أمطار نيسان…كيف أثرت على المزارعين؟

كتبت “الاخبار”: أثلجت أمطار نيسان قلوب عدد كبير من المزارعين «كونها تساهم في نموّ سريع للمزروعات، إضافة إلى تخفيفها أموالاً طائلة عن المزارعين كانت ستُدفع على ريّ الأراضي والمزروعات الجديدة». لكنها في المقابل، شكّلت نقمة على مزارعي التبغ لأنّها ستكبّدهم كلفة إضافية بسبب اضطرارهم إلى «رش الشتول المزروعة بالمبيدات اللازمة لحمايتها من الأمراض التي سوف تلحق بها حتماً بعد تساقط الأمطار» يقول المزارع المخضرم مصطفى مواسي. ويوضح السبب بأن «موسم زراعة شتول التبغ شارف على نهايته، لذلك فإن تساقط الأمطار سيكبّد المزارع كلفة إضافية على رشّ الشتول بالمبيدات، وعلى استخدام العمّال لنكش الأراضي المزروعة منعاً لنموّ الأعشاب التي تؤذي الشتول».

في المقابل، يتحدث أحمد شقير عن سعادته الكبيرة بتساقط الأمطار بكثافة، مستبشراً بموسم زراعي ممتاز من الحبوب والخُضر قد يخفّف من معاناة المزارعين المستمرة. ويرى أن «من استطاع زراعة شتول الخُضر والصحاري باكراً، فشتوله ستنمو بسرعة كبيرة بسبب ثبات الري وتساقط المطر الذي حتماً خفّف عن المزارعين الكثير من المصاريف التي كانت ستُدفع لريّ الأراضي الزراعية البعيدة عن المنازل ومصادر المياه». يعتبر شقير أن «الأمطار ستغني المزارعين عن ريّ أراضيهم خلال شهر على الأقلّ، وسيتمكنون من زراعة شتول الكوسى والمقتى والبندورة وغيرها، من دون الحاجة إلى المياه، واذا كانت الشتول مزروعة مسبقاً فإنها سوف تنمو بسرعة وتنتج ثماراً كثيرة». لكن ذلك بحسب شقير سوف «يزيد من أيام العمل في الحقول لإزالة الأعشاب التي سوف تنمو مجدداً بعد سقوط الأمطار».

زراعة الحواكير
ورغم أن عدداً كبيراً من المزارعين قرّروا هذا العام تخفيض المساحات المزروعة بسبب كلفة الزراعة الباهظة، فإن معظم المقيمين في القرى والبلدات الحدودية قرّروا زراعة حواكيرهم بما يمكن للتخفيف من المصاريف المنزلية. فيقول علي رمال: «الميسورون اليوم يزرعون حواكيرهم قبل الفقراء، فقلّما نجد منزلاً لم يلجأ أصحابه الى زراعة الخُضر الصيفية، لكن شرط أن تكون المساحة المزروعة قليلة وقريبة من المنزل أو مصادر المياه، لأن كلفة الريّ باتت مرتفعة جداً، لذلك فإن زيادة الحواكير كانت في مقابل استغناء عدد كبير من المزارعين عن زراعة الحقول الواسعة والمكلفة، فبدل حراثة دونم الأرض يزيد على مليون ليرة، علماً أن أيّ أرض تحتاج الى حراثتها ثلاث مرات تقريباً، أما ثمن الشتول فيباع بالدولار أيضاً». ويؤكد حسن حميد أن «معظم المزارعين باتوا يزرعون حقولهم بالقمح أو الشعير، كي لا يتكبّدوا مصاريف على الريّ والسماد وغيرهما، فانخفضت زراعة التبغ إلى ما دون النصف، كذلك أُهملت زراعات كثيرة أخرى، وتم التركيز على زراعة الحواكير القريبة من المنازل لتأمين الاكتفاء الذاتي لكل أسرة».

وفي هذا السياق يشير مصطفى مواسي إلى أن «أراضي بلدة عيترون التي كانت تُزرع كلّها بشتول التبغ، هي اليوم مزروعة بالقمح والشعير، فأنا شخصياً كنت أزرع 30 دونم من التبغ، وبتّ أزرع 5 دونمات فقط، وفضّلت الاهتمام بالحاكورة المنزلية لتأمين حاجة عائلتي من الخُضر، فزراعة دونم واحد من التبغ تكلف اليوم أكثر من 350 دولاراً وقد لا ينتج أكثر من 100 كلغ، في الوقت الذي تريد فيه مؤسسة الريجي أن تدفع ما لا يزيد على 5 دولارات كبديل عن كل كيلوغرام من التبغ الذي يعمل المزارع صيفاً وشتاءً على إنتاجه». لافتاً إلى أن «دونم التبغ يحتاج إلى فلاحة ثلاث مرات أو أكثر قبل زراعته، ويحتاج إلى شوالين من السماد، علماً أن الشوال الواحد يزيد ثمنه على 50 دولاراً، أما الزراعات البديلة فهي مكلفة أيضاً، لذلك إذا لم تُعد مؤسسة الريجي ثمن الكيلوغرام من التبغ إلى 11 دولاراً أو ما يزيد على ذلك، فإن أراضي الجنوب سوف تصبح قاحلة»