الحركة الدبلوماسية: إنّه الإنذار الأخير…

جاء في “المركزية”:
الاستنفار الدبلوماسي على أشده على الساحة اللبنانية. البلاد، قلّ أن شهدت حركة لقاءات وزيارات للسفراء الاجانب، كتلك التي نرى اليوم. هؤلاء لا يهدأون، يصولون ويجولون على القيادات المحلية واصلين الليل بالنهار، ومَن لم يزر احدا يُصدر بيانا او يغرّد، في “دينامية” غير مسبوقة، هدفُها واحد: حث المسؤولين على تأليف حكومة، والتحذير من الأسوأ الآتي حتما وبسرعة اذا استمرت المماطلة.
امس، زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، قبل ان تنتقل الى بيت الوسط للقاء الرئيس المكلف سعد الحريري. في الموازاة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، القائمة بمقام المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان منسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي التي كانت زارت بعبدا مطلع الاسبوع، وتم البحث في الأوضاع العامة وآخر المستجدات، لا سيما السياسية والإنسانية. وبعد ظهر الخميس ايضا، التقى بري السفيرة الفرنسية آن غريو، بناء على طلبها، وفق ما اعلن المكتب الاعلامي في الرئاسة الثانية، حيث تم عرض الأوضاع العامة، خصوصا التفاصيل المتعلقة بالملف الحكومي والمعوقات التي تحول دون انجاز تشكيل الحكومة، وتم التشديد على وجوب الإسراع في تشكيل حكومة يتمكن من خلالها لبنان من معالجة أزماته، وفقا لما نصت عليه المبادرة الفرنسية.  واستمر اللقاء ساعة، ثم غادرت السفيرة الفرنسية من دون الإدلاء بتصريح.
بالتزامن، كانت السفارة البريطانية تعلن في تغريدة على حسابها عبر “تويتر”، أنّ “القائم بالاعمال البريطاني في لبنان مارتن لونغدن تحدث مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بصراحة شديدة حول القلق العميق على لبنان”. وأضاف لونغدن “يرقص القادة السياسيون على حافة الهاوية، وعلى جميع الأطراف تحمّل المسؤولية والتحرك”. وحذر من ان “البديل الوحيد من ذلك هو كارثة لا يستطيع أصدقاء لبنان منعها، هذا هو الخيار”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، ينشط الدبلوماسيون لتوجيه ما يشبه “الانذار الاخير” الى لبنان وقادته، بأن الانفجار الاجتماعي المعيشي الاقتصادي، وشيك، وبأن الارتطام بالقعر سيكون مؤلما جدا وسيصعُب القيامُ من بعده. وهم يحثّون اهل الحكم على التصرّف، وعلى التعالي على خلافاتهم وانانياتهم فيؤلّفون حكومة المهمة، بعيدا من شروطهم وحساباتهم الشخصية والفئوية، كي تبقى فرصة الانقاذ قائمة، عبر المجتمع الدولي وصندوق النقد. اما اذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم أوّلا، فإن عملية التعافي بعد السقوط المدوّي الآتي، ستكون شبه مستحيلة. ووفق المصادر، وفي ضوء دعوة السفيرة الاميركية الى “التسوية”، فإن الخارج ليّن شروطه لناحية “شكل” الحكومة و”طبيعتها”، الا انه لن يرضى طبعا بحكومة يُمكن لفريق سياسي تعطيلها والتحكّم بقراراتها. ومن هنا، فإنه يركّز على ضرورة الاقلاع عن الشروط التي باتت العواصم الكبرى ترى ان “الفريق الرئاسي” هو، لا سواه، يضعها في درب التشكيل.
وفي انتظار معرفة ما اذا كانت هذه النداءات والتحذيرات ستلقى آذانا صاغية لدى المعرقلين، تقول المصادر ان السفراء وعواصمهم، ينسّقون في ما بينهم ويتباحثون في ما يمكن فعله لخلق شبكة امان بـ”الحد الادنى” للشعب اللبناني “المخطوف” المغلوب على امره، عبر ضمان استمرار وصول المواد الاولية والسلع الحيوية والادوية اليه، وهي تكاد تنفد اليوم مع شح الدولار من جهة، وتردي الاوضاع المعيشية من جهة ثانية.
الحركة الدبلوماسية المحلية تترافق واتصالات دولية عربية – غربية – اممية محورُها لبنان ايضا. غير ان الخشية كبيرة من ان يتمخّض الجبل ويلد “فأرا”، اذا كانت مسببات الأزمة الحكومية، لبنانيةً في الظاهر، لكن اقليميةً – ايرانية في الباطن… لكن حتى ولو كانت هذه هي الحال، فإن رئيس الجمهورية والحريري، قادران على إحباط هذا المخطط، اذا قدّما حسهما الوطني والمصلحة اللبنانية العليا، على كل شيء آخر.. فهل يفعلان؟