اللبنانيون يواجهون حربا… واغتيالات؟

كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:

من بين المواقف الوطنية عالية السّقف التي يُطلقها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ الصيف الفائت، كان لافتاً ما قاله في عظة قداس الشعانين أمس، عن أن الصرح البطريركي لم يَكُن يوماً مؤيداً لأي مسؤول ينأى بنفسه عن إنقاذ لبنان وشعبه، أو لسلطة تمتنع قصداً عن احترام الإستحقاق الدستوري وتعرقل تأليف الحكومات، أو لجماعات سياسية تعطي الأولوية لطموحاتها الشخصية على حساب سيادة لبنان واستقلاله.

فهذا كلام أكثر من واضح، خصوصاً للّذين يتعاطون مع بكركي على أساس أنها الجناح الديني للمسيحيين في لبنان، فيما يتوجّب عليها ترك الجناح السياسي لسواها، متغافلين عن الدور الوطني الذي لطالما لعبته في البلد.

الجرح

فبكركي رفعت مستوى الكلام السياسي في البلد، منذ أشهر، بما وضع الإصبع على الجرح اللبناني، واستنهض الكثير من الحملات في وجه البطريرك الراعي شخصياً، وصولاً الى التلويح بأن الفاتيكان غير راضٍ عنه، ضمن محاولات لتوسيع دائرة استهدافه الى ما هو أبعَد من التخوين.

مُضحِك

ولكن لا بدّ من لفت الإنتباه الى أن تلك الأحاديث مُضحِكة في أي حال، إذ إنها تفتقر الى فَهْم طبيعة العلاقات الفاتيكانية مع مختلف البطريركيات الكاثوليكية الشرقية عموماً، كما مع البطريركية المارونيّة خصوصاً، كمكوّن كاثوليكي شرقي يتمتّع بدور وحضور إستثنائي وضروري في لبنان. فضلاً عن أن الفاتيكان ليس موظّفاً لدى مكوّنات سياسية لبنانية أو إقليميّة، ليقيّم عظات البطريرك الماروني، بالشّكل الذي تشتهيه تلك المكوّنات.

زمنية

شدّد مصدر مُواكِب لآخر المستجدات على الساحة السياسية على أن “منظومة الإعلام “المُمانِع” تتعاطى مع البطريرك الراعي، كما لو أنها تتعامل مع قيادات مسيحية زمنية”.

وشرح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “تلك المنظومة تحضّر مقالات، عن كلّ شخصيّة مسيحية، سياسية كانت أم دينيّة، وتحتفظ بها الى حين ترى أنها (تلك الشخصية) بدأت تبرز، أو تصعد، أو تُصبح أكثر قوّة، أو تُطلق مواقف سياسية مُناهِضَة للسياسة “المُمانِعَة”. عندها، يبدأ نشر المقالات، وتخصيص مساحات تلفزيزنية أو إذاعيّة، للتصويب عليها. وهو ما يحصل مع البطريرك الماروني، منذ مدّة، بكلام لا يستند الى معطيات حقيقية، ولا الى معلومات صحيحة من داخل الفاتيكان”.

حرب واغتيال

وأكد المصدر أن “هذا النّوع من الممارسات “المُمانِعَة” يركّز “أجندته” على القيادات المسيحية، الدينية والزمنيّة، لتحطيم صورتها أمام الرأي العام. وهو يستند في حملاته الى مسيحيّين “مُمانِعين”، للإيحاء بمصداقيّة معيّنة، مُستعيناً بجيش إلكتروني مهمّ، والى خبرة قويّة في هذا المجال”.

ولفت الى أن “هذه هي الحرب في لبنان، وهي حاصلة حالياً، وبمفهوم أوسع من الأسلحة. فهي حرب جيوش إلكترونية، وضخّ معلومات كاذبة تُشَنّ لاغتيال قيادات وشخصيات مسيحية، دينيّة وحتى سياسية”.

وقال:”زبدة تلك الحرب على البطريرك الراعي، تقوم على محاولة تظهيره في صورة المغرّد خارج السرب الفاتيكاني، وأن الفاتيكان غير راضٍ عن مواقفه السياسية في لبنان، في محاولات لتشويه صورته وسمعته”.

10 في المئة

وأوضح المصدر أن “سبب تركيز بعض الإعلام “المُمانِع” على تشويه صورة البطريرك الراعي منذ مدّة، يعود الى انزعاج هذا الفريق السياسي من طرح التدويل. فحتى إذا لم تُوفَّق بكركي فيه، في الوقت الرّاهن، إلا أنها أطلقت الصرخة، وهي لو نجحت فيها بنسبة 10 في المئة، فهذا انتصار، يؤسّس لمرحلة لاحقة مستقبلاً. وهذا ما يُقلِق منظومة “المُمانَعَة” في لبنان”.

وعن الوضع المسيحي السياسي العام، أشار الى “صعوبات كبيرة يواجهها “التيار الوطني” في إلغاء العقوبات الأميركية التي طالت رئيسه النائب جبران باسيل، وذلك رغم محاولات كثيرة في هذا الإطار، ومن ضمن مساومات مع دول كبرى. فحتى الساعة، لا يزال هذا المسار صعباً، وقد يُكلّف الكثير من الأموال، بلا نتيجة فعليّة”.

أكل وشرب

واعتبر المصدر أن “التيار الوطني” صار مُلتصِقاً بمنظومة “المُمانَعَة” بعد العقوبات، وسط فقدان استراتيجيا مسيحية واضحة في العمل”.

وتابع:”على سبيل المثال، يركّز رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على الإنتخابات النيابية المبكرة، ولكن الشعب لن يأكل أو يشرب من نتائجها، ولا من الإستحقاقات الديموقراطيّة بحدّ ذاتها، دون إطار فعلي يؤمّن الأمور الحياتية الأساسية”.

وختم:”المسيحيون يفتقرون الى قيادات سياسية تلمس معاناتهم، بدلاً من النّظر إليها عبر وسائل الإعلام، ومواقع التواصُل الإجتماعي، فقط”.