفية احتمال ضلوعها في “فساد” ما مقابل قبولها بالاستمرار في مفاوضات وإعلان استعدادها لاستقبال مستندات رسمية لبنانية، وذلك رغم سقوط عقدها السابق مع الدولة اللبنانية ومغادرتها لبنان وإعلانها عدم رغبتها في الاستمرار.
وأكّدت المصادر الدبلوماسية لوكالة “أخبار اليوم” أن ثمة ملفاً قيد الدرس لإمكان التحقيق مع المسؤولين في مكتب “ألفاريز أند مارسال” في فرنسا حول كل شبهات الفساد التي أثيرت ضمن القنوات الدبلوماسية لمعرفة حقيقة ما يجري، وخصوصاً في ظل معلومات عن تواصل دائم بين محيطين برئيس الجمهورية من معرّضين لإدراجهم على لوائح العقوبات وبين مسؤولين في الشركة.
في الموازاة، تشرح مصادر قانونية في لبنان أن ما يجري من اجتماعات بين وزارة المال ومصرف لبنان من جهة ومسؤولين في “ألفاريز أند مارسال”، واحتمال إرسال مستندات لبنانية مالية ومصرفية رسمية إلى مكاتب الشركة في دبي بعد رفض مندوبها القدوم إلى لبنان بذريعة فيروس كورونا، إنما يشكل انتهاكاً خطيراً للدستور اللبناني والقوانين المرعية الإجراء بمعرفة الشركة التي فضلت انطلاقاً من هذا الواقع عدم المجازفة بالعودة إلى لبنان وخصوصاً أن ثمة نقاطاً قانونية خطيرة تعتري استمرار الشركة في ما تقوم به، ما قد يورّطها في عواقب وخيمة.
ومن هذه النقاط الإشكالية، بحسب المصادر القانونية، أن توقيع عقد جديد مع “الفاريز أند مارسال” يحتاج الى تفويض جديد من مجلس الوزراء وهذا لا يمكن ان تفعله حكومة تصريف أعمال، وخصوصاً أن العقد السابق كان ينص على مدة عشرة اسابيع فقط، وقد تم توقيعه في أيلول 2020، وبالتالي فقد مرت المهلة المنصوص عنها، وأي مهمة جديدة قد تستغرق فترة طويلة قبل اتمامها ما يجعل الشركة بحاجة لتفويض جديد من حكومة جديدة وفاعلة. كما أن أي تجديد أو تمديد لمهلة العقد سيرتب اعباء اضافية على الدولة لا يمكن تحديدها مسبقا، ولا قدرة لها على تحمل نفقاتها.
وتشير المصادر القانونية إلى أن العقد السابق لم يتضمن توصيات هيئة التشريع والاستشارات رقم ٦٤٩/٢٠٢٠ والتي اشترط قرار مجلس الوزراء ادخالها الى العقد كشرط لتفويض وزير المالية بالتوقيع، ما يعني أن العقد الموقع أساساً يشوبه عيب فاضح يسمح بالطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة.
أما الفضيحة الكبرى – تتابع المصادر- فتتمثل في أن الدولة في العقد الموقع تعتبر أن أعمال الشركة لا تشكل تدقيقا او مراجعة أو أي نوع آخر من المشاركة والابلاغ عن البيانات المالية التي تخضع لقواعد المعهد الاميركي للمحاسبين القانونيين المعتمدين والمعايير الدولية للمراجعة. كما ان تقرير شركة “ألفاريز أند مارسال” لا يمكن الاعتداد به أمام المحاكم، أي انه لا يمكن مع إصدار التقرير النهائي استرداد الاموال المنهوبة او القاء القبض على المتهمين بعمليات تهريب، لأن هذا الإجراء يتطلب ادعاء امام القضاء وصدور حكم مبرم، في حين أن اللبنانيين يعرفون أن القضاء معطّل بسبب تعطيل التشكيلات القضائية، وخصوصا أن مجلس القضاء الأعلى مهدد بالتعطيل أيضاً بفعل خروج عدد من أعضائه إلى التقاعد في شهر أيار المقبل ولا حكومة موجودة لتعيّن بدلاء عنهم. والخلاصة أن لا قضاء موجوداً لمواكبة عمل التدقيق الجنائي عند حصوله ما يجعله فارغاً من أي مضمون إن كانت النيّة سليمة خلفه.
وتلفت المصادر القانونية عينها إلى أن شركة “ألفاريز أند مارسال” ضمّنت العقد بنوداً تسمح لها بإنهاء العقد بإرادتها ومن جهتها منفردة، وهذا يتنافى مع مفهوم العقود الادارية التي تستوجب على الشركة انهاء العمل وتقديم تقرير مفصّل.
وتضيف المصادر القانونية أن العقد الموقّع سابقاً يتضمّن أنه بسبب ظروف جائحة كوفيد-19 قد تضطر شركة الفاريس ومارسال الى معالجة الملفات عن بُعد، وهذا يعني أن كل الملفات الشديدة الحساسية ستخزن خارج لبنان، ما يهدّد بتسريبها إلى كل الجهات التي تسعى للإساءة إلى لبنان، سواء حصل التسريب من الشركة مباشرة أو خلال عملية النقل إلى الخارج، وهذا ما ترفضه اي دولة ذات سيادة، فكيف تجاوزت الحكومة اللبنانية هذا الأمر؟ ولماذا لا تعمل شركة “ألفاريز أند مارسال” من قلب بيروت؟ وهل الخطر بسبب فيروس كورونا في بيروت أعلى منه في دبي؟
وتختم المصادر القانونية بالتأكيد أن كل الإشكاليات القانونية تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول خلفية استمرار الشركة في التفاوض والاجتماعات وهي تدرك أنها لن تُكمل عملها، وحول ما إذا كان المطلوب فقط الحصول على مستندات سرية لبنانية تخرق السرية المصرفية لبيعها في “سوق سوداء” لمن يستطيع ان يمارس عندها عمليات الابتزاز، فتكون شبكة الفساد وصلت عندها إلى الشركات العالمية!