قال التقرير الأسبوعي ل#بنك عوده في جردته السنوية أن العام 2021 كان عام انفلات سعر صرف الدولار في السوق السوداء ونزيف احتياطيات #مصرف لبنان من النقد الأجنبي وإن بوتيرة أقل من العام السابق والانخفاض المتمادي في أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية إلى أدنى مستوى تاريخي لها، فيما شهدت سوق الأسهم قفزات لافتة في الأسعار وسط مساعي المتعاملين للتحوّط تجاه الأزمات ولتجنب أي اقتطاع على رساميلهم. في التفاصيل، سجّلت السوق السوداء تحليقاً في سعر صرف الدولار خلال العام 2021 حيث لامس الـ30 ألف ليرة في شهر كانون الأول قبل أن يعود فيتراجع نسبياً إلى 27500 ل.ل. في نهاية العام، وهو يقارن مع سعر إقفال 8400 ل.ل. في نهاية العام 2020، أي بارتفاع كبير نسبته 227%. ويأتي هذا التدهور في سعر صرف الليرة وسط جفاف حادّ بالنقد الأجنبي، ونزيف مستمر في الاحتياطيات الأجنبية، وتعطيل للعمل الحكومي، ورفع كامل للدعم عن المحروقات، واسقاط مقترحات قانون “الكابيتال كونترول” والذي يعدّ في صلب مطالب صندوق النقد الدولي، ناهيك عن استمرار الكباش السياسي-القضائي الداخلي، وأزمة لبنان غير المسبوقة مع بلدان الخليج العربي. وعلى صعيد سوق سندات اليوروبوند، هوت أسعار سندات الدين الحكومية إلى منحدرٍ جديد في نهاية العام 2021 حيث بلغت 9.88-10.63 سنتاً للدولار الواحد، في ظل استمرار الترقب لمسار الحكومة الإصلاحي وبانتظار اطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بداية العام 2022 حول السياسيات النقدية والمالية والبدء بالمباحثات البنّاءة مع حاملي السندات. أما سوق الأسهم، فحققت ارتفاعاً بارزاً في الأسعار نسبته 48% في العام 2021 وسط مساعٍ من قبل المتعاملين لتجنب الاقتطاع على رساميلهم مع العلم أن أسعار الأسهم بالدولار المحلي، كما زادت أحجام التداول بنسبة 52% سنوياً علماً أن أسهم “سوليدير” نالت حصة الأسد من النشاط.
الأسواق
سوق النقد: شهد العام 2021 زيادة ملحوظة في حجم النقد المتداول بالليرة اللبنانية من 29411 مليار ليرة في نهاية العام 2020 إلى 41652 مليار ليرة في منتصف كانون الأول 2021، أي بما نسبته 42%. وتعزى هذه الزيادة اللافتة إلى أسباب عدة، منها: أولاً، تحرير الودائع المقيمة بالليرة اللبنانية؛ ثانياً، السماح للمودعين بإجراء سحوبات نقدية بالليرة من ودائعهم بالعملات الأجنبية عملاً بتعميم مصرف لبنان رقم 151 والذي عدّل ابتداءً من 9 كانون الأول 2021 سعر الصرف للسحوبات النقدية بالليرة من الحسابات بالعملات الأجنبية من 3900 ل.ل. إلى 8000 ل.ل. بينما خفض سقوف السحب من 5000 دولار إلى 3000 دولار شهرياً، أضف إلى ذلك تعميم مصرف لبنان رقم 158 والذي ألزم ال#مصارف منذ 8 حزيران 2021 بتسديد تدريجي للودائع بالعملات الأجنبية المكونة في الحسابات المفتوحة لديها قبل 31 تشرين الأول 2019، على أن يدفع 400 دولار نقداً و400 دولار إضافية بالليرة شهرياً على أساس سعر منصة Sayrafa يدفع منها 50% نقداً و50% بواسطة البطاقات المصرفية. في موازاة ذلك، تظهر المجاميع النقدية أن الودائع المصرفية المقيمة تقلصت بقيمة 11460 مليار ليرة منذ بداية العام 2021 حتى منتصف كانون الأول، بشكل رئيسي نتيجة انخفاض الودائع المصرفية المقيمة بالعملات الأجنبية بقيمة 9790 مليار ليرة (أي ما يعادل 6494 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي البالغ 1507.5 ل.ل.)، بينما سجلت الودائع المصرفية المقيمة بالليرة تراجعاً قيمته 1670 مليار ليرة وسط انخفاض في الودائع الادخارية بالليرة بقيمة 6018 مليار ليرة وارتفاع في الودائع تحت الطلب بقيمة 4348 مليار ليرة. من ناحية أخرى، بلغت كلفة الكاش بالليرة اللبنانية نحو 5.0% في سوق النقد في نهاية العام 2021، علماً أنها كانت بلغت 12% منتصف تموز 2021 عقب اعتذار الرئيس المكلف عن تشكيل الحكومة.
