هل ينتهي الجمود بضربة عسكرية؟

كتب انطوان الفتى في “أخبار اليوم”:

الجمود نفسه يتكرّر في لبنان والمنطقة، بأشكال عدّة، منذ نحو أربعة أعوام. والمسؤولية في الشقّ اللبناني من المشكلة، لا نحمّلها لفريق واحد، بل لأطراف كثيرة.

فبمعزل عن كلّ التوصيفات، وبعدما بات الجمود الحكومي، ومعه السياسي والإقتصادي والمالي والأمني، خطيراً جدّاً، نسأل عن إمكانية ارتفاع حظوظ إعطاء الضّوء الأخضر دولياً، لضربة عسكرية، خلال المرحلة القادمة، تحرّك الجمود في المنطقة، في الشقّ اللبناني من الأزمة الكبرى.

فبُعَيْد الإنتخابات النيابية في عام 2018، تأمّل الجميع بتشكيل سريع لحكومة تُسرِع خطواتها بالذّهاب في طريق تطبيق شروط مؤتمر “سيدر”. فأتت النتيجة بتشكيل حكومي صعب، استغرق أشهراً، وانتهى بِعَدَم إنتاجية انفجرت في 17 تشرين الأول عام 2019.

أما جمود التعثّر الإقتصادي والمالي، وعَدَم تطبيق الإصلاحات، وعَدَم التقدُّم في المفاوضات مع وفد “صندوق النّقد الدولي”، بعد 17 تشرين الأول 2019، فهي بدورها دخلت مُنعطفات جديدة بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت. فهل ينتهي هذا الجمود، بضربة عسكرية؟

استبعد مصدر واسع الإطّلاع، إمكانيّة حصول ضربة عسكرية للبنان، وذلك انطلاقاً من أن دول الخارج غير متفرّغة لأوضاعه، وهي لا تضعه لا على مفكّرتها اليوميّة، ولا على خريطة عملها، حالياً. وهذا الوضع لا يسمح بتدهور عسكري”.

وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “هذا الإحتمال يرتبط بتطوّرات المستقبل، ولكن ليس في الوقت الرّاهن. فلبنان متروك للخلافات، وللمشاكل السياسية الداخلية، وللتخبُّط بكيفيّة تطبيق الدّستور، وللإستمرار بتفريغ خزينة الدولة، وللإمعان في إظهار صورة العَجْز عن معرفة كيفيّة تشكيل حكومة”.

وشدّد المصدر على أن “لبنان أغنى بلد في العالم. وهو لا يحتاج لا لأموال مؤتمر “سيدر”، ولا لأموال مؤتمرات “باريس 1 و2 و3″، أصلاً. ولكن المخطّط بدأ في الماضي، وهو الوصول التدريجي باللبنانيين الى مرحلة الاختيار بين الجوع والفقر، أو الإذعان للشروط والمطالب الخارجية”.

وأضاف: “لبنان لا يحتاج الى أحد أصلاً، ولا حتى للأوروبيّين والأميركيين. فهو بلد غنيّ في الأساس، بمساحته الجغرافية الصّغيرة، وعدد سكانه القليل. فقد كان ممرّاً بترولياً للعالم في الماضي، إذ كان النفط السعودي ينُقِلَ إليه عبر الأردن، بالإضافة الى أن النفط العراقي كان يُنقَل إليه عبر سوريا. وأمام هذا الواقع، كانت تأتي البواخر بالعشرات يومياً، وتصطفّ على الشواطىء اللبنانية، سواء في صيدا أو طرابلس، للحصول عليه (النّفط)، خصوصاً أن كلفة ذلك على الأوروبيّين، كانت أرخص من نقله من إيران أو العراق مثلاً، الى أوروبا”.

وسأل المصدر: “من يُمكنه تقديم الجواب المناسب أيضاً، على أسباب إقفال مطار القليعات مثلاً؟ وعلى أسباب إقفال معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس؟ فهذه كلّها قادرة على تأمين مدخول مالي كبير للبنان، وتأمين فرص عمل لآلاف اللبنانيين”.

وتابع: “إذا أضفنا الى كلّ ذلك، تحويلات المغتربين السنوية من الخارج، نتأكّد أنّنا لا نحتاج الى مؤتمرات دعم مالي خارجي للبنان. ونذكّر في هذا الإطار، بأننا وصلنا في الماضي الى مرحلة ما عُدنا نعلم كيف وأين نُنفِق الدولارات الموجودة في لبنان”.

وأكد المصدر أن “استمرار الجمود الحالي على حاله، يجعل من المخاطر أكثر تشعُّباً. فعندما ربطنا أنفسنا بالخارج، تحوّلنا الى بلد يسأل إذا ما كان بإمكانه أن ينقّب عن نفطه وغازه. وهذا لا يجوز لبلد، اكتشف منذ الستينيات، وجود نفط في البقاع أيضاً، وتوجد إثباتات خطية على ذلك”.

وأضاف: “أَلَيْسَ عيباً أنّنا تحوّلنا من بلد علّم دول المنطقة كيف تؤسّس المصارف والمستشفيات والمدارس والجامعات، الى بلد يهاجر شعبه ليتعلّم، وليحصل على الطبابة، في الخارج؟”.

وختم: “من عاصَرَ الحرب الأهليّة في عام 1975، هو وحده القادر على تقدير تكاليف أي انفجار أمني يُمكنه أن يحصل في لبنان، في ما لو بقيَ الجمود السياسي فيه على حاله. فالفوضى الداخليّة بين اللبنانيين، وهي مطلوبة خارجياً في الوقت الرّاهن، تبقى أكثر خطورة من الحرب”.