كما كان متوقعاً، فجّر الارتفاع الجنوني للدولار الشارع مجدداً، فشهدت شوارع النبطية تحركاً إحتجاجياً على السياسات المالية المتبعة، وعلى تمادي محال الصيارفة في التلاعب بسعر الدولار الذي لامس الـ2700 ليرة لبنانية، ما دفع الصيارفة إلى اقفال محالهم.
ومن أمام خيمة “ثورة النبطية” إنطلقت التظاهرة باتجاه مصارف المدينة، فأقفل عدد منها ابوابه امامهم، ما أثار حفيظة الثوّار، مؤكدين أنّ تحركهم هو لفتح المصارف أبوابها ولدفع أموال الناس وليس حجبها أو “دفعها بالقطارة”، كما قال موسى علي أحمد الذي ركز على نقطة رئيسة وهي أنّ “الثورة الشعبية انطلقت من جديد، ولن نسمح بالتحكم برقاب الفقراء”.
كاد السجال يحتدم بين المحتجين والمصارف بعد رفضها فتح الأبواب لتلاوة بيانهم، ما دفع الشبان إلى الطَرْق على الجدران في خطوة اعتراضية على تمادي المصارف في تلاعبها بأموال الناس، بحسب مازن أبو زيد الذي اعتبر أنّ “المصارف رهنت أموالها لمصرف لبنان لتحقيق مزيد من الأرباح، وتمتنع عن دفع المال لصغار المودعين، وهذا الامر بات مجحفاً، بخاصة مع حاجة الناس الى اموالهم في ظل الارتفاع الفاحش في الاسعار”. وأكد أنّ “التحركات ستتواصل، ولن تهدأ، وسيكون ردّ الفعل قاسياً”، داعياً وزير الداخلية “لوضع حد للمصارف ومحاسبتها وليس محاسبة من يرفع صوته بوجه اضطهادها”.مشهد 17 تشرين يعود
إستعاد التحرك مشهد “ثورة 17 تشرين”، وأكد المحتجون أن “تحرك اليوم هو بداية ثورة 17 تشرين، وأن الضغط سيزداد إن فكّرت الحكومة بدفع اليوروبوند”، وفق فدوى، وأضافت: “حينها ستشتعل الثورة الحقيقية، اليوم استفاق الاهالي على ارتفاع مضاعف للاسعار، السواد الأعظم من منطقة النبطية يرزح تحت خط الفقر، ونسبة كبيرة تتقاضى الحد الادنى للأجور، أي اننا امام كارثة، والجوع كافر”.
رفضت عذراء قانصو مشهد ذل المواطن داخل المصرف، واعترضت على رفض أحدهم دفع مستحقات احد المرضى، رفعت صوتها بوجه الجميع “بيكفي تذلونا”. عذراء التي خرجت للمشاركة بالتحرك ضد المصارف والصيارفة، أكدت أنّ “ثورة 17 تشرين تجدد ذاتها”، في تأكيد على أنّ التحركات ستتصاعد وتيرتها، ولا تنكر ان الشارع يغلي والفقر يتوسع، ومروحة اذلال المصارف لصغار المودعين تتمادى، إلا انها تجزم أن الخطوات التصعيدية ستكون قوة الضغط بوجه السلطة الفاسدة، رافضة اقفال المصارف: “نحن نريد فتحها لتدفع اموال المودعين الصغار، تحركنا ضد الصيارفة الذين يتحكمون بالبلد وبالدولار، وينهبون مال الناس بالتواطؤ مع حاكم مصرف لبنان”. صرخة عذراء من امام احد محال الصيارفة الذي أجبره المحتجون على الاقفال، تتقاطع مع صرخات الامهات اللواتي شاركن في التحرك ممن خرجن للدفاع عن لقمة عيشهن واولادهن.
“ام سماح” واحدة من هؤلاء، بقهر تقول: “نعاني الجوع، لم يعد بمقدورنا شراء الطعام، الكل يتحكم بنا، على السلطة الفاسدة التي جوّعتنا ان ترحل، وصلنا الى الحضيض، والكل يتفرج على معاناتنا ولا من يتحرك لوقف الانفجار”.
أكثر ما يثير غضب المحتجين هو ان الناس لم تصرخ بعد، ما زالت تعاني داخل منازلها. يسأل محمود عن سر هؤلاء: “نحن نتحرك باسمهم، وهم لا يبالون، الازمة تخنقنا، ومن اوصلنا الى هذا الدرك هو الخنوع والارتهان لسياسة الاحزاب”، ولا يتردد بالقول: “هل بات بمقدور المواطن ان يشتري ابسط حاجياته، بالطبع لا، إذا ماذا ينتظر؟”.
المصدر : نداء الوطن