سوق سندات الخزينة: بعد خفضٍ للفوائد في العام 2020، شهد العام 2021 استقراراً في المردود على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية حيث تراوح بين 3.50% لفئة الثلاثة أشهر الأقصر أجلاً و7.0% لفئة العشر سنوات الأطول أجلاً. أما في ما يخص أحجام الاكتتابات، فقد بلغ مجموعها نحو 13445 مليار ليرة حتى 23 كانون الأول 2021، اكتتب بها مصرف لبنان بالكامل، علماً أن فئات الخمس والسبع والعشر سنوات نالت نحو 57% من الاكتتابات. في المقابل، ظهرت استحقاقات بقيمة 10401 مليار ليرة في العام 2021، مما أسفر عن فائض اسمي بنحو 3044 مليار ليرة في العام 2021 وهو يقارن مع فائض أقل قيمته 2440 مليار ليرة في العام 2020. في موازاة ذلك، زادت محفظة مصرف لبنان لسندات الخزينة بالليرة اللبنانية بنحو 1900 مليار ليرة منذ بداية السنة حتى منتصف كانون الأول 2021، وهي تقارن مع نمو أكبر وبقيمة 3011 مليار ليرة في العام 2020.
سوق القطع: سجّل العام 2021 تحليقاً في سعر صرف الدولار في السوق السوداء، حيث قفز من 8400 ل.ل. في نهاية العام 2020 إلى ما يقارب الـ30 ألف في كانون الأول 2021 قبل أن يعود فيتراجع هامشياً ليقفل على 27500 ل.ل. في نهاية العام بفعل التدابير الاستثنائية التي اتخذها مصرف لبنان لكبح جماح سعر صرف الدولار، ولا سيما التعميم رقم 161 الصادر في 16 كانون الأول 2021 والذي أجاز للمصارف بيع الدولار النقدي للمودعين بدلاً من تسديد السحوبات بالليرة وفقاً لحدود السحب لدى المصرف حتى نهاية كانون الثاني 2022. ويأتي هذا التحليق في سعر صرف الدولار وسط شحّ حاد في الدولار النقدي، ورفع كامل للدعم عن المحروقات، ونزيف مستمر في احتياطيات مصرف لبنان السائلة من النقد الأجنبي حيث تقلصت بنحو 6 مليار دولار خلال العام 2021 لتبلغ حالياً نحو 12.5 مليار دولار وفق آخر تصريح صادر عن حاكم مصرف لبنان، وفي ظل استمرار الشلل الحكومي وأزمة لبنان غير المسبوقة مع بلدان الخليج العربي، بينما خطة التعافي الحكومية لم تبصر النور بعد وفي حين لا تزال الأنظار تتجه نحو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول السياسات النقدية والمالية من أجل تأمين الدعم الدولي الملحّ للبنان. توازياً، ارتفع سعر صرف الدولار على منصة Sayrafa من 12200 ل.ل. منذ تاريخ إطلاقها في 31 أيار 2021 إلى 22600 ل.ل. في نهاية كانون الأول 2021. ومع استمرار تعددية سعر صرف الدولار واتساع الهوة بين سعر صرف الدولار سوق السوداء وسعره الرسمي لدى مصرف لبنان، أشار حاكم مصرف لبنان مؤخراً إلى أن سعر صرف الرسمي للعملة الوطنية “لم يعد واقعيا” وأنه لا يمكن توحيد سعر الصرف بمعزل عن استقرار سياسي وقبل اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
