تجربة أوميكرون.. كيف يتحضر العالم لـ”الوباء المقبل”؟

أطلق متحور أوميكرون منذ اكتشافه سلسلة من التساؤلات والتحديات حول الطريقة التي سيتصرف بها العالم مع “الوباء المقبل” الذي يقول علماء إن السؤال المهم “ليس  إذا ما كان سيحصل أم لا؟ بل مسألة متى سيحصل؟”.

وبعد ظهور أميكرون، اتخذت دول عدة إجراءات مثل حظر السفر، وحظر أغلبها السفر من وإلى القارة الإفريقية، حيث اكتشف المتحور هناك لأول مرة، كما عقدت مؤتمرات صحفية لا حصر لها في بلدان كثيرة لمسؤولي الصحة المحليين والعالميين.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن طريقة تعامل العالم مع متحور أوميكرون، تشبه طريقة التعامل مع الأصل الذي جاء منه، كوفيد -19، باستثناء أنها “أسرع بكثير”.

ومثل سلفه، أدى أوميكرون إلى تداعيات اقتصادية، لكن “التمرين” الذي منحه كورونا للعالم أدى كما يبدو إلى تسريع الصدمة الاقتصادية، وربما سيؤدي أيضا إلى جعلها قصيرة الأمد.

كوفيد -19

في الأسابيع الأولى من عام 2020، أثبتت الولايات المتحدة وكثير من الدول أنها غير مستعدة للتحديات المقبلة، وخاصة فيما يتعلق بموضوع الكشف عن الفيروس.

ونقلت نيويورك تايمز عن الدكتور، تشارلز تشيو، المتخصص في الأمراض المعدية وعالم الميكروبات في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو “كان لدينا تأخير من شهر إلى شهرين قبل أن نتمكن حتى من تحديد وجود الفيروس”.

وبحلول ذلك الوقت، كان كوفيد قد انتشر بالفعل على نطاق واسع بين ولايات متعددة ومن الساحل إلى الساحل.

ومنذ أول حالة، قتل الفيروس أكثر من 800 ألف شخص في الولايات المتحدة، وأكثر من 5.3 مليون شخص حول العالم، فيما أصاب أكثر من 50 مليونا في الولايات المتحدة، و271 مليونا حول العالم.

ويتشابه الفيروس ومتحوره أوميكرون بأن من الضروري التصدي له بسرعة،  في حين تأخر توفير لقاح فعال لكورونا نحو عام، ويقول مسؤولو الصحة إن 100 يوم كافية لإيجاد لقاح ضد أوميكرون، كما أن قوة المضادات الفيروسية تتزايد.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، عن مسؤولين في شركة فايزر لإنتاج الأدوية والعقاقير، الثلاثاء، قولهم أن “حبوب مضادات فيروس كورونا خفضت بشكل حاد دخول المستشفيات والوفيات بين الناس المعرضين لخطر كبير من مرض شديد بسبب العمر أو الحالات الطبية المزمنة”.

وفي السابق، كان الحديث عن حبوب تقاوم الفيروسات، أمرا “شديد التعقيد”، لكن فايزر تقول إنها تتوقع الموافقة على عقارها “قبل نهاية العام” بحسب واشنطن بوست.

وقالت، أناليسا أندرسون، كبيرة الباحثين العلميين في فايزر أن “مضادات الفيروسات الفموية تقدم فوائد كبيرة، أهمها أنها لا توجب اتصال المرضى بالأطباء والممرضين فيزيائيا لمنح العلاج”.

وكاد فيروس كورونا أن يؤدي إلى انهيار النظام الصحي في العديد من الدول، ليس فقط بسبب عدد المرضى الكبير الذين جاؤوا إلى المستشفيات في وقت متزامن، ولكن أيضا بسبب ارتفاع عدد الضحايا بين الفرق الصحية.

الوباء المقبل
في حالة أوميكرون، كان العلماء بالفعل منتبهين لسلوك فيروس كورونا وتحوراته، وكانت شركات الأدوية “تشحذ” أسلحتها المتمثلة باللقاحات والعقاقير.

