الجيش خط أحمر… لا تمسوه

ربما كان أفضل للممانعين ومن يدورون في فلكهم كظم الغيظ وابتلاع فضيحة إطلاق العميل عامر الفاخوري. فلا التبريرات أقنعت ساذجاً في السياسة ولا العراضات تعيد ماء الوجه الذي أريق فداء للتحالفات المحلية والمصالح الاقليمية.

كلنا يعرف “البير وغطاه”. ولم نطالب بإلغاء المحكمة العسكرية عبثاً بل لأن احكامها المسيسة مدانة بالأدلة والقرائن والاعترافات ومضبوطة منذ ثلاثة عقود بالجرم المشهود. والمحكمة محكمتكم يا اخوان. فكيف تتجنون على رئيسها الذي طالما اعتمدتم عليه؟ وكيف تخوِّنون من تطوّع للتناغم مع أحكامكم في السياسة والأمن على السواء؟

عامر الفاخوري أُطلق بضغط اميركي وبلا مقابل. وانتم رضختم لأن موازين القوى بعد اغتيال قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني لا تتيح عقد الصفقات، ولأن واشنطن قادرة على إملاء إرادتها وتملك مفاتيح المانحين الدوليين الذين تحولوا الأم الرؤوم في زمن الكورونا، الذي أرغم ايران على طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.

تبحثون اليوم عن ضحية… في قضية فايز كرم غطَّيتم العماد ميشال عون وجبران باسيل لأن اولويتكم مشروعكم الاقليمي ولا تريدون خسارة الغطاء المسيحي. ويبدو انكم لم تغيروا الأولويات، فاصطفيتم من أجندتكم هدفاً تضمرون التصويب عليه وهو قائد الجيش العماد جوزف عون. لتكن الأمور واضحة. هناك تقاطع مصالح بينكم وبين باسيل على استهداف قائد الجيش. باسيل يكرهه لاعتقاده بأنه مرشح رئاسي جدي وصاحب مصداقية ووطنية تجمع اللبنانيين، وأنتم تريدون تقليم أظافره لأن نموذجكم في قيادة اليرزة هو اميل لحود، فيما جوزف عون يمارس مهمته واضعاً نصب عينيه تقوية الجيش والقرار الوطني المستقل.

تريدون قائداً للجيش ينظر بعين واحدة ويعتبر “محور الممانعة” ملهمه وقدوته، فيما جوزف عون مهتم بكل الوطن، ولاؤه للعلم اللبناني وعدوه مثل عدونا وعدوكم، اسرائيل، لكن استناداً الى حقنا في أرضنا ومياهنا وسمائنا ومن منطلق الوطنية والاستقلال، وليس انتساباً الى عقائد ومحاور تتجاوز الكيان ومصلحة شعب لبنان. تستهدفون جوزف عون وأنتم تعلمون انه لا “يمون” على المحكمة العسكرية، وغير معني بـ “المصادفة” التي أفرجت عن سجين اميركي في طهران تزامناً مع وقف التعقبات عن الفاخوري.

الجيش ليس مكسر عصا. واللبنانيون الذين دفعوا من مالهم وأرواح ابنائهم لبنائه يرفضون بشدة ان يتحول “فشة خلق”. فهو المؤسسة الأساسية التي يريدونها نموذجاً فاعلاً ونزيهاً لبناء دولة استبيحت طولاً وعرضاً وتعبت من حروب الآخرين، وطبقة سياسية فاسدة انقلبت على اتفاق الطائف لتمسك برقاب اللبنانيين وتحوّل وطنهم ساحة اقليمية ومنهبة محلية.

باختصار: خيِّطوا بغير مِسلَّة التهديف على الجيش. إنه وقائده خط أحمر.

المصدر : نداء الوطن .