سوق الأسهم: شهدت سوق الأسهم اللبنانية ارتفاعاً قوياً في الأسعار في العام 2021، كما يستدل من خلال ارتفاع مؤشر بنسبة 48%، وزيادة لافتة في أحجام التداول بنسبة 52% بالمقارنة مع العام 2020 حيث بلغت زهاء 354 مليون دولار وسط إقبال لافت من المتعاملين على شراء الأسهم كنوع من التحوّط تجاه الأزمات وتجنباً لأي اقتطاع على رساميلهم. ويبيّن تحليل أكثر تعمّقاً لأداء الأسهم الإفرادية أنّ أسهم “سوليدير” نالت حصّة الأسد من النشاط في العام 2021 بنسبة 90.3%، تلتها الأسهم المصرفية بنسبة 9.0% فالأسهم الصناعية والتجارية بنسبة 0.7%. وقد سجّلت أسهم سوليدير “أ” و”ب” زيادات ملحوظة في الأسعار بنسبة 76.5% و82.2% على التوالي. أما في ما يخص الأسهم المصرفية، فإن أسعار الأسهم وايصالات الإيداع العمومية العائدة لبنك عوده والأسهم التفضيلية لبنك عوده من فئة “H” والأسهم وايصالات الإيداع العمومية العائدة لبنك لبنان والمهجر وأسهم بنك بيبلوس العادية سجّلت قفزات راوحت نسبتها بين %5.9 و88.5% في حين تراجعت أسعار خمسة أسهم بنسب وصلت الى 36.7%. وقد أدّى ذلك الى ارتفاع وسطي لأسعار الأسهم المصرفية بنسبة 14.1% في العام 2021. أما في ما يخص فئة الأسهم الصناعية والتجارية، فقد سجّلت أسهم “الإسمنت الأبيض إسمي” زيادة سنوية في أسعارها نسبتها 34.1%، تلتها أسهم “هولسيم لبنان” بنسبة 33.3%، فأسهم “ريمكو” بنسبة 9.7%. وترافقت هذه القفزات في الأسعار في بورصة بيروت خلال العام 2021 مع تراجع تقلّبية الأسعار. فهذه التقلّبية، التي تُقاس بنسبة الفارق المعياري للأسعار/على متوسط الأسعار، بلغت 11.2% في بورصة بيروت في العام 2021 مقابل تقلبيّة أعلى بكثير بلغت نسبتها 50.3% في العام 2020.
سوق سندات اليوروبوند: بعد الانخفاضات الحادة التي سجلتها سوق سندات اليوروبوندز اللبنانية في العام 2020 إثر تخلف الدولة عن دفع مستحقاتها في 9 آذار من العام الماضي، واصلت السوق مسلكها التراجعي في العام 2021 في ظل استعصاء الأزمة الحكومية، وتراكم التعقيدات على مستوى علاقات لبنان مع بلدان الخليج العربي، وبانتظار أن تبصر خطة التعافي النور، ووسط ترقب للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول السياسات النقدية والمالية بعد إعلان الحكومة عن انتهائها من المناقشات التقنية وبعد تقديمها بيانات للصندوق حول حجم خسائر القطاع المالي والتي قدرتها بنحو 69 مليار دولار. في هذا السياق، سجلت أسعار سندات الدين الحكومية تقلصات سنوية بمقدار 2.50 دولار إلى 3.88 دولار في العام 2021. عليه، وصلت أسعار السندات إلى مستويات دنيا في نهاية كانون الأول 2021، حيث تراوحت بين 9.88 سنتاً للدولار الواحد و10.63 سنتاً للدولار الواحد، ما يعني اقتطاعاً بما يناهز 90% لقيمتها في المتوسط.
المصدر: Annahar