أين الـ 400 مليار ليرة المرصودة لرفع التلوّث عن الليطاني؟

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

كلّما توسّعت دائرة إنهيار الدولة وتحلّل مؤسساتها، كلما تكشّف المزيد من الملفات التي تفوح منها رائحة الهدر والفساد والإهمال وغياب المسؤولية الوطنية والأخلاقية. فمنذ أيام، تقدّم رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي بإخبار إلى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، سأل فيه عن مصير مبلغ الـ 400 مليار ليرة التي رُصدت لرفع التلوث عن مجرى نهر الليطاني بالقانون 63، وذلك بعد إرتفاع نسبة الإصابة بأمراض السرطان والجهاز الهضمي في القرى المحيطة نتيجة التلوّث الصناعي والكيميائي والصرف الصحي.

وقال عراجي لـ”نداء الوطن”: “لقد أقرّ مجلس النواب القانون 63 في أواخر العام 2016 من أجل رفع التلوث عن نهر الليطاني وبحيرة القرعون على أن يتم التنفيذ لمدّة سبع سنوات بمبلغ 150 مليار ليرة سنوياً من ضمن موازنة وزارة الطاقة، وأن يشمل العمل رفع التلوث من المنبع إلى المصبّ بطول 170 كلم ويتضمّن المشروع شبكات ومحطات تكرير ورفع كل الملوثات”.

ولفت إلى أنّ “كلفة المشروع تبلغ حوالى 800 مليون دولار حسب دراسة أعدّها مجلس الإنماء والإعمار ورصد مجلس النواب عندما أقرّ القانون مبلغ 100 مليار ليرة في موازنة العام 2017، و150 ملياراً في موازنة العام 2018، و150 ملياراً في موازنة 2019 ما يعني أن هناك مبلغ 400 مليار رصدت حتى الآن بينما ما نفذ من المشروع لا يتعدّى الـ 4 بالمئة”. ونوّه إلى أنّ “هناك أيضاً مبلغ 55 مليون دولار من البنك الدولي لرفع التلوث عن بحيرة القرعون ولم ينفّذ منه أيضاً سوى 4 بالمئة وِفق رئيس مصلحة الليطاني الدكتور سامي علوية”. وسأل عراجي عن مصير المبالغ المرصودة طالما التنفيذ بطيء، كما تقدّم بسؤال للحكومة ووزارة الطاقة وكان الجواب عمومياً وغير مقنع، لذلك لجأ إلى المدّعي العام المالي.

وكان أمين عام كتلة “التنمية والتحرير” النائب أنورالخليل وجّه سؤالاً إلى الحكومة حول “أسباب التأخر والتعثّر في تنفيذ مشروع الحدّ من تلوث بحيرة القرعون موضوع القانون رقم 64/2016 والمشاريع المرتبطة به وفقاً للقوانين رقم 63 و64 و65”.

وأشار إلى أن “واقع تنفيذ القانون 63 إنقلب من واقع صحّي لإنقاذ النهر ورفع التلوث إلى واقع مغاير يوازي هدر المال العام، نتيجة التأخر بتنفيذ مشاريع الصرف الصحي ومحطات التكرير من قبل الجهات المسؤولة عنها بموجب المادة الثانية من القانون 63، ما هدّد صحة الناس وأدّى إلى إنتشارالأوبئة في منطقة حوض الليطاني الأعلى وإزدياد الأمراض السرطانية هناك وفقاً لما تثبته أرقام وزارة الصحة العامة والدراسات العلمية المنشورة”. ولفت إلى أن “تقرير المراجعة نصف المرحلية للمشروع الذي ينفّذه فريق البنك الدولي خلص في شهر آذار 2020 إلى أنّ التنفيذ العام للمشروع غير مرض بالنظر إلى التأخير الكبير في تنفيذ المشروع وكانت المؤشرات كالتالي:
– لم يتم إنشاء سوى 4% فقط من شبكات الصرف الصحي المقررة (18 كيلومتراً من 441 كلم).
– لم ينفق سوى 6.3% فقط من الميزانية المتعلقة ببناء شبكات الصرف الصحي.
– لم يتم وصل سوى 1,8% (168 منزلاً) من المنازل بشبكة الصرف الصحي من أصل العدد المحدد في المشروع والبالغ 9150 منزلاً”.

وما تقدّم يبيّن بوضوح التعثّر في تنفيذ كل المشاريع المتعلقة برفع التلوث عن نهر الليطاني، والتي لا تسير وفقاً لقوانين البرامج وإتفاقات القروض وضمن المهل المحددة والأصول القانونية. يبقى السؤال: هل ستتحرّك النيابة العامة المالية لكشف مصير هذه الأموال وحقيقة الأشغال في وقت قريب؟ أم أنّ عدّاد الإصابات في الأمراض السرطانية نتيجة التلوث سيكون أسرع ويبقى يُسجّل أرقاماً تصاعدية؟