احترق جسد عالم الفيزياء الألماني “ألبرت آينشتاين” قبل 60 عاما؛ لكن حتى يومنا هذا يبقى دماغه الذي حير العالم مقسما إلى 240 جزءا في مختبرات العلماء حول الولايات المتحدة الأميركية، حيث لفظ “آينشتاين” أنفاسه الأخيرة في ولاية “نيوجيرسي” قرابة الواحدة صباحا في نيسان من عام 1955.قبل أن تفكر حتى في ماهية الشعور حول امتلاك أحد أجزاء هذا “الدماغ الفذ” عليك الاطلاع أولا على قصة طبيب التشريح “توماس هارفي” الذي سرق “دماغ” صاحب النظرية النسبية التي غيرت العالم؛ فتغير عالمه وفقد كل شيء قبل موته بـ”لعنة آينشتاين”.سارق “آينشتاين” من طبيب كبير إلى عامل في مصنع بلاستيكلا يعلم أحد حتى اليوم، إذا كان الطبيب الألماني محباً للعلم ولديه رغبة في تسجيل اسمه على أحد أهم الاكتشافات العلمية، أم أنه كان مهووساً بامتلاك “دماغ” عالم الفيزياء الشهير؛ لكن الشيء الأكيد أنه دفع ثمناً باهظاً منذ فجر موت “آينشتاين” وحتى آخر أيامه بعدما أفرغ جمجمته وسرق عقله.قرر “هارفي”- وهو أخصائي في علم الأمراض- وكان الطبيب المسؤول عن عملية تشريح جثة “آينشتاين” سرقة الدماغ الفذ قبل احتراق الجثة في اليوم التالي سراً، طبقا لرغبة العالم الألماني، وبدأت رحلة اللعنة، فبعد وقت قصير انتشر الخبر، وبالرغم من تمكنه من إقناع ابن “آينشتاين” بالإبقاء على “دماغ” أبيه من أجل تطوير المسيرة العلمية؛ إلا أنه خسر وظيفته كطبيب وخسر زوجته التي رفضت بقاءه جالساً أمام “دماغ” عالم الفيزياء الراحل ليلاً ونهاراً وترك منزله، ومن ثم أصبح عاملاً بسيطاً في مصنع للبلاستيك من أجل القدرة على دفع مصاريفه الخاصة.ماذا فعل “هارفي” بدماغ “آينشتاين”!أشرف “هارفي” على عملية تقسيم الدماغ إلى ٢٤٠ كتلة، ومن ثم كون ١٢ مجموعة من ٢٠٠ شريحة تحتوي على عينات أغشية مرتبة ومصنفة للكتل، وقام بتسليم العينات لأفضل علماء الأعصاب في خمسينيات القرن العشرين؛ ولكن “هارفي” لم يتلق رداً من هؤلاء العلماء إلا القليل.بطريقة أكثر دقة، يمكن القول بأنه رفض كافة النتائج التي أرسلها له العلماء والذين قالوا بأنهم لم يجدوا أي شيء مختلف بالدماغ عن أي دماغ عادي من “الأدمغة غير الذكية”، وقد عكست استنتاجات العلماء ما توصل إليه بالفعل “هارفي” عندما وزن دماغ “آينشتاين” لأول مرة، حيث وجده في حدود الـ ١٢٣٠ غراما، وهو ما يعتبر في أدنى الحدود الطبيعية للرجال بعمر “آينشتاين”.6 دراسات على دماغ العبقري الألماني باءت بالفشلفي عام ١٩٨٥، نشرت “ماريان دايموند” من جامعة كاليفورنيا، ورقة علمية في دورية علم الأعصاب التجريبي، أشارت بها إلى أن إحدى العينات الأربع للدماغ كانت تحتوي على خلايا دبقية أكثر مقابل كل عصبون أو خلية عصبية، مقارنة بمجموعة من الأدمغة التي تم دراستها، وتقوم الخلايا الدبقية بدور ربط وتثبيت الخلايا العصبية في أماكنها وتزويدها بالأكسجين والغذاء.في عام ١٩٩٦، نشر “بريت أندرسون” من جامعة “آلاباما” في برمنغهام دراسة حول “قشرة مقدمة الفص الجبهي” للدماغ، ووجد أن عدد الخلايا العصبية تقريباً يكافئ عدد الخلايا في مجموعة الأدمغة التي تمت دراستها، ولكن الخلايا كانت مرصوصة ومتقاربة من بعضها أكثر، وربما يسمح ذلك بمعالجة أسرع وأفضل للمعلومات في الدماغ.في ورقة بحثية أخرى من مجلة “لانسيت” الطبية نشرت عام ١٩٩٩، من قبل “ساندرا ويتيلسون” من جامعة ماكماستر في كندا، وجد بها أن الفصيص الجداري السفلي لدماغ “آينشتاين” كان أضخم من الطبيعي وبدا متحداً بشكل أفضل، وهي المنطقة المسؤولة عن المعرفة المكانية والتفكير الرياضي، وبحسب الدراسة ربما يرتبط شكل الدماغ بوصف “آينشتاين” لتفكيره حين قال: “يبدو أن الكلمات لا تلعب دورًا كبيراً، ولكن هنالك تلاعباً ترابطياً بين صور واضحة أو لا”.وفي عام ٢٠١٢، عملت عالمة علوم الإنسان البارزة “دين فالك” مع مجموعة من الصور التي لم يرها أحد من قبل لدماغ “آينشتاين”، وقالت إنها وجدت عدداً من الصفات غير المعتادة، وربما أكثر هذه الصفات إثارة للدهشة أن الدماغ يحتوي على “نتوء إضافي” في منتصف منطقة الفص الجبهي، وهو الجزء المستخدم لإنشاء الخطط وتكوين الذكريات القصيرة، فبينما يمتلك معظم الناس ثلاثة تلافيف في هذه المنطقة كان لدى “آينشتاين” أربعة.وفي الدراسة السادسة والأخيرة من قبل “فالك” أيضا عام ٢٠١٣، والتي درست الجسم الثفني، وهي حزمة من الألياف العصبية التي تصل وتربط بين النصفين الكرويين في الدماغ، وجد الباحثون أن الجسم الثفني أعرض من الأدمغة التي تمت دراستها من قبل، ما يشير إلى التواصل والتعاون بين النصفين الكرويين في الدماغ بشكل أفضل وأعلى.لكن هنا يظل السؤال الذي لا إجابة له.. هل هذه الصفات التي وجدها العلماء لدماغ “آينشتاين” تطورت من خلال نمط حياته التي كرسها في التفكير المتقدم أم أنها صفات ولد بها؟ في جواب عن هذا السؤال، قال عالم النفس “تيرينس هاينز” من جامعة باس: “لا يمكنك أن تأخذ دماغاً واحداً فقط لشخص مخلتف عن كل البقية لكي تقول لقد وجدت الشيء الذي يجعل صاحب هذا الدماغ عبقرياً”، مشيرا إلى أن العلماء المشاركين بهذه الدراسات مصابون بما يطلق عليه “الخرافات العصبية” لدماغ “آينشتاين”.
MTV