كتبت صحيفة ” اللواء ” تقول :
حتى ساعة متقدمة من ليل أمس، لم تكن مبادرة الرئيس سعد الحريري، بمساعدة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة على تسمية شخصية شيعية مستقلة لوزارة المال، التي اعترض عليها الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، باعتبارها شخصية تعني من أطلقها، قد فعلت فعلها، لدى “الثنائي الشيعي”، إذ سارعت قناة “المنار” (الناطقة بلسان حزب الله) إلى الاستنتاج من ان بيان الحريري، يفهم منه انه هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة وانه هو من يُشكّل الحكومة، معتبرة، نقلاً عن مصادر الثنائي الشيعي انه ما لم يتشاور الرئيس أديب مع الرئيس عون والكتل الأخرى، فلن يحصل تقدّم
..وقالت: “البيان (بيان الحريري)، يظهر بالشكل انه خطوة إلى الامام بينما هو خطوة إلى الوراء..”.
وفي السياق، اياه، تحدثت مصادر “الثنائي” انه يتمسك بتسمية الوزراء الشيعة بالتفاهم مع الرئيس المكلف..
إلا إن “الفتور الشيعي” إزاء مبادرة الحريري لم يمنع التحركات الحاصلة من احداث خرق في عملية التأليف، فبدءاً من اليوم، يتعين ان تحدث مقاربة جديدة للموقف المربك، والجامد حكومياً، عبر اتصالات يقوم بها الرئيس المكلف مع الكتل، وعلمت “اللواء” ان حركة إتصالات واسعة جرت ليل امس لبلورة اللمسات الاخيرة للتشكيلة الحكومية، ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب ظهر اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ويقدم اليه التشكيلة الحكومية في حال تم الإنتهاء من وضعها بصيغتها النهائية ليلاً، وسط استعجال فرنسي واوروبي.وكان الرئيس الحريري اتصل بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واطلعه على مبادرته لحل عقدة التمثيل الشيعي.
ورأت مصادر سياسية ان مبادرة الرئيس الحريري لحل عقدة تشبث الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحمل في طياتها أكثر من رسالة ومؤشر اولهاواهمها، الحرص على إنقاذ المبادرة الفرنسية من السقوط المحتم بعد تطويقها من قبل حزب الله بهذا الشرط التعجيزي ومبادلة تحرك الرئيس الفرنسي بكل ايجابية وتقدير لاظهار مدى ماتعنيه هذه المبادرة من إهتمام لتأمين كل مقومات نجاحها،وثانيا التصرف بمسؤولية منقطعة النظير حفاظا على مصلحة اللبنانيين ومنع انزلاق لبنان نحو التدهور المريع الذي بات يلوح بالافق جراء تداعيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الأسوأ بالرغم من كل مايترتب على هذه التنازل من تذمر واستياء بمؤيديه وقاعدته الشعبية عموما وثالثا، قطع الطريق على نوايا حزب الله المبيتة من طرح عقبة التشبث الشيعي بوزارة المال وكيفية تعاطيه مع عملية تشكيل الحكومة الجديدة ككل بعد ذلك واخيرا والمهم بالمبادرة التاكيد على الالتزام الكامل بالدستور اللبناني والرفض القاطع لتكريس هذه الواقعة كعرف في تشكيل الحكومات المقبلة.
واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ”اللواء” ان مبادرة الرئيس الحريري هي ضوء في النفق المظلم دون أن تستبعد ان يكون نسقها مع نادي رؤساء الحكومات السابقين وان اتى ببان هؤلاء ليقول ان مبادرنه شخصية في حين ان ما حصل هو توزيع ادوار لا اكثر ولا اقل ومن الواضح ان خلية الازمة الفرنسية تحركت على خط الحريري ادى الى هذا الموقف وهناك انتظار الموقف الرسمي للثنائي الشيعي ومبادرة الرئيس المكلف وعليه ان يحضر الى قصر بعبدا بتشكيلة حكومية على ما اتى في المداخلة الحكومية لرئيس الجمهورية.
وقالت ان التأليف يبقى رهن وفق نصوص الدستور اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وما يمكن التأسيس عليه على مبادرة الحريري قد يكون من السابق لأوانه بأنتظار الترجمة العملية التي سوف يتم التعبير عنها في مشروع التشكيلة الحكومية التي يتقدم بها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية ومن ثم موقف الثنائي الشيعي الرسمي، ولفتت الى انه لا بد من انقاذ المبادرة الفرنسية وهناك انتظار تبلور المواقف الحاسمة.وكان مستشار الرئيس الحريري النائب السابق غطاس خوري زار فرنسا، وأجرى اتصالات هناك، تتعلق بالمخارج الممكنة.
