هكذا يكون التغيير الحقيقيّ في خضمّ الانهيار…

كتبت “المركزية”: 

الأيام والدقائق والثواني انتظر اللبنانيون التحام عقارب الساعة لوداع سنة أقل ما يقال فيها “ليتها ما كانت في روزنامة عمرنا وصفحات تاريخ الوطن”. للمرة الأولى يفشل المنجمون في تثبيت اللبنانيين أمام شاشات التلفزة لمتابعة توقعاتهم للسنة الجديدة، لأن هذا الشعب أدرك ببساطة أن كل التوقعات سقطت أمام استراتيجية الفساد ومنظومة الدويلة داخل الوطن والسلاح خارج الشرعية فسقط الوطن ومن بقي من شعبه في قعر الجحيم.

إطلالة 2022 على وقع زخات الرصاص وقذائف “آر بي جي” كانت الشرارة الأولى لا بل التوقع اليقين لسقوط هيبة الدولة التي نزلت على الأرض ليلة رأس السنة وطمأنت اللبنانيين ” أنهم هنا” فكان الرد بالرصاص الذي “لعلع” متل الشتي وقذائق آر بي جي . أما الأجهزة الأمنية فاكتفت بالإعلان عن رصد أماكن مطلقي النار من دون ذكر اي إسم ، على غرار ما يحصل في كل مرة يتم فيها ضبط شحنات الكابتاغون المهرب إلى الخارج بحيث لا يتم الإعلان عن أسماء المهربين أو الرؤوس المدبرة و…انتهى البيان.

وفي حين صنف البنك الدولي ما يعيشه لبنان حاليا بأسوأ 3 أزمات مرت على العالم بعد تشيلي وإسبانيا، يتصدرالسؤال من أين نبدأ مع بدايات 2022 وما هي انتظارات اللبنانيين؟… مصادر إقتصادية اشارت عبر “المركزية” الى أن ما حصل في لبنان خلال العام المنقضي، أسقط كل التوقعات بإعادة استنهاض مقومات الدولة بعدما تداعت القطاعات كأحجار الدومينو، والحكومات إما مشلولة وإما مكبّلة. فيما تعاونت السياسة والسلاح على ضرب أي مبادرة خارجية قد تحيي أملًا بالإنقاذ، وأخذت بطريقها ما كانت تؤمّنه تحويلات المغتربين من إنعاش للوضعين المالي والمعيشي”.

سياسيا ثمة من يراهن على عامل الوقت بغية دفع فئة معينة من الناس للتراجع عن أهدافها، وتيئيسها وإحباطها من أجل دفعها إلى التسليم بسياسة الأمر الواقع مع انتفاء اية خيارات بديلة أمامها. وتشير مصادر سياسية مواكبة لمسار الأحداث الى “أن في أوقات من هذا النوع أيضا تُمتحن المجتمعات بين من لديه القدرة على الصمود والمواجهة والنضال على رغم صعوبة الظروف والأفق المقفل، وبين من يتأقلم مع الواقع في ظل بدائل غير متوافرة، وهنا بالذات تكمن أهمية الإستحقاق الإنتخابي لاستعادة مشروع الوطن والجمهورية للانسان الذي ينادي به حزب القوات اللبنانية ويعول عليه من أجل التغيير.

وفي وقت يأخذ البعض على “القوات اللبنانية” اهتمامها الزائد في الاستحقاق النيابي، وتعويلها عليه من أجل التغيير، وفي وقت يعتبر هذا البعض ان الفريق المُمسك بالسلطة الذي يسعى إلى تعطيل الإنتخابات إن من خلال التمديد، أو بعدم إعطائها الوزن المطلوب أو بتعطيل نتائجها،  تلفت مصادر قواتية لJ”المركزية”، الى “أن القوات لم تقل يوما بأن الانتخابات هي نهاية المطاف وأن الأزمة اللبنانية ستنتهي مع صدور النتائج في صناديق الاقتراع، إنما تنظر إليها انطلاقا من مجموعة عوامل، أولها يتعلّق بالاستحقاق بحد ذاته وضرورة التعامل معه بجدية كون المقاطعة غير مطروحة لدى  أي من القوى السياسية،. ويرتبط العامل الثاني بوجود مناسبة يمكن تحويلها إلى انتفاضة من خلال تعبئة الناس من أجل الاقتراع، ومن الخطيئة تفويت هذه المناسبة. يبقى العامل الثالث ويتعلّق بضرورة استخدام كل الطرق والوسائل الممكنة لكفّ يدّ فريق الأمر الواقع، والانتخابات وسيلة من هذه الوسائل التي تقلق هذا الفريق كثيرا لأن الناس مجيشة ضده بسبب واقعها المعيشي المأساوي، خصوصا ان هذه الانتخابات تجري وسط انهيار مالي يتحمّل الفريق الحاكم مسؤوليته والذي يخشى ان يفقد ورقة أكثريته النيابية وورقة أكثريته المسيحية التي توفِّر له الغطاء السياسي، فيما يجب الاستفادة من كل ما من شأنه حشر هذا الفريق وتطويقه”.

ويختم المصدر: “يخطئ من يراهن او يتصوِّر ان التغيير يتحقق من خارج البحار من دون إرادة الناس، لأن تبدُّل المعطيات الخارجية لا يعني بالضرورة تبدلا في المعطيات الداخلية في حال لم تكن البيئة الداخلية جاهزة للتغيير”.

وهنا بالذات تكمن أهمية الانتخابات النيابية المقبلة التي تجري وسط انهيار سياسي ومالي واقتصادي واجتماعي بدّل للمرة الأولى صفحات تاريخ الجمهورية اللبنانية. إنطلاقا من ذلك واتماسا لدقة المرحلة المفصلية المقبلة، لا يكفي “اقتناص” الشعارات الطنانة التي بدأ تسويقها عبر الإعلام الرقمي وصور المرشحين الإفتراضيين، والذهاب بها إلى صناديق الإقتراع لإحداث التغيير المنشود. و”حتى لو ما رجعتوا تنتخبوهن” فليكن القرار هذه المرة لمن تستحق عتبة البرلمان دعساته،  بعض النظر عن إرادة “القائد” الفلاني أو “الزعيم الفلاني. وإلا… سلام على التغيير والوطن ومن بقي من ناسه وشبابه.