قيل: *إذا أرَدتَ أن تَضربَ بلداً ما أو منطقةً ما أغرِقها بالحِرمانِ فتَعُمُّ الفَوضى ويستفحِلُ فيها الفسادُ بكُلِّ أوجُهِه.*
وهذا حالُنا في محافظةِ بعلبك – الهرمل مُنذُ عقودٍ مِن الإهمالِ المُتعَمّدِ والمُمَنهجِ والهدفُ هوَ جَعلُ هذه المحافظةِ بؤرةٌ أَمنيّةٌ تعيشُ التَّوَتُّرَ الدائمَ.•فمحافظة بعلبك – الهرمل الّتي حاربَ رجالُها الإنتدابَ الفرنسي وأوقَعوا فيه الخسائِرَ وطردوه مِن أرضِهم.•ومحافظة بعلبك – الهرمل الّتي حضنَت المقاومةَ وقدّمَت وما تزالُ تُقَدِّمُ خيرةَ شبابِها كرمى لعيونِ الوطنِ.•محافظة بعلبك – الهرمل الّتي توجَدُ فيها العقولُ المُبدِعةُ في كافَّةِ المجالات والّتي رفعَت إسمَ لبنان عالياً في العالم، كوفِئت وتُكافأ باللّامُبالاة.لقد أهملَت الدَّولةُ اللّبنانيّةُ محافظةَ بعلبك – الهرمل على كافَّةِ الصُّعُدِ الإنمائيَّةِ والإجتماعيّةِ والمعيشيَّةِ والأمنيَّةِ وحتّى الصحِيَّةِ منها ولم تَكُن في الأوليّاتِ لدَيها يَوماً ما. لم تُنشِئ المصانعَ فيها ولم تعمَد على استثمارِ خَيراتِها بطريقةٍ تُخفِّفُ فيها مِن الفقرِ المُدقِعِ، أصلاً لم تُكن ملحوظةً في خُطَطِها الإنمائيّةِ والسببُ هوَ أنّ قِسماً كبيراً مِن أبناءِ هذه المحافظة كانَ خِيارُه المقاوَمةَ وقتالَ العدوِّ الأسرائيلي وإهمالُ المنطقةِ سيُؤدّي إلى ما نحنُ فيه وسيُضعِفُ البيئةِ الحاضنةِ للمقاومة وهذا ما سعى إلَيه بعضُ أطرافِ الحُكمِ المُناوئِ للمقاوَمةِ.لا بل غَذَّت بعضُ أطرافِ الحُكمِ وبعضُ الأحزابِ خلالَ الحربِ الأهليّةِ الصراعاتِ العشائِرِيَّةِ والإقتتالَ بَين أبناءِ المنطقةِ الواحدةِ لتَجعلَ نفوذُها أقوى مِن خلالِ الفَوضى الّتي تُديرُها أجهِزَتُها الخاصَّةُ بها فمَدَّتها بالسلاحِ مُضافاً لما تمتلِكُ مِن أسلحةٍ لتستفيدَ منها في حروبِها آنذاك. إنتهَت الحربُ الأهليَّةُ وبقيَ السلاحُ مع تِلكَ العشائِرِ الّتي تحكُمُ عقليَّتها حُبُّ السّيطرةِ والنفوذِ على الآخرين، فمِن الطبيعي أن نصلَ إلى ما نحن علَيه الآن.مِن الأسبابِ المُهمَّةِ هوَ غيابُ الجهازَ الأمني للدَّولة اللُّبنانيّةِ عن محافظة بعلبك – الهرمل وكأنّها لَيسَت مِن الوطنِ جغرافيّاً وتركُ حابلِها على نابلِها مُتذَرِّعةً بأسبابٍ واهيَةٍ وكاذبةٍ أهمّها سَيطرةُ الأحزابِ على جزءٍ كبيرٍ مِن مناطقها وأنّها لا تستطيعُ فرضَ الأمنِ بسببِ التَدَّخلاتِ الحزبيّةِ.وللمفارقةِ، فإنّ الأحزابَ قد دعَت الدَّولةَ لفَرضِ الأمنِ في محافظةِ بعلبك – الهرمل وإنّها لا تُغطّي أحداً ولكن حتّى الآن لم يُؤخَذ القرارُ الحازمُ بالقضاءِ على الفَوضى الأمنيّةِ وتقفُ الأجهزةُ الأمنيَّةُ في مَوقِعِ المُتفَرِّجِ ولا تتدَّخلُ إلّا بعدَ أن تُنهي الأطرافُ المتناحرةُ صراعَها فتقومُ بتسييرِ دَوريّاتٍ بَينما جميعُ المخِلّين بالأمنِ قد لزِموا منازلَهم.*الحلُّ الجذري يَكمُنُ في اتِّخاذِ الدَّولةِ بكافّةِ أجهِزتِها الأمنيَّةِ القرارَ الحاسمَ والجازمَ في فرضِ الأمنِ والدُّخولَ القويِّ لبعضِ القُرى ومصادرة السلاحِ المُتفلِّتِ بكُلِّ قوَّةٍ وأن لا تدخُلَ في بازارِ المحسوبيّات وأن تفضحَ كُلَّ مَن يُحاولُ عرقلةَ جهودِها.*لذلك، يا أهلَنا الغيارى والشرفاءَ ويا نُوّابَنا الكرام في محافظة بعلبك – الهرمل، أنتم تحمِلون مسؤوليّةَ رفعِ الصَّوتِ عالياً في وجهِ الدَّولةِ ومطالبتَها بفرضِ سَيطرتِها الأمنيّةِ، كفانا ظُلماً وكفانا إقتتالاً وكفانا سرقاتٍ وكفانا خَطفاً فالوَضعُ لم يَعُد يُحتملُ.لا يجِبُ أن تُشَوِّهَ محافظتُنا زُمرةٌ مِن العصاباتِ وتُجّارِ المُخدّراتِ وبعضِ المَوتورين، فمحافظة بعلبك – الهرمل كانت وما تزال رمزاً للكرمِ والنَّخوَةِ والشهامةِ والعِزَّةِ والكرامةِ.حمى الله محافظة بعلبك – الهرمل
حمى الله لبنان
*✍الأستاذ أحمد حَيدر* *ميدان برس*