جاء في “نداء الوطن”:
يبدو أنّ الهدوء الذي شهدته رحلات الهجرة غير الشرعيّة في المراكب عبر البحر في أعقاب غرق مركب قبالة شواطئ طرطوس، كان يقل سوريين ولبنانيين وفلسطينيين، ما كان إلا استراحة بعض من ينظّم هذه الرحلات، وذلك لتقصي الأوضاع الأمنية، وإعادة لملمة صفوف المهرّبين ومن يعاونهم، قبل أن يباشروا عمليات جديدة ورحلات إضافية.
في جديد هذه الرحلات ما أعلنه الجيش اللبناني قبل أيام عن إحباط محاولة للهجرة غير الشرعيّة شمالاً، والقبض على عدد من المخططين لعملية تهريب الأشخاص عبر البحر. وأكد الجيش فى بيانٍ له أن «دورية من مديرية المخابرات ألقت القبض في بلدة سلعاتا على 5 سوريين بسبب تحضيرهم عملية هجرة غير شرعية عبر البحر لعدد من الأشخاص، كما ألقت القبض على 49 سورياً بينهم نساء وأطفال عند حاجز دير عمار – الشمال، بعدما كانوا متّجهين إلى منطقة البترون بنيّة الهجرة غير الشرعية عبر البحر إلى إحدى الدول الأوروبية». وأوضح أنّ «الجهود مستمرة لضبط بقية المتورطين».
وبالفعل، أعقب الجيش اللبناني ذلك البيان بحملة اعتقالات في بلدة ببنين العكارية، استهدفت متورّطين في التحضير والتنفيذ لهذه العملية. وتشير معلومات خاصة بـ»نداء الوطن» إلى أنّ «التحضير لهذه العملية استغرق أكثر من شهر ونصف، على أن تعقبها عمليات عدة، حيث كان من المفترض تنظيم 3 رحلات أخرى للهجرة غير الشرعية، على أن تنطلق المراكب من شواطئ شكا – الهري، لأنّ شواطئ عكار والمنية وطرابلس، تخضع لمراقبة الأجهزة الأمنية وراداراتها».
وتفيد المعلومات المستقاة من مصادر أمنية شمالية واسعة الإطلاع في هذا الشأن، أنّ «رحلات الهجرة غير الشرعية عبر البحر اتخذت منحى جديداً هذه المرة، من خلال ابتداع المنظّمين طرقاً جديدة للتحضير وجذب المهاجرين، عبر اعتماد بعض اللبنانيين على مروّجين سوريين لتأمين ركاب للرحلات من داخل الأراضي السورية، وكذلك الإعتماد على مروّجين ومسهّلين من داخل المخيمات الفلسطينية، لتأمين ركاب من التابعية الفلسطينية في لبنان، وقد دُفعت مبالغ تراوحت بين 7 و 9 آلاف دولار أميركي عن الراكب الواحد». وتلفت المصادر الى أنه «كان من المفترض أن تقلّ 6 مراكب الركاب من الشاطئ إلى خارج المياه الإقليمية على مسافة 20 ميلاً، وهناك يوضعون في باخرة تقلّهم نحو وجهتهم في أوروبا، وهي إيطاليا». واستعمل المهرّبون سيارات (بيك آب) مقفلة لنقل الركاب من عكار إلى شكا حيث تمكّن الجيش من توقيف 4 شاحنات واحدة في العبدة وثلاث بين المنية ودير عمار.
كما علمت «نداء الوطن» أيضاً بأن عدداً من المهرّبين الذين نفذوا رحلات سابقة واستقرّوا بعدها في بلدان أوروبية، لا سيما وأن عليهم مذكرات توقيف في لبنان، قد عاودوا منذ مدة التواصل مع الداخل من خلال أقرباء أو أصدقاء لهم في لبنان، وذلك بهدف تأمين ركاب لرحلات هجرة جديدة، لا سيما في هذه الأوقات، مستفيدين من استقرار الطقس وهدوء البحر في موسم الصيف الحالي. وكانت الرحلة الأخيرة التي أُحبطت من تدبير أحد هؤلاء بينهم شخص من بلدة ببنين العكارية مقيم حالياً في تركيا، وعليه مذكرات توقيف عدة في لبنان بخصوص الهجرة غير الشرعية، وأديرت العملية هذه وتحضيراتها من شاليهات في منطقة شكا، حيث كانت تقيم الرؤوس الكبيرة، وقد استطاع فرع المعلومات اختراق الحلقة الضيقة لعصابة التهريب وإحباط العملية قبل تنفيذها بوقتٍ قصير. وتؤكد المصادر أنّ التعاون بين فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي ومخابرات الجيش اللبناني أسفر عن هذه النتيجة، بعدما تقاطعت معلومات محددة لدى فرع المعلومات قبل أيام من موعد تنفيذ الرحلة، تفيد عن قيام أشخاص بهذا الأمر، وبالتنسيق مع مخابرات الجيش اللبناني ألقي القبض على المنظمين وأحبطت عملية الهجرة غير الشرعية. وبهذا يكون الجيش اللبناني وفرع المعلومات قد أنقذا عشرات الأرواح من كارثة ربما كانت تحلّ في حال غرق هذه المراكب التي افتقدت هذه المرة أيضاً إلى شروط السلامة البحرية.
وبحسب عارفين بالأمر فإن إحباط هذه العملية سيفترض أن تشهد الشواطئ بعض التريث خلال الأسابيع المقبلة، ريثما يعرف منظّمو مثل هذا النوع من الرحلات كيف سيتم التعامل مع الأمر في ضوء المعطيات الجديدة، بعدما ألقى الجيش القبض على رؤوس كبيرة من مدبّري هذه الرحلات ومسهّليها بين عكار والمنية.