أكّد النائب نعمة افرام، في مقاربة له عن الوضعين الاقتصادي والمالي وملّف الكهرباء، “أنّنا نعاني من ثقب أسود في الاقتصاد وفي القطاع العام منذ سنوات طويلة ما أدّى إلى عجز كبير، واليوم لا نزال نعاني من خروج حوالي مليار دولار شهريّاً من لبنان على الاستيراد. وصحيح انّ معالجة اليورو بوند مهمّة لكنها جزء من كل، والأهم هو رؤية شاملة من خلال غرفة عمليّات في مجلس الوزراء تسوق الأزمة وليس العكس وتبدأ بوقف نزيف خروج العملة الصعبة. فلا يجوز الاستمرار في سماع كلام حتى الساعة عن ضخّ الدمّ قبل وقف النزيف!”
ولفت افرام إلى انّه “ما وصلنا إليه اليوم كان يمكن تفاديه منذ زمن لو أننا أتينا بالأشخاص المناسبين في المكان المناسب. فالعلم والشفافية والنيّة الحسنة هي من الضروريات، لكن لدينا في لبنان فساد هائل. ولسوء حظ المواطنين كما الدولة اقترن الفساد بالغباء، حيث لكي يسرق الواحد بضعة ملايين من الدولارات كان يراكم علينا وعلى أولادنا من بعدنا بفعلته هذه، مليارات الدولارات”.
وأشار افرام إلى انّ “الحديث كلّه يدور اليوم حول خطّة لمواجهة التعثّر وهو ليس فقط في اليورو بوند. ورغم التقشّف، علينا أن نضع حدّاً وفوراً للنزف الشهري الهائل المتمثل في خروج العملة الصعبة من البلاد بقيمة حوالي مليار دولار على الاستيراد العام وفي شؤون أخرى ولا سيّما على المحروقات التي تستنفذ وحدها 5 مليار دولار سنويّاً، فهل يجوز الاستمرار في سماع كلام حتى الساعة عن ضخّ الدمّ قبل وقف النزيف؟”.تابع:” أنا مع إعادة هيكلة لليورو بوند مع مفاوضات وعدا ذلك سنكون أمام مأزق كارثي. وبرأيي، من يستطيع مساندتنا في تجاوز أزمة اليورو بوند يمكن أن نمنحه امتيازاً على فترة محدّدة لتأمين الكهرباء لنا، على أن يدفع الكلفة كاملة لـتأمينها. ولن نخرج من الأزمة إلا بإنشاء صندوق لإدارة أصول الدولة دون بيعها، واستثمارها بأفضل طريقة بالشراكة مع القطاع الخاص، مع الوصول تدريجيّاً إلى صفر عجز. فالقبول ببقاء العجز سنة وراء سنة دون وقفه كان جريمة”.عن استعادة الأموال المهرّبة والمنهوبة أوضح:” التجارب في العالم تشير إلى انّ العديد من الدول التي تمّ فيها تهريب ونهب الأموال استطاعت أن تسترجعها، وهناك أمل أن يسترجع اللبنانيون أموالهم. واليوم هناك ضغط شعبي في هذا الإطار حيث تتوجّه العرائض إلى السفارات والدول والمنظمات الدوليّة المعنيّة تطلب معلومات بهذا الموضوع حول من هم في السلطة وأقاربهم وأصحاب النفوذ والمصارف”.
عن ملف الكهرباء، قال: “بعد الحرب اللبنانيّة ومع تسلّم الراحل جورج افرام وزارة الطاقة، كانت كهرباء لبنان بصفر عجز، وأتأسّف أنّنا لم نعد نسمع بالتوازن المالي من يومها في هذا القطاع. وأذكّر إلى أن هناك القانون 462 الذي أقرّ عام 2002 وينص على إقامة شركتين واحدة للإنتاج وأخرى لتوزيع الكهرباء، وفي إطاره أيضاً إنشاء الهيئة الناظمة، لكنه لم يطبّق للأسف”.واعتبر “أن المناكفات السياسية جعلتنا ضحيّة على كل المستويات، وتمّ التعامل مع معظم الوزارات كغنائم حرب لاستغلالها شعبويّاً، مع وجود محميّات سياسية في مختلف القطاعات العامة “.افرام لفت إلى أنّه “كان يجب أن ننتقل إلى انتاج الكهرباء على الغاز منذ عشر سنوات، ولو فعلنا لكنّا وفّرنا بذلك أكثر من 30 مليار دولار. وقد حملت ملّف وضع محطة الذوق على الغاز المضغوط، وقمنا بمعركة من أجل ذلك، ولو تمّ السير بالخطة لكنّا وفرنا سنويّاً 100 مليون دولار على هذه المحطّة إضافة إلى انهاء كلّ المشاكل البيئيّة المتأتيّة عن وضعها الحالي. هنا، على الجميع أن يدرك انّ كلفة انتاج الكهرباء على الديزل هي 17 سنت والدخول على الشبكة بعدّادات لا يمكن أن نبيعه بأقل من 20 سنت، وما علينا سوى الانتقال إلى الغاز وبيع الكيلوواط بـ 12سنتاً فنسترجع ما دفعناه خلال 7 سنوات، خصوصاً أنّ الحاجة هي إلى 2000 ميغاواط بكلفة مليار و200 مليون دولار”.وختم افرام: “ما يقوله الناس عن الكهرباء اليوم كنت أقوله منذ سنوات كرئيس لجمعية الصناعيين وكنائب لاحقاً وفي مقالات منشورة وبيانات ومؤتمرات صحفية. يجب أن نعي أنه ستكون هناك اجراءات ماليّة موجعة، وإذا تعاطينا بذكاء نستطيع الوصول إلى برّ الأمان. فالواقع أسود، وعلينا كشعب أن نتحلّى بالشجاعة في مواجهة هذا الواقع تماماً كما فعلنا أيام الحرب، ولو توجّعنا لكننا نستطيع الخلاص”.