كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:
بين الفاتيكان، وفرنسا، والولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، وأوروبا، وطاولة السعودية – إيران في العراق، يتنقّل الملف اللبناني، وهو يحضر فيها وعليها كلّها، ولا يحضر، في وقت واحد.
بعض من في السلطة يُعطي دروساً في اللاهوت من بكركي، وفي الصحة، والإقتصاد، والمال، والتربية…، والبعض الآخر يتشبّث بمواقف تحكّمت بالملف اللبناني في المرحلة القليلة التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت، والتي تبدّل الكثير منها اعتباراً من أيلول الفائت، فيما الرئيس المكلّف سعد الحريري، ورغم التباسات كثيرة تُحيط بحركته، وبجولاته الخارجية منذ تكليفه تشكيل الحكومة قبل أشهر، حقّق خرقاً في وجه “العهد” أمس، بزيارته “الحبر الأعظم” البابا فرنسيس، وبإعلانه أن “الفاتيكان يعرف أكثر منّي ومنكم المشاكل في لبنان”.
ردّ متوازِن
فخصومه في فريق “العهد”، يدعونه للعودة الى الأساس، أي الى رئيس الجمهورية ميشال عون، ويعيّرونه بالأساس، وهو عَدَم زيارته السعودية، ولكن دون قدرتهم على القيام بردّ متوازن على زيارته الفاتيكان تحديداً، ومناقشته مشاكل الملف اللبناني بمكوّنَيْه المسيحي والإسلامي مع البابا فرنسيس، والذي (الردّ المتوازن) يتوجّب أن يكون بزيارة تقوم بها شخصيّة مسيحيّة من هذا الفريق، سواء الى السعودية، أو الى الإمارات، أو مصر، لمناقشة المشاكل اللبنانية بشقَّيْها المسيحي والإسلامي.
إحتلال
رأى النائب السابق فارس سعيد أنه “مع التقدير الكبير للحريري، الذي تمكّن من خلال زيارته الفاتيكان كزعيم مسلم في لبنان، أن يتحدّث عن حقوق اللبنانيين، وليس عن حقوق فريق، وأن يقوم بتقارُب مع الكنيسة الرسولية، وهذا جيّد جدّاً، إلا أن اللبنانيين يحتاجون الى حكومة، والى إدارة سياسية تنقل لبنان من الوضع الذي هو فيه حالياً، الى وضع أفضل”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أنه “عندما نتحدّث عن إدارة سياسية، نعني بها ضرورة القيام بتوصيف دقيق للأمور، في مسألة أن لبنان تحت الإحتلال الإيراني، ولا يمكنه أن ينهض بدولته، الى درجة أن تشكيل الحكومة نفسه أصبح مسألة هامشية”.
البطريرك
ولفت سعيد الى “أننا ننتظر من أصحاب النّوايا الحسنة كلّهم، أن يحملوا عنوان تحرير الشرعية اللبنانية، كما تحدّث عنها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وإعلان حياد لبنان، والمؤتمر الدولي لاستدعاء أصدقاء لبنان، من أجل تطبيق اتّفاق “الطائف”، والدّستور، وقرارات الشرعية الدولية”.
وعن عَجْز المكوّن المسيحي الموجود في السلطة، عن القيام بزيارة الى دولة عربية، لطرح الملف اللبناني فيها من وجهة نظر لبنانية مسيحية، بهدف تحقيق التوازن مع زيارة الحريري الفاتيكان، قال:”لست متشائماً، إذ لا انقطاع مسيحياً عن العالم. ونذكّر في هذا الإطار بأن البطريرك الماروني، زار السعودية في عام 2017، وذلك قبل نحو عامَيْن من زيارة البابا فرنسيس أبو ظبي، وتوقيعه وثيقة “الأخوّة الإنسانية” مع شيخ الأزهر أحمد الطيّب”.
وأضاف:”من فتح باب الكلام بين الكنيسة والمسلمين بشكل عام، هي الكنيسة المارونية، بوصفها خبيرة في العيش المشترك. فهي كنيسة العرب، إذ إنها أوّل من قرأ الإنجيل بلغة القرآن، أي باللغة العربية. وهذا إنجاز يُسجَّل للكنيسة المارونية، التي هي الكنيسة الوحيدة حول العالم التي تصلّي للبنان في رتبة قدّاسها”.
الرئاسة
وشدّد سعيد على أن “الكنيسة المارونية قادرة هي على أن تزور الجميع، وهي جزء من الكنيسة الرسولية. أما الأحزاب والشخصيات المسيحية، فهذا شأن آخر، إذ إن معظمهم اختاروا أن يلعبوا في مربّع محلّي وبلدي، ينحصر بقانون الإنتخاب، وبإعادة إنتاج السلطة، وبتنظيم العلاقات مع المسلمين، على قاعدة موازين قوى معيّنة. وهذا ما أفقدهم العلاقات مع الخارج”.
وردّاً على سؤال حول المستقبل المرتبط بفَتْح معركة رئاسة الجمهورية، أجاب:”هي فُتِحَت عملياً مع زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل الأخيرة للبنان، عندما أطلّ المرشّحون الرئاسيّون على المرسوم 6433. فهذا يطالب بتعديله، وذاك لا، وكأن هذا يريد استرضاء “حزب الله”، وذاك الولايات المتحدة الأميركية”.
وختم:”نحن على مسافة سنة ونصف من موعد الإنتخابات الرئاسية، ومن هذا المُنطَلَق بدأ المرشّحون يطلّون”.