تحدَّثتُ في مقالتي السابقةِ عن الدَّولةِ وغيابِها عن محافظة بعلبك-الهرمل عمداً وعن إهمالِها لهذه المحافظةِ على كافَّةِ الصُّعُدِ.اليَوم، أتوَجّهُ مِن القلبِ إلى القلبِ بلسانِ حالي وحالِ أبناءِ محافظةِ بعلبك-الهرمل إلى نُوّابِنا لعلّهم يعون حجمَ الأمل المعقودِ علَيهِم ولعلّهم يتحرّكون ولَو قليلاً لرَفعِ الغُبنِ والمظلوميّةِ عن منطقتِنا الكريمة.ولعلّ ما سأقولُه يَحمِلُ العتابَ واللَّومَ ولكن بمحبَّةٍ ولَيس مِن بابِ التقريعِ أو التجريحِ والعِياذُ بالله.أنتم يا نوّابَنا الكرام تعلمون أنّ الدَّولةَ غائبةٌ عن محافظتِنا وبالكادِ تعتبرُها جزءً مِن الوَطنِ فأينَ دَورُكم في المطالبةِ بجَعلِ المنطقةِ في قائِمةِ أوليّاتِ أركانِ الحُكمِ؟أين هوَ صَوتُكم الّذي يَجبُ أن ترفعوه عالياً على المنابرِ تطالبون فيه الجهاتِ الأمنيّةِ ببَسطِ الأمنِ بقوَّةٍ أمامَ هذا التفلُّتِ الأمني الفظيع والّذي يُقلِقُ كُلَّ بَيتٍ وكُلَّ مواطنٍ شريفٍ في منطقتِنا؟ألَم تُدركوا بعد أنّه لم يَعُد هنالك أمانٌ حَيثُ المشاكلُ الشِبهُ يَوميّة جعلَت مِن محافظِتنا أشبهَ بمدينةِ أشباحٍ يُطلُّ فيها المَوتُ والخطفُ كُلَّ يَومٍ حاصداً أبرياءَ لا ذنبَ لهم؟هذا ناهيكم عن السرقاتِ الّتي باتت هاجسَ كُلِّ لبناني يزورُ أو يَمُرُّ بمنطقتِنا.هل أنتم عاجزون عنِ استردادِ الأمنِ لمنطقتِنا عبرَ التّواصُلِ مع المعنيّين؟إذا كنتم كذلك فأخبرونا بصراحةٍ كَي يبحثُ أهلُ المنطقةِ عمّن يحميهم.فعتبُ أهلُ المنطقةعلَيكم أنّهم لا يرَونَكم إلّا في الأتراحِ فهل هذا هوَ دَورُكم كنُوّابٍ؟مِمّا تخافون أو تخشون؟ وهل تنتظرون أن يقومَ النّاسُ بما يُسمّى الأمن الذاتي فتُصبِحُ محافظَتُنا في خبرِ كان؟أين هيَ الخُطَّةُ الأمنيَّةُ الّتي جرى الإتّفاقُ علَيها أم ذهبَت أدراجَ الرِّياحِ؟أنتم مطالبون ومسؤولون عن أمنِ هذه المنطقةِ فقد أولَيناكم ثقتَنا وأعطَيناكم أصواتَنا لكَي تكونوا في خِدمةِ محافظتِنا وأن لا تكونوا في مَوقِع المُتفرِّجِ الّذي يضعُ يَدَه غلى خدِّه ويقولُ *ما باليَدِ حيلة*.هذا على الصعيدِ الأمني أمّا على الصعيدِ الإنمائي فبماذا ساهمتُم للحدِّ مِن الفقرِ والبطالةٍ؟لماذا لم تسعوا، وعلى مدارِ عقودٍ، مع أصحابِ الأيادي البَيضاء مِن الأغنياءِ لإنشاءِ المعاملِ والمصانِعِ لرَفعِ كاهلِ العَوَزِ عن قِسمٍ كبيرٍ مِن محافظتِنا؟لا ماءَ لا كهرباءَ لا طُرقاتٍ ولا إنارةٍ لها، حوادثُ سَيرٍ بالجُملةِ تقعُ يَوميّاً حاصدةً أرواحٍ بريئةٍ نتيجة الإهمال.زوروا المناطِقَ المحرومة في بعلبك-الهرمل وقِفوا عند حاجات أهلِها ولَيسَ فقط عند خواطِرِهم، إسعَوا لتلبيَة حاجاتِهم ولَو بالحدِّ الأدنى.قِفوا على منبَرِ مجلسِ النّوّابِ وارفعوا صَوتَكم مطالبين بالإنماءِ وأن لا يكونَ فقط حِبراً على ورقٍ ويَجِبُ أن نَلمِسَ تغييراً على أرضِ الواقعِ.حاسبوا الدَّولةَ على إهمالِها فأنتم بما تُمَثِّلون أقوياءٌ ويهابُكم العالَمُ أجمع فلِمَ هذا التقصيرُ الغَير مُبرَّر؟صدِّقوني لَو قُلتُ لكم أنّنا لم ننتخِبكم إلّا كرامةً للنّهجِ الّذي تُمَثِّلون وأنّ أهلَ هذه المحافظة الأوفياء والشرفاء قد تعبوا وملّوا مِن هذا الواقِعِ المُتَردّي وأنّكم تخدمون ولَو عن غَيرِ قصدٍ أعداءَ هذه الأُمَّةِ فالحرمانُ وانعدامُ الأمنِ يُؤَدّيان إلى الخراب فماذا تنتظرون؟نحن، أبناءُ منطقةِ بعلبك-الهرمل يعنينا الأمنُ والغذاءُ كما تعنينا المُقاومةَ، دماؤُنا فداها وأرواحُنا ترخصُ مِن أجلِها ولكنّ محافظةَ بعلبك-الهرمل تحتاجُ لمُقَوِّمات الصمودِ على جميعِ الأصعدةِ.وفي النهايةِ لا تلوموا النّاسَ إن ثارَت علَيكم فبِقَدرِ ما تحترمُكم تلومُكم والسلام.
*✍ الأستاذ أحمد حَيدر* *ميدان برس*