اقتصاد لبنان المنكوب يستعدّ لمواجهة مشروع “كابيتال كونترول” الذي يعرضه مجلس الوزراء اليوم والذي يشكّل، من جهة خرقاً واضحاً للدستور اللبناني الذي ينصّ على اقتصاد حرّ، وفقاً لخبراء، ومن جهة ثانية تشريعاً لمخالفات المصارف وتحكّمها بأموال المودعين.
ووفق خبراء اقتصاديين عاينوا مسودة مشروع قانون “كابيتال كونترول” المطروح، فإنه أتى بنكهة “هيركات مقنّع” يستهدف قدرتهم الناس الشرائية على قاعدة “ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم” من دون أن يقدّم طارحوه في المقابل أي خطوة إصلاحية حقيقية أو برنامج عمل عملياً واضحاً.
ويتبيّن أنّ الحكومة بادرت من خلال “كابيتال كونترول” إلى مد يدها إلى “جيبة” الصغار من أًصحاب قروض الـ”650 دولاراً”، بالتوازي مع فرض إجراءات تجفف منابع الكاش بالعملة الصعبة لا تنتهي عند تقييد السحوبات بالدولار ومنع تحويل أموالهم إلى الخارج و”لبننة” الشيكات بالدولار عبر منع صرفها بالعملة الصعبة وإجبار المستفيد على سحب قيمتها بالليرة اللبنانية أو طمرها في دفاتر الحسابات الورقية حتى إشعار آخر، أقله 3 سنوات، المدة المحددة لنفاذ هذا القانون.
وفي ما يخص عدّاد وباء “كورونا”، وعلى الرغم من قرار التعبئة العامة الذي اقرّته الحكومة الأحد، لا يزال العدد يرتفع يومياً، والأسعار نار وفي وتيرة متصاعدة منذ أشهر، وأضيفت، أخيراً، إلى اللائحة مواد التنظيف والتعقيم والغسيل والصابون ومشتقاتها.
من جهتها، تراقب الحكومة نتائج اتساع الوباء الاسبوع المقبل لاتخاذ القرار المناسب بعد التعبئة العامة، مع ترشيحات لرفع مستوى الإجراءات أكثر ومع حديث عن احتمال حظر تجوال.
في غضون ذلك، توقف مطار رفيق الحريري الدولي عن العمل بشكل شبه نهائي، عملاً بقرار مجلس الوزراء بوقف جميع الرحلات الجوية التجارية والخاصة من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت، اعتباراً من منتصف ليل الأربعاء ـ اليوم الخميس لغاية 29 من آذار الحالي.
في هذا السياق، أكد رئيس مجلس ادارة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت انها ليست المرة الاولى التي تتعرّض فيها الشركة للصعوبات، كاشفاً عن انّ الطائرات توقفت لأيام طويلة في وقت سابق، وعادت وحلّقت ورفعت اسم لبنان في العالم كلّه.
اذاً، لبنان يرزح تحت وطأة مشروع “كابيتال كنترول” ويودّع اقتصاده الحر، ومشروع القانون هذا يوسّع صلاحيات التركيبة السلطوية – المصرفية القائمة ويقونن عملية السطو على أموال صغار المودعين سواءً بحجب دولاراتهم عنهم أو بفرض شروط عليهم تقتضي تأمين دولارات من السوق لتسديد سندات قروض التجزئة (الاستهلاكية والشخصية) فوق سقف 650 دولاراً أو ما يوازي 1000 دولار للقرض السكني، مع ما يكبده ذلك من خسارة مزدوجة للمقترض ربطاً بإجباره على شراء الدولار بسعر السوق ما سيضاعف من قيمة سنده الأصلي.
ولفت وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة لـ”اللواء” إلى ان “مجلس النواب سيدرس بند كابيتال كونترول وسنلخص إلى تقديم أفضل شيء للبنان واللبنانيين”، مضيفاً: “كانت هناك حاجة لإجراء تعديل أو لا، الهدف منه التعاطي مع كل المودعين بمساواة وحمايتهم وتأمين موضوع التحويلات، وإذا تمّ الاتفاق حوله ستتم احالته إلى مجلس النواب”.
من جهتها، رأت مصادر دستورية أن “مشروع كابيتال كونترول يشكّل مخالفة واضحة للدستور، وتحديداً للفقرة (و) من مقدمته التي تنصّ على ما حرفيته: “النظام الاقتصادي حرّ، يكفل المبادرة الفردية والملكيّة الخاصة”. ويعني ذلك، انّه حتى ولو أُقرّ المشروع في مجلس الوزراء، وتالياً في مجلس النواب، فسيكون عرضة للطعن به أمام المجلس الدستوري الذي سيبطله حتماً، وهذا يتطلّب فقط ان يبادر 10 نواب وضمن المهلة القانونية، الى تقديم مراجعة طعن بهذا القانون، الى المجلس الدستوري.
ولفتت المصادر لـ”الجمهورية” إلى ان “المخرج البديهي هو اجراء تعديل دستوري، ولكن كابيتال كونترول تحرّمه مقدّمة الدستور، وتعديل هذه المقدّمة شديدة الصعوبة والتعقيد”.
توازياً، تقيم الحكومة اليوم مدى فعالية قرار “التعبئة العامة”، علماً انها طلبت مساعدات من عدد من الدول الصديقة والشقيقة لمواجهة “كورونا” لكن لا اجابة لأي منها على هذه الطلبات، باستثناء منظمة الصحة العالمية، بحسب “اللواء”.
في هذا الصدد، لا يخفي وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي طلب المساعدة، ولفت لـ”الجمهورية”، “نحن بحاجة للكثير من المعدّات، واللائحة الطبية تُطلب كاملة بانتظار ما يمكن أن تقدّمه كلّ دولة”، معلناً عن “هدية ثانية ستقدّمها الصين، ونحن بانتظار انتهاء الإجراءات اللازمة لتسلّمها”.
المصدر : الجمهورية .