الغريب: التدقيق الجنائي هو الطريقة الفضلى لمحاسبة كل مختلس

وجّه الشيخ نصر الدين الغريب رسالة لمناسبة حلول شهر رمضان جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين هادي الخلق أجمعين والصلاة والسلام على سيد المرسلين النبي المصطفى الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

يطل علينا شهر الغفران والصيام والأعمال الصالحات، شهر التوبة والمحبة، شهر الرحمن الذي قال فيه تعالى في كتابه العزيز:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} – صدق الله العظيم –
مثقلاً بالأحمال الصعبة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا. ونتضرّع إليه تعالى بأن يشملنا برحمته ويخلّصنا ممّا نتخبّط به من أزمات، إنه على كلّ شيء قدير.
فقبل أن نبدأ حديثنا عن المرض الوبائي الّذي يفتك بوطننا منذ أكثر من عام، تعود بنا الذاكرة إلى الوباء السياسي الذي ضرب لبنان ويكاد أن يغرقه في بحر ليس له من قرار. لذا نطالب وبشدة القيّمين على هذا البلد والّذين جعلوه فريسة للذئاب يتناتشونه من كل حدب وصوب، أن يقدموا مصلحة الوطن العليا على كل المصالح الذاتية والشخصية والتعالي عن صغائر الأمور. فهذا مال الشعب أصبح في الخارج، بالإضافة إلى الارتفاع الجنوني بسعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي ولا نرى من محاولات جدية على قدر الكارثة للحد من هذا التقهقر. مما يحمل المواطن أكثر من طاقته وقدرته. أما المسؤوليّة والمطالبة الحقيقيّة منذ عقود مازالت غائبة أو مغيّبة!

للأسف نرى اليوم أبناء شعبنا اللبناني الأبي يعاني من الحالة الإجتماعية والإقتصادية التي وصلنا إليها، فها هو يقف في طوابير ينتظر دوره للحصول على الخبز، وينتقل من محطة الى أخرى ليشحذ المحروقات، ويعيش مرارة الحياة أمام لهيب الأسعار. ولم يكن ينقص هذا الشعب من مشاكل حتى إكتملت معه في مواجهة وباء كورونا الذي يفتك ويحصد الضحايا دون تفرقة وتمييز ويدق صحة كل مواطن مع فقدان الأدوية وغلاء أسعارها واحتكارها من البعض.

أما التدقيق الجنائي فهو الطريقة الفضلى لمحاسبة كل مختلس سارق فاسد بعيداً عن الاستنسابية والكيد السياسي… ويجب الإسراع بتشكيل حكومة إنقاذ تضمن تمثيل كافة شرائح المجتمع اللبناني، ليشترك الجميع بالمساهمة والمسؤولية من أجل خلاص هذا البلد والخروج بأقل الخسائر الممكنة من هذه الأزمة غير المسبوقة.
كما اننا ومع حلول شهر الخير والمغفرة، ندعو المحقق العدلي في قضية إنفجار المرفأ إلى ضرورة كشف الحقيقة للناس عن هذه الجريمة النكراء. كما يجب الإفراج عن الأبرياء الموقوفين ظلماً وتعسفاً وأولهم الضابط الشريف النزيه الّذي قام بالمطلوب منه إنه رئيس دائرة الأمن العام في المرفأ المقدم داوود فياض، وندعوه لتوقيف ومحاسبة المتورطين الأساسيين في هذه المجزرة الّتي راح ضحيتها الأبرياء.

نتضرع إلى العلي القدير أن يكون هذا الشهر الفضيل فرصة حقيقية للتصالح مع الذات وللقيام بما هو واجب من الأعمال الصالحة والخيرة، أعاده الله على وطننا العزيز بالخير والاطمئنان وراحة البال.