ورأت الخارجية الفرنسية في بيان لها ان على القوى السياسية اللبنانية ان تسارع إلى تشكيل الحكومة اللبنانية دون إبطاء.. وقالت ان على هذه القوى ان تختار بين تعافي لبنان أو انهياره.
ودعت مصادر مطلعة إلى التركيز على الاجتماعات التي عقدت في القصر الجمهوري وآخرها الاجتماع المالي في ما خص مواصلة الدعم للمواد الأوّلية. إلى ذلك، أوضحت مصادر قصر بعبدا ان هناك انتظار للخطوة التي تلي مبادرة رئيس الجمهورية أمس وقالت ان هناك اتصالات حكومية لكن لا شيء عملانياً بعد ولم يرصد أي اتصال بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف.
ولفتت إلى ان ردود الفعل على المبادرة الرئاسية لم تظهر على شكل مواقف رسمية مؤكدة ان الرئيس عون فتح الباب امام حل وهو ترك المجال امام الاتصالات قبل ان يتقدّم بالمبادرة وما قام به يأتي من باب الحرص على تأليف الحكومة والخروج من الأزمة الراهنة والأمر متروك للافرقاء ولرئيس الحكومة المكلف.ونفت المصادر ان يكون ساير فريق على حساب آخر إنما طرح حلاً يعد الأمثل وان أي تشابه بين ما طرحه وما تحدث عنه التيار الوطني الحر لا يُشكّل مانعاً إنما فكرة المبادرة كانت في ذهن رئيس الجمهورية منذ أكثر من أسبوع وخصوصاً عندما بدأت الأزمة الحكومية بالظهور
.وتوقفت عند كلمة “جهنم” التي ذكرها رئيس الجمهورية ولفتت إلى انه قصد بها الانهيار والتدهور وأوضحت ان هناك من يريد إطفاء الضوء على المبادرة الرئاسية وتسليط الأمور على الشكليات وهدف هؤلاء الهروب من تحديد الموقف من الأساس أي هذه المبادرة.
مبادرة الحريري
وبعد ان اقترح الرئيس ميشال عون إسناد الحقائب السيادية لوزراء من اقليات الطوائف والتي لم تلق تجاوباً اعلن الرئيس الحريري في بيان له بعد ظهر امس أنه قرر مساعدة الرئيس مصطفى اديب على ايجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، من دون أن يعني هذا القرار في أي حلل من الاحوال اعترافا بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف.
لكنه أردف قائلاً: مرة جديدة، اتخذ قرارا بتجرع السم، وهو قرار اتخذه منفردا بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتخذه من اجل اللبنانيين، واثقا من أنه يمثل قرارا لا بديل عنه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول…
وفي معطيات الحريري ان مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، بوصفها آخر “المكابح امام انهيار لبنان”، الأمر الذي يُهدّد بـ”اندلاع فوضى سياسية واقتصادية ومعيشية وأمنية مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، ومعه التضخم وأسعار الخبز والمحروقات وبداية فقدان الأدوية من الأسواق، بالتزامن مع تطوّر خطير في اعداد الإصابات بجائحة كورونا.
وإذ حمل الحريري في بيانه المعرقلين “مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وإنقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية”.. معتبراً ان مبادرته تمثل “قراراً لا بديل عنه لمحاولة إنقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول”.
وبعد وقت قصير، أصدر الرؤساء ميقاتي والسنيورة وسلام بياناً، وصفوا فيه مبادرة الحريري “بالشخصية” معتبرين أنفسهم “غير ملزمين بها”.
وقال الرؤساء الثلاثة في بيانهم: تبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور وصونه من أي مخالفة قد يتخذها البعض خطوة باتجاه إرساء ممارسة او عرف مخالف لنص الدستور.
وكان المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الذي عقد جلسة عادية برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وحضور الرئيس السنيورة أكد “ان تشكيل الحكومة من صلاحيات الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية كما نصّ عليه الدستور”.?
وراى “ان المبادرة الفرنسية قد تكون الفرصة الأخيرة لنا التي يجب التمسّك بها والعمل على إنجاحها”.