جاء في جريدة “الانباء” الالكترونيّة:
فيما البلاد تتخبط في أزماتها المستمرة المتلاحقة بفعل انسداد آفاق الحل وتعذّر تشكيل الحكومة العتيدة من دون مراعاة أوضاع الناس المأساوية في ظل جشع التجار والارتفاع الجنوني لسعر الدولار اضافة الى وباء كورونا، يواصل في الوقت نفسه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب تهربه من المسؤولية المناطة به وبحكومته، فذهب في تهربه إلى حد المطالبة بتفسير دستوري رامياً الكرة في ملعب المجلس النيابي.
الا ان بيان دياب لم يكن مقنعا فيما يمارس عدد كبير من الوزراء أدواراً قادت بعضهم الى خارج الحدود، والبعض الآخر الى رفع سعر قوت اللبنانيين اليومي 4 مرات متتالية ولم يبحثوا عن غطاء لهكذا صلاحيات.
عضو كتلة التنمية والتحرير النائب فادي علامة رأى في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية ان “كل شيء يقع ضمن نطاق عمل حكومة تصريف الأعمال يمكنها القيام به وهذا واضح ومحدد في الدستور، ما يخوّلها أن تنتج بأكثر مما تقوم به لأن البلد يمر في أزمة كبيرة والمطلوب تسريع التفعيل لمواجهة الأزمات التي تؤثر على حياة الناس”.
من جهته، الخبير والباحث الدستوري انطوان مسرّة سأل عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية عن أي تفسير لتصريف أعمال يتحدثون و”نحن في حالة انهيار كامل وفقر مدقع وغلاء لم يشهد لبنان مثيلا له في الحربين العالميتين الأولى والثانية، فضلا عن جائحة كورونا وتداعياتها الخطيرة على اللبنانيين”، منتقدا بعض “المدعين بأنهم قانونيين ويفسرون القانون “على ذوقهم” وتقديم تشريعات لعملية تصريف الأعمال بعيدة عن الدستور في ظل انهيار اقتصادي غير مسبوق وتدهور للعملة الوطنية بشكل مخيف”.
مسرة استغرب أيضاً الموقف الأخير لرئيس الجمهورية ميشال عون “الذي هو بحكم الدستور رئيس الدولة، فليس له الحق ان يوافق او لا يوافق على تشكيل الحكومة، فمجلس النواب الذي يعطيها الثقة وليس رئيس الجمهورية”.
مسرّة وصف ما يجري “بالتحايل على القانون وعلى الدستور وعلى اللبنانيين”، قائلا: “شبعنا مسايرة ومجاملة واتباع سياسة لا مع ولا ضد، فهذه السياسة خربت البلد ويجب ان نسمي الأمور بأسمائها ولا نجافي الحقيقة، فنحن في بلد محتل من قبل فئة مهيمنة على قراره السياسي، فرئيس الجمهورية لا يمكن أن يكون رئيسا لعائلة او لفئة معينة دون أخرى، فهو رئيس جمهورية كل لبنان واذا كان هناك ثمة خلاف في الحكومة فعلى مجلس النواب حسم الموضوع، ولا يحق لرئيس الجمهورية التدخل بتأليف الحكومة وأن يوافق أو لا يوافق على تشكيلها، فما يجري هيمنة”، معتبرا أن “دستور لبنان معلّق ومخروق”.
في ظل كل ذلك وصفت مصادر اقتصادية عبر “الأنباء” الالكترونية الوضع في لبنان بالمأساوي من كافة جوانبه السياسية والاقتصادية والمعيشية والصحية، معتبرة ان “تعطيل تشكيل الحكومة من قبل المعنيين بهذا الملف بمثابة مؤامرة مكشوفة ضد الشعب اللبناني بكافة فئاته وطوائفه”، لافتة الى ان اكثر من 60 في المئة من اللبنانيين اصبحوا تحت خط الفقر وهذه النسبة مرشحة لتصل الى 80 في المئة مع حلول شهر رمضان، في ظل ما هو متوقع من ارتفاع جنوني للأسعار طوال هذا الشهر وما يعقبه، ما لم تحصل عجيبة تنقذ البلد قبل فوات الأوان”.
الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة اشار في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى “وجود خلافات كبيرة ومستحكمة بين رئيس الحكومة المستقيلة وعدد من وزرائها”، سائلاً: “كيف يمكن الحديث عن إعادة التفعيل الحكومة إزاء هذا الوضع؟، هذا اضافة الى رفض دياب القاطع للتفعيل لأنه يرفض تحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من جهة وخشيته من أن يشكل له هذا الأمر ازمة في طائفته”، كما قال.
عجاقة سأل: “هل حكومة تصريف الأعمال قادرة على وقف التدهور؟”، مشككا بالأمر ومذكرا بما قاله وزير الداخلية محمد فهمي “بأننا وصلنا الى مرحلة الفلتان الأمني، ويبقى السؤال: كيف يمكن ان تستعيد هذه الحكومة الثقة في ظل فلتان الأسعار وفلتان الأمن وهي لم تفعل شيئا منذ أشهر بسبب الخلافات السياسية”.
وأضاف عجاقة: “هل صندوق النقد الدولي يقبل ان يتعاطى مع حكومة تصريف أعمال مفعلة؟ هذا الأمر ليس مضمونا”، مستبعدا قيام حكومة تصريف الأعمال بفعل شيء “فلو كان لديها القدرة على العمل لكانت أجرت أقله رقابة على التجار لوقف التهريب الذي يقضي على 75 في المئة من كمية الدولار المخصص لدعم السلع التي يتم تهريبها”.
توازياً، توقفت مصادر سياسية مطلعة عبر “الأنباء” عند الحراك الذي يقوم به سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري بعد الزيارات التي قام بها الى بكركي ولقائه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وزيارة القصر الجمهوري بطلب من رئيس الجمهورية ميشال عون كما وزارة الدفاع ولقاء قائد الجيش، هذا اضافة الى اللقاءات التي يعقدها مع عدد من الوزراء العرب والأجانب التي تتمحور حول الأزمة اللبنانية وتبادل الأفكار لمساعدة لبنان للخروج من محنته.
وقد أشارت مصادر دبلوماسية عبر جريدة “الأنباء” الالكترونية الى ان السفير البخاري ومن موقعه كسفير للسعودية التي كان لها أياد بيضاء في انقاذ لبنان وإعادة إعماره طوال السنوات الماضية وانطلاقا من تحسسه للجانب الانساني الذي يعيشه اللبنانيون، يسعى مع نظرائه العرب والأجانب لتوفير المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني من دون أن يكون لهذا المسعى أي خلفية سياسية وهذا ما أعلنه من بعبدا وتشديده على التمسك باتفاق الطائف وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.