كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يترقّب العاملون على خطّ المشاورات الحكومية، عيد الفطر، وما اذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون سيتصل برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مهنئاً، ليكسر جبل الجليد ويعيد بعضاً من حرارة التواصل بينهما بعد فترة جفاء وسجال إعلامي متوتر.
أما بالانتظار، فلا يبدو أنّ ثمة مجهوداً يبذل على خطّ بعبدا- بيت الوسط، وما بينهما، لكي تستعيد المشاورات الحكومية زخمها. الانفجار الاجتماعي صار حتمياً، وبات يعدّ بالساعات لا بالأيام أو الأشهر خصوصاً وأنّ مصرف لبنان يصرّ على رفع الدعم بعدما قارب احتياطه من العملات الصعبة، من نفاده، ما يعني عدم قدرته على التدخل للجم الفارق بين سعر الدولار الرسمي وسعره في السوق الموازية، إلا اذا قرر الغرف من الاحتياطي الإلزامي… فيما الاتصالات على خطّ الحكومة، مجمدة بعدما أظهرت المساعي الفرنسية بأنّها أضعف من أن تتمكن من خرق الحواجز اللبنانية.
في الواقع، ثمة سباق قاتل بين تدهور الوضع الداخلي، وبين الحراك الاقليمي. الأكيد أنّ الأول أسرع بكثير، لكن الطبقة السياسية تتعامل مع الثاني على أنّه المعيار والدينامو الذي سيغيّر المشهدية الداخلية، ولذا تربط مصيرها بما قد تحمله الاتصالات العابرة للمحاور الاقليمية وما قد تنتجه حتى لو كان الثمن نزيفاً بشرياً قد لا يعوّض أبداً… وفوضى قد تقلب المشهد رأساً على عقب.
ولكن يبدو أنّ سعد الحريري لم يعد من المتحمسين للجلوس على رصيف التطورات الخارجية. لا بل تملأه الخشية مما قد تحمله الأحداث اذا كانت ذات طابع انقلابي، خصوصاً وأنّ المظلة الدولية التي كان يتكل عليها، وتحديداً الفرنسية – الإماراتية – المصرية، قد لا تقيه شرّ هذه التطورات اذا لم تكن لمصلحته.
ولهذا، لم يتردد في ايصال بعض الرسائل إلى شركائه الحكوميين، حول ضرورة تسريع المشاورات والخروج بحكومة في أسرع وقت ممكن، لأنّ الوقت قد لا يكون لمصلحته وقد لا يفيده الانتظار بعد الآن. في المقابل، لم تتوقف رسائل التلويح بورقة الاعتذار من جانب المحيطين به وحتى منه شخصياً، وهذا ما يؤكد برأي بعض المتابعين أنّ رئيس “تيار المستقبل” مربك ويتخبط في أفكاره وفي خطواته وفي خططه. ولذا يردد الشيء ونقيضه، لكونه يريد حتماً دخول السراي الحكومي ولكنه يعرف جيداً أنّ الاقدام على هذه الخطوة في هذه اللحظة بالذات هو انتحار سياسي، في ضوء الأزمات الاجتماعية والاقتصادية المستعصية التي ستنفجر بوجهه حتماً اذا لم يتمكن من القيام بأي خطوة انقاذية، وهذا شرط غير مضمون النتائج، فضلاً عن أنّ الفريق العوني سيدفعه حكماً إلى تقديم المزيد من التنازلات اذا تيقن أنّ رئيس الحكومة المكلف على استعداد للتقدم خطوة إلى الأمام. وهذا يعني مزيداً من الأكلاف السياسية.
في المقابل، بات الحريري مقتنعاً أنّ الاتكال على عامل الوقت قد يكون على حسابه خصوصاً وأنّ البساط يسحب من تحت قدميه وقد يحيله إلى نادي رؤساء الحكومات السابقين، اذا ما وقعت “قرعة” التفاهمات الاقليمية على غير اسمه. وهو احتمال لم يعد مستبعداً.
ومع ذلك، لا تدل بورصة الاتصالات العابرة للمقار الرسمية وغير الرسمية على أي تطور نوعي. رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي سبق له أن حاول قيادة مبادرة بين قصر بعبدا وبيت الوسط، لا يبدي حماسة وفق عارفيه للقيام بأي خطوة، وكأنه غير مقتنع بأنّ الظروف ناضجة أو تسمح لخرق ما. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فيبدي خشية من الاقدام على أي خطوة باتجاه اعادة تفعيل المشاورات الحكومية. يتردد أنّ كلّ ما حاول القيام به خلال الساعات الأخيرة هو التشاور مع “حزب الله” بشأن تثبيت ما تمّ التفاهم عليه حتى الآن مع رئيس الجمهورية أي حكومة من 24 وزيراً، من الاختصاصيين، ولا ثلث معطلاً فيها… على أمل تجدّد المساعي!