مرت 6 اشهر على إبلاغ شركة «سوناطراك» الجزائرية وزير الطاقة ريمون غجر عدم رغبتها بتجديد العقد مع لبنان لاستيراد الوقود لمصلحة «مؤسسة كهرباء لبنان» الذي ينتهي في 31 كانون الأول المقبل، وحتى الان لا بديل منها. فماذا سيكون حال الكهرباء اعتباراً من مطلع العام، وهل نحن متجهون نحو العتمة الشاملة ام انّ الحلول ستجهز في حينه «بحكم الأمر الواقع»؟مع انتهاء عقد «سوناطراك» مع الدولة اللبنانية نهاية العام الجاري تُطرح علامات استفهام عدة حول مخطط وزارة الطاقة لتأمين التغذية.
المنطق يقضي بضرورة تأمين عقود جديدة تلبّي حاجة السوق اللبناني وتؤمّن استدامة تشغيل المعامل لتأمين الكهرباء، إلا أنّ هذه الخطوة لم تتحقّق لأنّ دفتر الشروط الخاص بالمناقصة لم يجهز بعد.
في حزيران الماضي، كلّفت الحكومة وزير الطاقة مهمة إجراء اتصالات مع عدد من الدول التي يهمها التعاون مع لبنان لشراء فيول الوقود وغاز الوقود، ومن يومها أعلن غجر انه في صدد تحضير دفتر شروط هو في مراحله الأخيرة للإعلان عن المناقصة، وأُرفقت هذه المقررات بتعميم من رئيس الحكومة حسان دياب يطلب فيه «من جميع الادارات العامة والمؤسسات العامة اعداد الملفات العائدة للمناقصات قبل 6 اشهر من موعد انتهاء الالتزام الحالي، تمهيداً لإحالتها الى ادارة المناقصات».
الّا انّ أولى المراسلات من وزارة الطاقة الى دائرة المناقصات بدأت في 9 تشرين الأول، عندما ارسلت مشروع دفتر شروط لإبداء الملاحظات عليه، وكرّت بعدها سبحة المراسلات لإبداء الرأي التي لم تتحول حتى الساعة بعد الى دفتر شروط، فما هي المعوقات التي تحول دون تحوّل هذه الملاحظات الى دفتر شروط؟ وما الذي يؤخر انطلاقها؟ وهل من خطة «ب» تعتزم وزارة الطاقة اللجوء اليها اعتباراً من مطلع العام لتأمين التغذية للمواطنين؟في هذا السياق، أكد رئيس إدارة المناقصات جان العلية ان المناقصة لا ترسل الى إدارة المناقصات قبل شهر إنما قبل عام على الأقل، خصوصاً انّ العقد مع «سونطراك» انتهى منذ مدة ويجري التمديد له بطريقة غير مشروعة، لكن مع ذلك نحن لم نستلم حتى الآن أيّ دفتر شروط كامل موقّع من وزير الطاقة ريمون غجر (المرجع الصالح للعقد)، إنما استلمنا كتباً عدة لإبداء الرأي في بنود واردة في دفتر الشروط، وما يحصل انه بعد الإجابة عن بنود معينة نعيد إرسالها الى وزارة الطاقة التي تغيب لفترة ثم تعود بمقترحات جديدة بهدف إبداء الرأي.
وما بين يديّ حالياً كتاب بمقترحات جديدة استلمتها يوم الجمعة، وسأعيدها بعد إتمام الملاحظات عليها في اليومين المقبلين.أسِفَ العلية لأن لا جدية حتى الساعة لمعالجة الموضوع، ولا تجاوب مع ملاحظات إدارة المناقصات بشكل كامل، إنما التجاوب يتم بشكل انتقائي وكلما أبدّينا رأينا بملاحظة ينبّت بند جديد لإضافته الى دفتر الشروط الذي لم يكتمل بعد، وكل المعطيات تشير الى أن لا رغبة لدى وزارة الطاقة في تحقيق مناقصة ناجحة، إنما مناقصة يستحيل الاشتراك فيها، ليُقال بعدها تقدمنا بدفتر شروط لإجراء مناقصة الا اننا لم نتوصل الى نتيجة.
ورأى انّ هناك توجهاً، إمّا لوضع شروط تعجيزية بشكل يصعب على أحد التقدّم الى المناقصة، او المماطلة للاعتماد لاحقاً على spot cargo بحُكم الامر الواقع.
ورداً على سؤال، اكد العلية ان لا نية جدية لدى وزارة الطاقة لإجراء مناقصة الا اذا تمكنت من الضغط على إدارة المناقصات لتمرير دفتر شروط مَرن ومتحرّك وتعجيزي، بحيث يمكن من خلاله التحكّم بالمشاركين في المناقصة وهذا الأمر لن يمر، وما يؤكد على ذلك ان لا مستند ولا دفتر شروط بين أيدينا حتى الساعة موقّعاً من الوزير المعني يطلب إجراء المناقصة، مع العلم انّ العقد ينتهي نهاية الشهر الجاري.
ورجّح العلية ان يكون من الحلول التي تنوي وزارة الطاقة اللجوء اليها في المرحلة المقبلة الطلب قانوناً من «سونطراك»، وبحكم استمرارية المرفق العام، ان تستمر في تأمين الوقود لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان كي لا تغرق البلاد في العتمة فيستمر العمل بالعقد القديم، أو اللجوء الى البواخر الجاهزة في البحر spot cargo، وفي هذه الخطوة تهرّبٌ من دفتر الشروط وإجراء المناقصات بحيث لا أحد يعلم نوعية الوقود الذي تمّ شراؤه ولا مصدره.وأكد العلية انه في حال وقع الضرر على الاقتصاد والكهرباء والقطاع العام والمستشفيات نتيجة عدم تأمين التغذية بعد 31 كانون الأول 2020، فإنّ من يتحمّل مسوؤلية ذلك تكون الجهة التي تَتلكّأ عن القيام بموجباتها لناحية إعداد دفتر شروط شفّاف وإرساله الى إدارة المناقصات لإطلاق مناقصة تأخذ بالاعتبار النقاط التي أفشلت العقد السابق، وضعف الرقابة فيه، والشروط المالية التي مَكّنت الشركة وبعض الفرقاء من الاثراء على حساب خزينة الدولة.
امّا اذا تأمّنت التغذية بعد هذا التاريخ بكلفة مضاعفة، فتتحمّل الجهة نفسها المسؤولية ويقع عليها التعقيب من أموالها الخاصة.