عودة” نصري خوري و”إحياء” المجلس الأعلى اللبناني السوري

في الاجتماعات والنقاشات الحاصلة في موضوع جرّ الكهرباء من الأردن والغاز من مصر عبر سوريا، عودة إلى مشهد المجلس الأعلى اللبناني السوري. وعودة إلى أمين عام المجلس، “الأمين” في الحزب السوري القومي الاجتماعي، نصري خوري. بين الفينة والأخرى، وبين حدث وآخر، يعود اسم خوري إلى الظهور، تعليقاً أو شجباً أو دعماً. أو حتى ناطقاً باسم مستجدات العلاقات بين لبنان وسوريا.
على مشارف عودة “التطبيع” الاقتصادي بين لبنان سوريا، موافقة سورية على دعم لبنان بالكهرباء من الأردن وبالغاز من مصر. فماذا يقول نصري خوري؟

الاجتماع الرباعي
يعيد الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري، نصري خوري، التأكيد على أنّ الجانب السوري وافق على تمرير الخطة من الأردن عبر الأراضي السورية. وفي اتصال مع “المدن”، يشير خوري رداً على سؤال إلى أنّ “الأمر الآن متوقّف على الاجتماع الرباعي الذي سيتم عقده في الأردن بين ممثلي الدول المعنية، أي الأردن ومصر وسوريا ولبنان”. فتبقى أمور تقنية أساسية، منها الاتفاق بين لبنان ومصر على الأسعار، ودراسة مدى جهوزية المستوى اللوجيستي في الأردن. ويضيف أنّ “الأمور الفنية والكميّات ووقت بدء تنفيذ الاتفاق متروكة للاجتماع الرباعي لتحديدها”.

عودة المجلس الأعلى
في ما يخص دور المجلس الأعلى اللبناني السوري، يعلّق خوري أنّ “المجلس نشأ بفعل معاهدة بين الجانبين”. هي معاهدة مسجّلة في جامعة الدول العربية وفي الأمم المتحدة، “هي شأن خاص بالحكومتين، واستمرار المجلس يتوقّف على موقف الدولتين”. لا يرغب خوري الخوض في المزيد من التفاصيل المتعلّقة بهذا الشأن، خصوصاً أنّ التصويب على “المجلس” ودوره ومعانيه فعل سياسي كان شبه يومي خلال إثارة أي تفصيل متعلّق بالعلاقة بين لبنان وسوريا.

الاجتماع الأخير
وفي مراجعة التواريخ، يعود الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى، برئاسة رئيسا الدولتين، إميل لحود وبشار الأسد، إلى 7 آذار 2005. في ذلك الاجتماع تقرّر “إعادة انتشار القوات السورية في لبنان وتفعيل مؤسسات المجلس واللجان الوزارية، والاتفاق على جدولة قريباً للانسحاب الكامل”، حسب البيان الرسمي الصادر حينها. بعد الانسحاب العسكري السوري الكامل بنهاية نيسان 2005، وبعد غزوة 7 أيار 2008، وبعد اتفاق الدوحة، تمّت “السين سين”، وزار الأسد والملك عبد الله بيروت عام 2010. وأعيدت العلاقة بين البلدين، بين الحكومتين، في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري، قبل أن يعود التوتّر بفعل إسقاط الحريري وانطلاق الثورة السورية وبدء المذبحة بحق الشعب السوري.

“الكلّ” في سوريا
في كانون الأول 2009، زار رئيس الحكومة سعد الحريري دمشق لأول مرّة ترجمةً لـ”السين سين”. وفي تموز 2010، زار الحريري دمشق على رأس وفد من الحكومة اللبنانية يضمّ 13 وزيراً، لتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين، بعد قطيعة 5 أعوام، إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتّهام “النظام اللبناني السوري الأمني المشترك” بالاغتيال. شارك في تلك الزيارة كل المكوّنات السياسية للحكومة. فكان “الكل” في سوريا. فانعكس كل هذا إيجاباً على واقع المجلس الأعلى. كان القرار العربي والإقليمي آمراً بالمصالحة بين نظام الأسد وأركان السلطة اللبنانية، فتمّ الأمر. ثم تبدّلت بعدها المواقف وحصل ما حصل.

المجلس.. وأمينه
وقع الاحتلال السوري وتمّ تكريسه بعد اتفاق الطائف، فسرت الأخوة بين نظام الأسد والسلطة اللبنانية. وكان المجلس الأعلى ثمرة معاهدة “الأخوة والتعاون والتنسيق” الموقعة في 22 أيار 1991. ويضم المجلس، رئيسي الجمهورية ورئيسي مجلس النواب ورئيسي ونائبي رئيسي الحكومة في البلدين. أما نصري خوري، فهو الأمين العام الأزلي للمجلس الأعلى منذ لحظة تشكيل الأمانة العامة في تموز 1993. نصري خوري، يحمل رتبة “الأمين” في الحزب السوري القومي الاجتماعي. لديه مكانة خاصة بين القوميين السوريين. كما سبق للحزب القومي أن كرّمه عام 2010. كما تولى مسؤولية “عميد العمل” في الحزب خلال فترة حصار بيروت قبل اجتياحها عام 1982.

لبنان وموازنة المجلس
في ما يخص المجلس الأعلى اللبناني السوري، سؤال دائم عن موازنته وأمواله. تشير “المفكرة القانونية”، إلى أنّ موازنة المجلس بلغت 885 مليون ليرة لبنانية عام 2016 (أي حوالى 590 ألف دولار أميركي حينها). في حين تؤكد “الدولية للمعلومات” أنّ الموازنة المرصودة من قبل لبنان للمجلس كانت بهذه القيمة لأعوام 2015 و2016 و2017. وانفخضت إلى 708 مليون ليرة عام 2018 (472 ألف دولار)، وعام 2019 باتت 796 مليوناً (530 ألف دولار)، و716 مليون في موازنة 2020 ومشروع موازنة 2021 (أي 477 ألف دولار على سعر 1500 ليرة للدولار، أي تقريباً 40 ألف دولار على سعر صرف الدولار في السوق السوداء).
قد يعتبر المجلس الأعلى، هدراً للمال العام، خصوصاً بعد قيام التمثيل الديبلوماسي بين البلدين عام 2008. وقد يُعتبر باباً للتطبيع السياسي بين البلدين. وقد يُعتبر تأكيداً على أواصر الأخوّة لـ”شعب واحد في بلدين”. المجلس الأعلى تكريس لكل العبارات التي حكمت لبنان والشعب السوري منذ عقود: “روابط الأخوة، جذور القربى، التاريخ الواحد، الانتماء الواحد، المصير المشترك، التعاون، التنسيق.. وحدة المسار والمصير”.