كتبت فانيسا مرعي في “الاخبار”:
بين تأمين لقمة العيش و«قدسية» المهنة، لم يتردّد معلمون كثر، في التعليم الرسمي خصوصاً، في البحث عن «مهن» ثانية ولو بدوام جزئي، بعدما وضعتهم الأزمة أمام خيارات معيشية صعبة، وزاد الأمور سوءاً غلاء المحروقات ما جعل الراتب لا يساوي كلفة الانتقال إلى مكان العمل. الاتجاهات نحو العمل في قطاعات أخرى، تختلف بين معلم وآخر، فيما الغاية واحدة: توفير دخل إضافي متواضع للعيش بكرامة.
مجد، معلم متعاقد، يدرّس في مدرستين رسميّتين وكلّ ما يجنيه لا يتجاوز ثلاثة ملايين ليرة شهرياً. المبلغ يكاد يكفي للانتقال إلى المدرسة فحسب، و«أشعر كأنني أعلّم من دون مقابل، لا بل أدفع، أحياناً، مبالغ إضافية للمواصلات». الأزمة فرضت على مجد تحويل إحدى هواياته، الصيد البريّ، إلى عمل يؤمّن من خلاله دخلاً آخر، إذ بات يعمل، نهاراً، في التعليم، فيما يتّجه، ليلاً، إلى الأحراج ليصطاد الخنازير ويبيع لحومها. «قبضت 3 ملايين و600 ألف ليرة ثمن لحم خنزير اصطدته، أي أن ساعة واحدة من الصيد يمكن أن توازي، مادياً، شهراً كاملاً من التعليم وما يرافقه من تحضير وتعب»، لافتاً إلى أن «الصيد يؤمّن أيضاً غذاء للأسرة، ما يقلّل من المصاريف التي ننفقها على الطعام».
مردود ساعة واحدة من الصيد يوازي شهراً كاملاً من التعليم
رامي، وهو معلم مستعان به يدرّس في مدرستين رسميّتين في قضاء جبيل، يساعد والده في إعالة أسرة من أربعة أفراد، علماً بأنه ينتظر أجره على دفعتين خلال العام الدراسي (دفعة كل فصل أي نحو كل 3 أشهر)، فيما لا تتجاوز أجرة الساعة التعليمية 20 ألف ليرة لبنانية. «في المرة الأخيرة التي تقاضيت فيها راتبي، أنفقت المبلغ الذي جنيته لقاء تعب ثلاثة أشهر من التعليم في المدرسة الواحدة، على تكاليف التنقل فقط». لذلك، بالتزامن مع التعليم، بدأ العمل في ملحمة يديرها والده، فيؤمّن مدخولاً إضافياً ولا يضطرّ والده إلى توظيف عامل يدفع راتباً له، خصوصاً أن عمل الملحمة تراجع أخيراً، بسبب الظروف الراهنة. ويقول إنه يبحث عن عمل ثالث، «أياً كان نوعه».
وفي السياق، قرّرت مايا التي تعمل مرشدة تربوية اجتماعية في مدرسة رسمية، الاستفادة من الأعمال اليدوية التي تعلّمتها من والدتها. فوجدت بعد بيع ما تنجزه من أعمال «كروشيه» أنه يؤمن لها دخلاً مضاعفاً مقارنة مع مردود عملها في المدرسة، نظراً إلى أن ساعة عملها تعادل 15 ألف ليرة.