الوساطات كشفت حقيقة الأزمة: التعطيل “إقليمي – إيراني”!

كتبت “المركزية”:

حتى الأمس القريب، كانت المعطيات المتوافرة في شأن الملف الحكومي، تعزو في معظمها، اسباب التعثر المتمادي فصولا منذ أشهر، الى الخلاف المستفحل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه التيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل من جهة، والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة أخرى. وعليه، تحركت الوساطات المحلية والخارجية لمحاولة ردم الهوة بين بعبدا وبيت الوسط، علّ هذا التقارب يفك أسر الحكومة المطلوبة بالامس قبل اليوم… فكان ان تحرّك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على خط الطرفين، ساعيا الى تقليص حجم الخلافات بينهما والى خلق أرضية تفاهم تساعدهما على اعادة احياء محادثات التأليف المتوقفة منذ اسابيع، وتحديدا منذ ايداع الرئيس المكلّف الرئيسَ عون مسودة حكومية وضعها بنفسه. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، لم تكن باريس بعيدة عن مساعي بكركي، بل واكبتها عبر الخلية التي شكّلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وأناط بها مهمة متابعة مسار المبادرة الفرنسية. وقد كثّف مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، نشاطه لبنانيا، خلال هذه الفترة، وركّز ايضا على بعبدا وميرنا الشالوحي وبيت الوسط، محاولا دفعها الى وضع المياه في نبيذ شروطها.

 

وفيما كل هذه المحاولات لم تفلح، ولم تتمكن من تحقيق خرق في الجدار الحكومي المسدود، اكتشف أصحاب المساعي التوفيقية ان اسباب العقم ليست محلية فقط، محصورة بتباعد عون – الحريري، بل هي اقليمية ايضا، وان العامل الخارجي له تأثير يضاهي الداخلي لا بل يتخطاه، بحيث تكاد تكون عقدة بعبدا – بيت الوسط، مجرّد “واجهة – غطاء” للفيتو الخارجي الذي يشكّل اكبر العقبات امام ولادة الحكومة اللبنانية… ومن هنا، رفع الراعي الصوت ضد هذا الواقع، في رسالة الميلاد ثم في عظة يوم العيد الجمعة، قائلا “تفاجأنا بتعطيل خطط الإصلاح والمبادرات الدولية وتوقعنا أن يسرع المسؤولون في تأليف حكومة تكون في مستوى التحديات فتفاجأنا بوضع شروط وشروط مضادّة ومعايير مستحدثة بربط التأليف بصراعات المنطقة والعالم”، مضيفا “إذا كانت أسباب عدم تشكيل الحكومة داخلية فالمشكلة عظيمة وإذا كانت خارجية فهي أعظم لأنّها تفضح الولاء الى الخارج”. الامر عينه توقّف عنده رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط امس، ففيما لم يتردد في تحميل عون والحريري مسؤولية التأخير الحاصل، لم ينكر دور ايران ايضا، قائلا “القوة المركزية في لبنان، يعني إيران متمثّلة بحزب الله تنتظر استلام الرئيس المنتخب الجديد جو بايدن للتفاوض معه، على الملف اللبناني، الصواريخ، العراق، سوريا، اليمن، هم مرتاحون في وقتهم، وفي الأثناء، نرى كيف يستفيدون من الفراغ في لبنان”. وفي السياق، سجلت تغريدة لافتة لممثل الامين العام للامم المتحدة يان كوبيش جاء فيها “الوضعان الاقتصادي والمالي إضافة الى النظام المصرفي حال من الفوضى، السلم الاجتماعي بدأ بالانهيار، الأحداث الأمنية باشرت الارتفاع، الهيكل اللبناني يهتزّ، أما القادة السياسيون فينتظرون بايدن. لكن، هذا لبنان، وليس الولايات المتحدة”.

 

البعدُ الاقليمي- الايراني للازمة الحكومية اللبنانية، بدأ يتخذ أشكالا أوضح، تتابع المصادر، وقد لمس العاملون على خط الوساطات في الداخل والخارج، لمسَ اليد، قرارا لدى فريق العهد – حزب الله، بإبقاء الحكومة معلّقة الى أجل غير مسمى، حتى تقرّر “الجمهورية الاسلامية” الافراج عن ورقتها بعد ان ترى كيف سيتعاطى الرئيس الاميركي المنتخب معها ومع ملفّها النووي. ومع ان الحزب لا ينفك ينكر ربطه الحكومة بتطورات الاقليم، تقول المصادر: اذا اتفق عون والحريري اليوم، ستولد عقدة جديدة تحول دون التشكيل حيث سيعود الحزب الى طرحه الاساس: “نريد حكومة لا تتجاوز نتائج الانتخابات النيابية ونختار فيها وزراءنا”. لكن لا حاجة اليوم ليضع نفسه في هذا الموقع، لأن فريق بعبدا – التيار تكفّل بالمهمة!