“حرب وجودية” أمام “حزب الله”… فما هي خطة المواجهة؟

تسعى  قيادة “حزب الله” إلى  صدّ الهجمات الارتدادية في الداخل كما في الخارج، ويمكن القول بأنها تخوض صراعاً وجودياً عبر سلسلة معارك لن  يخرج منها الحزب، كما بيئته الشعبية، من دون خسائر جسيمة بين  “كورونا” و “ادلب” و”سندات الدين”.

لقد  بات واضحاً أن مصير حكومة دياب  في لبنان قد اصبحت على المحك، و تلوح في الافق  موجة جديدة من الاحتجاجات قد تكون مضاعفة عن سابقاتها حجماً وعنفاً على مشارف الانهيار الاقتصادي، وللحزب رأي واضح وصريح بعدم دفع سندات الدين ومنع لجوء  لبنان نحو صندوق النقد الدولي ورفض الانصياع لـ”الإستكبار العالمي” وفق مبرراته ، فيما على اللبنانيين الاختيار ما بين احتمالين لا يحملان سوى المصائب والفقر والجوع.

“حزب الله” يملك  إعتبارات مختلفة عن شركائه بقضية تخلّف لبنان عن تسديد سندات الدين، يأتي في مقدمتها تزايد حدة الضغوط الأميركية الشديدة اقتصاديا ًومالياً، خصوصا في ضوء النجاح الذي تحصده من دون أعباء تصيب مصالحها الحيوية في المنطقة. واشنطن تمارس ضغوطاً حتى على حلفائها وتمنعهم من تقديم مساعدات عاجلة تنقذ لبنان اقتصاديا، وهي تراهن على هشاشة الوضع اللبناني حتى تلبية مطالبها القائمة على فصل لبنان عن المحور الايراني والذهاب نحو تغييرات جوهرية.

في هذا السياق، من البديهي الاعتقاد بأن قيادة “حزب الله” لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مشهد  لهيب الحرائق يقترب نحو حضنها السياسي والشعبي من دون أن تبادر إلى الرد وفتح أبواب المواجهة و بإحتمالات مفتوحة غير مرتبطة بضوابط كما كان يحصل بالسابق، وهنا تسجل  بوادر تصعيد في الداخل عبر تشديد اللهجة بالخطاب السياسي ما يوحي بالكثير محليا وإقليمياً.بالانتقال الى الميدان السوري، فقد تلقّى الحزب ضربة عسكرية  موجعة جداً في ادلب.

أما ما هو أكثر ايلاماً فهو انكشاف وضعه في سوريا جراء عدة عوامل أبرزها تخاذل جيش النظام عن الدفاع المستميت عن مواقع “حزب الله” والانسحاب من المعركة، كما فقدان الغطاء الجوي الروسي، ومن ثم  مسارعة إيران عبر رئيسها حسن روحاني إلى التدخل لدى تركيا لضبط الوضع في ادلب.جميع هذه العوامل افضت إلى خسائر فادحة تكبدّها “حزب الله” في ادلب انعكست على وضعه في لبنان، جراء ازدياد وطأة الازمة المالية والمعيشية على الجمهور الشيعي، كما على كل اللبنانيين، بالاضافة الى مخاطر انتشار فيروس كورونا القادم من ايران، لتأتي مأساة ادلب  لتزيد من مصاب اللبنانيين خصوصا.في ضوء انتشار الكورونا و النعوش القادمة من ادلب تتكاثر الاسئلة داخل بيئة “حزب الله” عن تمايز الموقف الايراني في ما خص الازمة الاخيرة في ادلب من أجل مصالحها على حساب دماء أبنائهم. كما تدور الأسئلة عن  جدوى ضريبة الدم الجديدة التي بذلت من اجل لا شيء.

فلا َمراقد مقدسة شيعية لحمايتها ولا قتال في وجه التكفير في ادلب، لا سيما مع ورود معلومات عن أن مجموعات “حزب الله” هناك لم تكن تشارك في القتال، وكانت تنصاع  لاوامر مباشرة من ضباط الحرس الثوري الايراني في سوريا.من هنا تقرأ اوساط “حزب الله” الواقع الحاصل بروية على رغم جلبة الاستحقاقات الداهمة. فالرسائل متعددة ولكن المضمون واضح أميركياً، وهو يتلخص بضرورة حصر نفوذ “حزب الله” ضمن اللعبة السياسية في لبنان ومغادرة الميدان السوري ما يعني التخلي عن كل الانجازات التي تحققت هناك، ومعها كل التضحيات التي بذلت، وترك سوريا لتقاسم النفوذ فيها بين القوى الاقليمية والدولية.

المصدر :Lebanon 24