تعديل سعر الصرف الرسمي “خبرية مضاربين”!

كتبت مريم حرب في موقع mtv: 

وداعاً للـ1507؟ سعر رسمي جديد لليرة اللبنانية في مطبخ “المركزي”… بحث جدّي حول أي رقم يجب اعتماده بين 3 و6 و8 آلاف ليرة للدولار. إطلالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأخيرة فتحت الباب أمام التقديرات والتحليلات حول تعديل سعر الصرف الرسمي بعد قول الحاكم: “إنّ سعر 1507 لم يعد واقعياً”. وفي وقت اعتبر البعض أنّ التعميم 161 جسّ نبض للشارع، ينتظر البعض الآخر موازنة 2022 ليبني على الشيء مقتضاه.

يجزم الخبير المصرفي نسيب غبريل أنّ الحديث “عن تعديل سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية مجرد كلام ولا يستند إلى أي معطيات عمليّة أو تصريح رسمي بهذا الخصوص من مصرف لبنان”. 

“موضوع سعر الصرف حيوي للاقتصاد اللبناني والتكهنات والتحليلات الارتجالية تتوالى فصولاً لذلك يجب الاعتماد على البيانات والتصاريح الرسميّة والتروي وعدم الانجرار الى العناوين البرّاقة”، على حدّ تعبير غبريل، مشيراً إلى أنّ “هذه التكهنات تُعتبر مضاربة وتخدم المضاربين”.

ويؤكّد غبريل في حديثه إلى موقع mtv الإلكتروني، “ألا علاقة للتعميم 151 القاضي برفع سعر السحوبات بالليرة اللبنانية من 3900 إلى 8 آلاف للدولار بالتحضير لتعديل سعر الصرف الرسمي لا من قريب ولا من بعيد، فرفع سعر السحوبات قابله تخفيض سقف السحوبات من 5 آلاف دولار إلى 3 آلاف دولار”.

بعد 151، صدر التعميم 161 لاستبدال السحوبات الليرة اللبنانية بالدولار من ضمن السقوف المحددّة لكل مودع ولضخّ دولارات في السوق من أجل لجم تراجع سعر صرف الليرة في السوق السوداء. في هذا الاطار، يلفت غبريل إلى أنّه “لا علاقة أيضاً للتعميم 161 بتعديل سعر الصرف الرسمي”، داعياً المزايدين والشعبويين إلى انتظار قرار مصرف لبنان، وانتظار موازنة 2022 وأي سعر صرف وُضعت على أساسه. 

أخبار تعديل سعر الصرف أتت بعد الحديث عن تعديل الدولار الجمركي والهدف منهما زيادة إيرادات الدولة، لكن حتى هذه اللحظة لم يصدر أي قرار رسمي عن أي مسؤول في ما يخصّ تعديل سعر الصرف الرسمي، فعلى أي أساس يُمكن إجراء هذا التعديل؟ 

يوضح غبريل أنّ تعديل سعر الصرف الرسمي لا يمكن أن يتم من دون خطة تعافٍ شاملة تتضمن دعم النموّ، توسيع حجم الاقتصاد، تحسين بيئة الأعمال والمناخ الاستثماري، إعادة تأهيل البنى التحتية، بدء المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوند، وضع خطة متوسطة الأمد لتصحيح المالية العامة وإقرار شبكة استقرار اجتماعي. 

يتوقع صندوق النقد الدولي من مصرف لبنان ووزارة المال وضع آلية لتوحيد أسعار سعر صرف الدولار، التي تشكّل بنداً أساسياً من بنود خطة التعافي الاقتصادي التي تعمل عليها الحكومة على أنّ يُتفق على تاريخ لتطبيقها مع بدء المحادثات مع صندوق النقد وبعد توقيع الاتفاق التمويلي الاصلاحي مع الصندوق وبدء العملية الاصلاحية وإعادة تكوين احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وتحرير صندوق النقد الأموال المرصودة للبنان من ضمن الاتفاق بين الطرفين.

في المحصّلة، يُحبّذ صندوق النقد تحرير سعر الصرف وليس استبداله بسعر رسمي آخر وأي سعر سيعتمد لن يكون إلّا ضمن إطار خطة تعافي اقتصادية شاملة، وعليه إنّ أي تغيير عن الـ1507 سيؤدي إلى  كارثة اجتماعية لا تُحمد عقباها، وإلى خسائر كبيرة في رأس مال المصارف وإلى تداعيات سلبية على الشركات والمؤسسات.

وإلى حين فكّ عقدة اجتماع مجلس الوزراء وبدء المفاوضات الرسميّة مع صندوق النقد سيبقى المواطن رهينة التعاميم والترقيع من جهة، وضحية دولار السوق السوداء الذي يخطو خطواته فوق الثلاثين بثقة المضاربين، من جهة ثانية.