كتبت عزة الحاج حسن في “المدن” تحت عنوان ” هل توقف الصرافون عن تحويل الدولارات؟”:
” على مدار الأشهر الماضية تقلصت أعداد المستفيدين من المواطنين من التحويلات المالية إلى الخارج بالدولارات المدعومة عبر الصرافين. فبعد اعتماد مصرف لبنان منذ أشهر آلية تأمين الدولارات لبعض الفئات ذات الحاجة الماسة للدولار عبر صرافي الفئة “أ” وفق سعر المنصة الإلكترونية، ارتأى الصرافون حينها في تعميم صادر عن نقابة الصرافين، تحديد سقوف التحويلات الشهرية للعمال الأجانب بـ300 دولار، ولتذكرة السفر بـ1000 دولار كحد أقصى ولمرة واحدة سنوياً، ولقسط الجامعة خارج لبنان بـ 2500 دولار، ولأقساط منازل في لبنان بـ 1000 دولار شهرياً، ولأقساط دين بالدولار في لبنان بـ500 دولار بالحد لأقصى، ولسداد إيجار سكن الطالب في الخارج بـ1000 دولار، لكن تدريجياً تقلّصت سقوف التحويلات وتراجعت أعداد المستفيدين.
ومؤخراً اقتصرت التحويلات المالية إلى الخارج على رواتب العمالة الأجنبية فقط وبقيمة لا تتعدى 200 دولار لكل عامل أجنبي، لتتقلص أكثر فأكثر لاحقاً وتصل إلى 100 دولار فقط. وترافق ذلك مع توقف تام للصرافين عن تحويل الدولارات إلى الخارج واستمرار عدد قليل جداً منهم يكاد يقتصر على صراف واحد في كل منطقة، فما الذي حصل؟ وهل يتوقف الصرافون كلياً هذا الأسبوع عن تحويل الدولارات إلى الخارج؟
خفض السقوف
حين بدأ الصرافون من الفئة “أ” يحوّلون الدولارات إلى الخارج وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية (3900 ليرة للدولار) كانت المبالغ المسلّمة لكل صرّاف منهم من مصرف لبنان تقارب 800 ألف دولار يومياً، وتقلّصت تلك المبالغ تدريجياً لاسيما بعد استئناف مصرف لبنان تسليم الدولارات المحوّلة من الخارج عبر شركات تحويل الأموال (OMT وWestern Union وغيرها) إلى أصحابها بالدولار نقداً وليس بالليرة وفق سعر صرف المنصة الإلكترونية. وهذا ما أضعف قدرته على التدخل لدعم الدولار المحوّل إلى الخارج، أو بالأحرى أضعف قدرة البنك المركزي على ممارسة عملية “تركيب طرابيش”. وبالنتيجة خفض مصرف لبنان المبالغ المسلّمة إلى الصرافين والمخصّصة للتحويل إلى الخارج من نحو 800 ألف دولار إلى نحو 30 ألف دولار، قبل أن تخفض خلال الشهر الفائت إلى 20 ألف دولار لكل صراف.
أما حالياً فمن المتوقع أن يتوقف الصرافون كلياً عن تحويل الدولارات إلى الخارج بعد أن وصل بريد إلكتروني إلى النقابة من مصرف لبنان يوم الجمعة 11 كانون الأول، يبلغ فيه الصرافين بأن المبالغ المحدّد تسليمها جرى خفضها مجدداّ من 20 ألف إلى 10 آلاف دولار يومياً لكل صراف، وهو مبلغ لا يكفي لربع طلبات التحويل المقدّمة من المواطنين وفق ما يؤكد نقيب الصرافين محمود مراد في حديث إلى “المدن”. وعندما انخفضت تحويلات مصرف لبنان إلى حوالي 20 ألف دولار لكلّ صراف يومياً انسحب عدد كبير من الصرافين، لأن هذا المبلغ لا يكفي لتحويلات العمال في الخدمة المنزلية، علماً أن باقي التحويلات توقفت وجرى خفض سقف التحويل للعاملات الأجنبيات إلى 100 دولار للعاملة، ورغم ذلك لم تكن المبالغ لتكفي غالبية الطلبات، “لذلك بات التوقف نهائياً عن عملية التحويل أفضل من الإستمرار بهذا الشكل” يقول مراد، ويسأل كيف سنقسم أموال التحويلات، 50 دولار لكل طلب؟ وماذا نقول لأصحاب الطلبات المقدّمة والتي لن يطالها التحويل لتضاؤل المبالغ المسلّمة من مصرف لبنان؟
لا رقابة
وإذا كان بعض الصرافين يحرصون على تحويل الدولارات المسلّمة من مصرف لبنان إلى الخارج لصالح العمال الأجانب، فإن بعضهم الآخر لا يتردّد في الاتجار بتلك الدولارات في السوق السوداء. ووفق مصادر “المدن” فإن أحد الصرافين من الفئة “أ” يبيع الدولارات بسعر السوق السوداء ويتهرّب من تحويل الأموال لصالح العمالة الأجنبية، باستثناء الطلبات المحسوبة على المقرّبين منه. ومثل هذا الصراف كثر. لكن كيف يمكن ضبط تلك الممارسات ومراقبتها؟ يرى مراد أن آلية المراقبة شبه معدومة، “حتى اقتراح القانون الذي يخوّل النقابة ضبط تلك الممارسات لم يتم إقراره حتى اللحظة”، أضف إلى ذلك غياب الرقابة من الجهات المعنية حالياً.
بالنتيجة قد تتوقف آلية تحويل الدولارات قريباً لشح الدولارات لدى مصرف لبنان بالدرجة الأولى، إضافة إلى ممارسات بعض الصرافين غير القانونية والمساهمة في تضييع ما تبقى من دولارات. ويتخوف البعض من أن التوقف الكلي عن التحويلات قد يزيد الضغوط على العملة الوطنية لاحتمال ارتفاع الطلب على الدولار أكثر لتأمين التزامات رواتب العمالة الأجنبية”.