مطلوب شخصية لـ “المالية” توفّر مليار دولار سنوياً!

جاء في وكالة “أخبار اليوم”:



قد يكون مفيداً لمن يريد التمسُّك بحقائب وزارية معيّنة، وبجعلها من حصّته في الحكومة الجديدة، أن يقدّم خريطة طريق إصلاحية في شأنها، وضمانات تؤكّد أنه سيعمل “إصلاحياً”.
فلبنان الجديد يُبنى، وهو يحتاج الى شروط مختلفة في العمل، خصوصاً على مستوى تطبيق الإصلاحات وضبط الحدود، ووقف استنزاف ما تبقى من أموال في البلد. فما هو الدّور المحوري لوزارة المالية في هذا الإطار؟




الدّعم
أوضح الخبير الإقتصادي باتريك مارديني أن “السبب الأكبر لعمليات التهريب تعود الى سياسة الدّعم، التي تجعل أسعار السّلع أقلّ ممّا هي عليه في سوريا مثلاً أو العراق. وهو ما يدفع بالتجار الى بيعها خارج الحدود بأسعار تحقّق لهم أرباحاً هناك، بعد أن يكونوا حصلوا عليها من الداخل اللّبناني بسعر مدعوم”.
وشرح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “سبب التهريب هو مالي في الأساس. فعلى سبيل المثال، يشتري التجار المازوت، أو أي سلعة أساسية أخرى، بسعر مدعوم، وبحسب المنطق يجب أن يبيعوها في لبنان بسعر رخيص لكونها مدعومة، ولكنّهم يتّجهون الى سوريا لبَيْعها هناك بأسعار أعلى. وهذا يؤدّي الى انقطاع تلك السّلع من لبنان بين الحين والآخر، أو الى أن تُباع فيه (لبنان) في السوق السوداء، أي بسعر مرتفع وكأنها غير مدعومة”.
وقال:”من هنا، يتوجّب وقف الدّعم عن جميع السّلَع المدعومة كلياً، وهو ما سيوقف تهريبها الى خارج الحدود، لأن أسعارها في تلك الحالة ستُصبح أكثر ممّا هي عليه في سوريا أو العراق مثلاً، وهو ما يقضي على حوافز التهريب”.



مليار دولار
وشدّد مارديني على أن “صندوق النّقد الدولي” يرفض أن يدعم أي بلد يعتمد سياسة دعم السّلَع، وشرطه الأول لإعطاء قروض للدّول المتعثّرة هو أن توقف سياسة الدّعم التي تحفّز التهريب والسوق السوداء، بدلاً من أن تذهب تلك الأموال الى الفقراء”.
وردّاً على سؤال حول وضع الناس، لا سيّما أولئك الذين تتآكل رواتبهم باستمرار، منذ نحو عام تقريباً، عندما يُلغى الدّعم، أجاب: “وقفه لا يعني أن الفقير سيكون ضحيّة. فأموال الدّعم هي أموال المودعين، أو بالأحرى ما تبقّى منها. فلا يزال يوجد بعض كميات الأموال بالدولار، وبدلاً من إعطائها للفقراء من أصحابها، تُعطى للمهرّبين عملياً، من خلال سياسة الدّعم، وهو ما يُساهم أيضاً بانقطاع السّلَع من السوق”.
وتابع: “إذا كان الهدف دعم الفقراء بالفعل، فإنه لا بدّ من استبدال عملية إعطاء المال للتجار، بإعطائها للمواطنين عبر بطاقات مصرفية (على غرار البطاقات الإئتمانية أو مسبوقة الدّفع مثلاً)، تحوي على المال الذي يمكّنهم من شراء ما يحتاجونه، في شكل عادل وبلا محسوبيات، وهو ما تفعله الدول حول العالم. وهذا الأمر يُمكنه أن يوفّر نحو مليار دولار سنوياً تقريباً، ويقوم على دعم الناس بدلاً من دعم السِّلَع”.



“دينامو”
وعن دور وزارة المالية الإصلاحي، لفت مارديني الى أن “المشكلة تعود الى أن نفقات الحكومة اللّبنانية السنوية هي أكثر بكثير من مداخيلها، والفارق كانت تستدينه الدولة في كلّ عام. لا يُمكنها أن تستدين الآن بعدما أعلنت تخلّفها عن سداد ديونها، أي سندات اليوروبوندز. وما يحصل حالياً هو اللّجوء الى طباعة اللّيرة اللّبنانية لتغطية نفقات الدولة، وهو ما يؤدّي الى تضخُّم مُفرِط، والى تدهور سعر الصّرف”.
وأضاف:”النفقات الحكومية المرتفعة هي المسؤولة عن الدَّيْن العام، وعن التضخُّم وتدهوُر سعر صرف اللّيرة، وعبر هذه النفقات يحصل الفساد في الدولة، من خلال التوظيف العشوائي مثلاً، والإنفاق على المحسوبيات، وغيرها”.
وأكد أن “الإصلاح الأساسي يكمُن بأن تقول وزارة المالية لـ (وزارة) الطاقة إن لا مليار دولار بعد اليوم على مشاريع لا تؤسّس لتغذية كهربائية بنسبة 24/24. والكلام نفسه يجب أن تقوله لوزارة الأشغال، ولباقي الوزارات، وهو ما سيؤسّس لتخفيض نفقات الوزارات، ولاتّجاهها نحو تخفيض عدد الموظفين الفائضين لديها، وتخفيف المشاريع التي لا حاجة إليها، أو ربما قيامها بإعادة هيكلة ذاتية”.
وختم:”الإصلاح يرتبط بتخفيض النّفقات العامة، وهو بيد وزارة المالية التي يجب أن تكون “الدينامو” الدّافع الى ذلك، انطلاقاً من أن خفض النفقات يأتي من الموازنة العامة، والموازنة العامة تضعها وزارة المالية”.