إليكم مصير الدعم والحلول البديلة الفعالة

كتب عمر الراسي في “أخبار اليوم”: 

“الله يستر من الذي قد يأتي”…

انه لسان حال معظم اللبنانيين الذين ضاقت بهم سبل الحياة نظرا الى الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي يعاني منها البلد، وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية، ما جعل اسعار معظم السلع “نار” باستثناء تلك المدعومة من قبل مصرف لبنان (اي تحديدا الدواء المحروقات والقمح).

ومع الكلام عن اتجاه لدى المركزي برفع الدعم بعد شح الاحتياطي لديه بالعملات الاجنبية، بات اللبنانيون في قلق مستمر على مصريهم ومستقبلهم. 

 صوت الناس

يقول فادي ن. (27 عاما) منذ سنتين توظفت في احدى شركات الهندسة في بيروت، وحين شعرت باستقرار مادي قررت شراء سيارة “مرتبة” بالتقسيط على مدى خمس سنوات، ولكن اليوم حين اصبح راتبي الشهري لا يتجاوز الـ 500$ اصبحت في عجز، وبالتالي اذا تم رفع الدعم عن سعر صفيحة البنزين، فقد لا استطيع ان اشغّل المحرك فقط… وبالطبع لن نستطيع التنقل بوسائل النقل العامة اذ وقتذاك الاسعار سترتفع بدورها.

اما، يارا خ. (32 عاما) ام لولد واحد، تعتبر عن قلق مماثل، فتشير الى ان راتبها وراتب زوجها يكفيان بالكاد، وفي العام الاخير لم نستطع ادخار اي قرش، ولكن حتى اللحظة نستطيع ان نتدبر امرنا دون ان نصل الى مرحلة الحاجة، انما في حال حصلت زيادة اضافية فلا يمكننا الصمود.

قد يعكس فادي ويارا صورة عن واقع حال فئة من اللبنانيين الذين لم يصلوا بعد الى خط الفقر… ولكن يتضح جليا ان تأمين الحياة الكريمة التي فيها شيء من الرفاهية اصبح من الماضي لدى اللبناني، الذي يتضرع الا يرفع هذا الدعم المتبقي كقشة خلاص.وفي الواقع يبدو ان هذا الدعم عالق بين سندان شح الاحتياطي ومطرقة انين الناس، فهل يمكن ان يستمر وما هي الحلول البديلة.  

في بلد الازلام والمحسوبيات

واوضح الخبير الاقتصادي رازي الحاج ان كل التجارب العالمية بشأن البطاقات التموينية او اللوائح الاسمية للاستفادة من دعم او مواد غذائية من اجل مساعدة الطبقات الفقيرة لم تكن ناجحة، ولم تصل الى الفئات المستهدفة من هكذا اجراءات، فكيف الحال اذا في بلد يقوم نظامه على الزبائنية كما هي الحال عندنا؟!

فاي نوع من المساعدات سيذهب حتما الى المحسوبيات وازلام الاحزاب والسياسيين على غرار ما حصل في موضوع قرار تقديم مساعدة مادية تبلغ 400 الف ليرة للأسر الاكثر حاجة، حيث بعد بلبلة كبيرة تم اسناد المهمة الى الجيش اللبناني.

واذ اشار الى انه لا يوجد في لبنان احصاءات دقيقة لكافة السكان، شدد الحاج على ان اي دعم يجب ان يكون على اساس نوعية الاستهلاك، مشيرا الى ان السلة الغذائية المؤلفة من 300 سلعة كانت فضفاضة جدا، ولم تكن في معظمها مخصصة للطبقات الفقيرة، فقد تم تكبير الحجر جدا، فاتت القرارات ارتجالية وتحت الضغط.

وردا على سؤال، دعا الحاج الى اعادة النظر في هذه اللائحة، ودعم المنتجات التي اساسا يشتريها ذوي الدخل المحدود.  

هكذا يرفع الدعم

وفي هذا السياق، ايد الحاج رفع الدعم عن الكهرباء، ولكن بحسب الفاتورة، موضحا انه لا يمكن ان تتم المعاملة بالمثل ما بين “صاحب فيلا حيث الانارة مشعشة ليل نهار وبين صاحب بيت متواضع لا يستهلك كهرباء الا للبراد والتلفزيون ومكيف الهواء، لذا يمكن للفواتير التي تفوق الـ 10او 15 امبير ان تحتسب دون دعم، وبالتالي كلما ارتفع المصروف كلما ارتفعت الفاتورة.

وبالنسبة الى البنزين فيمكن الاستمرار بدعم مادة الـ 95 اوكتان، على ان يرفع الدعم عن الـ 98 اوكتان، وعندها لا يستفيد من الدعم اصحاب السيارات الفاخرة، كما ايضا في هذا المجال لا يمكن معاملة اصحاب اليخوت والطائرات الخاصة كما يعامل سائق التاكسي، وفي هذا المجال ايضا لا بد من الاشارة الى ان الطائرات والبواخر تشتري وقودها من لبنان على اساس السعر المدعوم!

كما تحدث الحاج عن تقسيم الـ TVA الى نوعين: 15% على السلع الفاخرة والغير اساسية، فمن يشتري ذهبا بقيمة 100 دولار لن تفرق عنده اذا كانت قيمته 115دولار، مقابل خفضها الى 7% على السلع الاساسية ومواد الاستهلاك اليومي، اذ بهذه الطريقة تزداد الحركة في السوق. 

 الاصلاح الضريبي

وانطلاقا من كل ما تقدم، شدد الحاج على ان اهمية اطلاق ورشة الاصلاحات الضريبية بحيث تكون الضريبة عادلة وتصاعدية لا تطال الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

اما اليوم فهذه اللا عدالة ناتجة عن الارتجال في العمل السياسي والحكومي، وهذا مرده الى تعيين وزراء لا خبرة لهم في القطاع العام وان كانت لديهم خبرة وحققوا نجاحات على نطاق الشركات الخاصة.

  الحلول متوفرة ولكن!

اذا، الحلول متوفرة، ولكن هل هناك آذان صاغية، وهل يمكن ان يأخذ تأليف الحكومة هذا الواقع على محمل الجد، فيكون الهدف انقاذ الطبقات والمتوسطة التي اساسا عليها تقوم الحركة الاقتصادية والتجارية، والسعي الى تقديم العون الى الطبقة الفقيرة كي لا يتمدد اكثر فاكثر خط الفقر؟!