الإنتخابات النقابية و”فزاعة” صناديق الاقتراع

جاء في “المركزية”:

لم يعد خافيا على أحد أن مشهدية صناديق الإقتراع باتت تشكل “فزاعة” لقوى المنظومة الحاكمة والأحزاب المنضوية تحت عباءتها. وعليه فإن كل ما يمت إليها بصلة يصبح في حكم المؤجّل إما بحجة الأوضاع الإقتصادية والمالية أو بذريعة جائحة كورونا، وهي الأقرب إلى منطق الشارع والمعنيين مباشرة بماكينة الإنتخابات. إلا أن مشهد عجقة الناس في الساحات والمطاعم وحفلات الزفاف يضرب كل أسباب الحذر والحظر في مواعيد الإنتخابات.

محطة التأجيل الأولى انطلقت من تعطيل الإنتخابات النيابية الفرعية لتنسحب على الإنتخابات النقابية والبداية من مجلس نقابة المهندسين حيث أعلن المهندسون الذين يمثّلون حزب “القوات اللبنانيّة” استقالتهم من مجلس النقابة في بيروت ووضعوها بعهدة النقيب جاد تابت لإبرازها عند اكتمال عدد المستَقيلين المحدد بحسب المادة 39 بأكثر من ثلثي المجلس مما يفرض إجراء إنتخابات نقابية لمركز النقيب وكامل أعضاء المجلس في مدة أقصاها شهران”.

رئيس مصلحة المهندسين في حزب القوات بول معراوي أوضح للمركزية ” أن المحاولات التي قام بها مهندسو القوات باءت كلها بالفشل وتبين أن أحزاب السلطة لا تريد خوضها بدليل أنها عملت على تعطيل الجلستين الأولى والثانية وفي الجلسة الثالثة كانت الذريعة التدابير الصحية”.

واعتبر معراوي أن الأسباب التي تدفع أحزاب السلطة إلى تأجيل الإنتخابات تتمثل بثلاث نقاط هي: “عدم التوافق على إسم مرشح مما يوسع هامش الضغط الذي سيمارسه مرشحو المجتمع المدني وأحزاب المعارضة والسبب الثاني تمسك البعض بالمقعد وعدم وجود نية للتضحية به وأخيرا والأهم فقدان أحزاب السلطة الثقة بعد التغيير الذي حصل في الأحجام مما يدفعها إلى الهروب عن طريق تأجيل الإنتخابات أو تعطيلها” . وأعرب عن مخاوفه من أن تنسحب هذه الذريعة على الإنتخابات النيابية المقبلة وختم متوجها بنداء إلى المهندسين “لمد يد العون إلى النقابة والنقيب عن طريق الإستقالة”.

مصادر نقابية مستقلة أوضحت ل”المركزية” أن الأسباب الصحية التي استوجبت تعليق المهل في غالبية النقابات انتفت بعد تاريخ 31-3-2021. وكشفت عن توجه لتأجيل الإنتخابات في نقابة المحامين بعد المهندسين حتى تشرين الثاني 2022 بدلا من الموعد المحدد قانونا في الأسبوع الثانث أو الثالث من تشرين الثاني 2021.

في الظاهر لا تعدو الأسباب أكثر من صحية لكن وراء حجة قميص عثمان أكثر من قراءة بحسب المصادر أبرزها أن غالبية القوى السياسية التي تحكم قبضتها على النقابات تأتي من خلفية ما قبل ثورة تشرين الثاني 2019 ، وتبين لها أن مفاعيل الثورة بدأت تدحرج الحجر وتقلب المقاييس بدليل ما حصل في انتخابات نقابة المحامين التي أوصلت النقيب ملحم خلف. هذا التسونامي شكل نقزة لدى غالبية النقابات لا سيما بعد بروز قوة جديدة تعبر عن الغضب من الوضع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي القائم في البلد.

أحزاب السلطة الممسكة بزمام النقابات وجدت في قانون تعليق المهل وجائحة كورونا خشبة خلاص للهروب من الإنتخابات، لكن “مع تفاقم الأزمة الإقتصادية والإجتماعية سيزداد حجم النفور ويرتفع منسوب تسونامي في مواجهة الأحزاب المنضوية في منظومة الحكم”. لكن لماذا الخوف من التغيير والكل ينادي ويطالب به؟ “حكي بحكي والحسابات السياسية فوق كل الإعتبارات” بحسب المصادر التي “لا تخفي خشيتها من أن يكون التأجيل المعتمد في الإنتخابات النقابية وحتى الطلابية مؤشرا لتأجيل الإنتخابات النيابية” لكن ما يطمئن “أن هناك مواعيد ومهلا دستورية في الإنتخابات النيابية عدا عن وجود ضغط عربي وأوروبي لإجرائها”.

ما يحصل اليوم في المزاج العام “يشبه إلى حد ما فترة ما قبل العام 2005 حيث كانت نتائج الإنتخابات في ظل الإحتلال السوري مؤشرا لنتائج الإنتخابات التي تلت تاريخ خروج جيشه من لبنان. أما اليوم فمن المؤكد أن ثورة تشرين التي تم إجهاضها ستعود عبر قنوات الإنتخابات النقابية وصولا إلى الإنتخابات النيابية. وغدا لناظره قريب”.