بعد جلسة الثقة، وما يُتوقع أن تشهده من تجاذبات، من الداخل والخارج، تتوجه الأنظار إلى “بيت الوسط” وما سيعلنه الرئيس سعد الحريري، في الذكرى الخامسة عشرة لإغتيال الرئيس رفيق الحريري، في ضوء ما أفرزته الساحتان العربية والمحلية من تطورات أفضت إلى خروج رئيس تيار “المستقبل” من جنّة الحكم وقطع حبل السرّة بينه وبين العهد بعد سقوط التسوية الرئاسية، التي أوصلت العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة الأولى، وهذا ما كانت تعارضه جهات عربية لها علاقات تاريخية مع لبنان، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي لم تقتنع في حينه بوجهة نظر الحريري القائلة بأن في إستطاعته، من خلال مندرجات هذه التسوية، جذب الرئيس عون إلى المحور العربي المناهض للسياسة الإيرانية في لبنان، وكانت في كل مرّة وعند المفترقات الرئيسية تسدي إليه النصائح بفك إرتباطه مع هذه التسوية، التي دخل إليها “حزب الله” من بابها العريض وحجز له مقامًا متقدّما في التركيبات الحكومية.
أوساط دبلوماسية عربية تتوقع، على ما علم “لبنان 24″، أن يكون سقف الكلمة التي سيلقيها الحريري يوم الجمعة المقبل عاليًا، وأن تكون بداية لمرحلة جديدة، من خلال “فعل الندامة”، الذي سيتلوه في المناسبة، بعد مراجعة تفصيلية للمراحل التي قطعها من خلال تجربته في الحكم في ظل العهد العوني، وما تخللها من خيبات أمل ومن طلعات ونزلات، لم تكن لتصّب كلها في مصلحة الخط العربي المعتدل.
وفي رأي هذه الأوساط أن مستقبل العلاقة بين الرياض والحريري يتوقف على ما سيعلنه في كلمته وما سيطلقه من مواقف جازمة لجهة إعلانه الطلاق مع العهد، مع التأكيد بأنه لن يكون رئيسًا لأي حكومة في المدّة المتبقية للعهد، وهذا يعني في المفهوم السياسي أن المملكة مستعدة لإعادة إحتضان “الحريرية السياسية” من جديد، مع الإشتراط بإجراء تعديلات داخل تيار “المستقبل” وفريق عمل الحريري، الذي كانت له مراهنات في فترات سابقة على التسوية الرئاسية، من دون أن يعني ذلك إعادة فتح أبواب الرياض على مصراعيها أمام الحريري، الذي عليه أن يبادر من خلال مواقفه، التي ستلي تلاوة “فعل الندامة” إلى مقاربات مختلفة عن مواقفه السابقة، التي كانت تتسم بالرمادية، لأن المطلوب في المرحلة المقبلة مواقف حازمة ضد كل ما شأنه أن يضعف موقف المملكة في صراعها مع المحور الإيراني.
وتلمح هذه المصادر إلى أن الحريري لم يعد الخيار الأوحد والوحيد لدى المملكة، التي تمسك بأوراق كثيرة ستعلن عنها في حينه، ما يعني أن لا “شيكًا ابيض” بعد الآن، خصوصًا في ضوء المواقف التي يعلنها وليد العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. فسياسة الـ “ما بين بين” لم تعد تجدي نفعًا مع القيادة السعودية الجديدة، التي ليست في وارد إغداق الوعود من دون أن تلمس من الطرف الآخر مواقف حازمة ونهائية.
وعليه، فإن الكلام الذي سيعلنه الحريري من “بيت الوسط” سيكون مفصليًا، وهذا ما تتوقعه الأوساط العربية نفسها.سعد الحريري