لكن الوباء المقبل قد يكون مباغتا أكثر

ونقلت نيويورك تايمز عن، ريك برايت، الرئيس التنفيذي لمعهد الوقاية من الامراض فى مؤسسة روكفلر ” نعلم أن هناك مسببات أمراض اسوأ من كوفيد، تنتظر لحظة إقلاع”.

ويقول، جوزيف فاوفر، عالم الأوبئة الجينية في المركز الطبي بجامعة نبراسكا إن الوقاية من الوباء التالي تبدأ بالكشف عن مسببات الأمراض التي تهددنا وتعقبها.

ويضيف أنه “في هذا الصدد، على الأقل، نحن أفضل حالا بشكل أكبر بكثير مما كنا عليه في مثل هذا الوقت من العام الماضي”.

ما الذي يجب تطويره؟
بكلمة واحدة، يجب على العالم تطوير طرق للكشف عن الفيروسات المتعددة والمختلفة، وتحديدها بسرعة والكشف عن الإصابات بشكل دقيق.

وفي حالة كورونا، أدى نقص معدات الاختبار طويل الأمد إلى انتشار كبير للفيروس، بدون أن يلاحظ العلماء في البداية سوى قمة جبل الجليد.

وبدون اختبارات فعالة، فإن إجراءات هامة مثل العزل الصحي والحجر وتتبع المخالطين، لا يمكن إجراؤها.

والآن، تتمكن المختبرات بسهولة نسبية من الكشف عن أوميكرون، كما أن اكتشاف كوفيد -19 أصبح ممكنا في وقت قصير من الفحص.

ونقلت نيويورك تايمز عن كيلي فروبلوسكي، مديرة الأمراض المعدية في جمعية مختبرات الصحة العامة، أن المختبرات تنوع سلاسل التوريد الخاصة بها، واشترت معدات جديدة، ووظفت المزيد من الموظفين.

كما أن الطلب المتزايد على معدات الاختبار أدى إلى تزايد الاستثمارات فيها، مما أدى إلى انتاج أنواع جديدة كثيرة من تلك المعدات، بما في ذلك حزم اختبار منزلية يمكن لأي شخص القيام بها.

وقالت، مارا أسبينال، الخبيرة في التشخيص الطبي الحيوي في جامعة ولاية أريزونا، لنيويورك تايمز “لقد انتقلنا من المستشفيات إلى المختبرات المركزية إلى غرفة معيشتك”.

تطور المفاهيم العلاجية
بسبب كورونا، أصبح شائعا بشكل كبير مفهوم “الجرع المعززة” للقاحات، والتي كانت أقل شيوعا فيما مضى.

ومع أن لقاحات مثل لقاح الإنفلونزا، تمنح بشكل موسمي، لكن الدعاية التي رافقت كورونا جعلت من أخبار لقاحاته أمرا مثيرا للاهتمام.

وحينما جاء أوميكرون، أصبح مصطلح “الجرع المعززة” في كل مكان تقريبا.

ونقلت شبكة CNBC الأميركية عن دراسات أجريت مؤخرا في جنوب أفريقيا تأكيدات على أن جرعة معززة من لقاح فايزر، يمكن أن تمنح حماية ممتازة ضد متحور أوميكرون

المتحور نفسه كان قد أثبت فعالية ضد جرعتين من لقاح فايزر، لكن يبدو أن الجرعة الثالثة مفيدة بشكل كبير في منع المرض الجديد والإدخال إلى المستشفى والوفاة.

وبشكل ما، تقول نيويورك تايمز، جعل أوميكرون وسلفه كورونا العالم مستعدا نفسيا للوباء المقبل، مما قد يسهم في تقليل الوقت اللازم للتعامل معه، كما إن الناس أصبحوا أكثر اعتيادا على تقبل التعليمات الصحية والالتزام بها.

المصدر:lebanon24