جنبلاط في بعبدا: تهديد ف… زيارة

بين محاولات البعض تجميل كلام الأمين العام ل”حزب الله” حسن نصرالله، خلال إطلالته الأخيرة، ودفع البعض الآخر في اتجاه “شيطنتها”، تعيش الساحة السياسية تداعيات ما طرحه، وتأثيره على مجريات يوم الغد، بعدما تخطى المُباح من الكلام ـ “النصيحة”، إلى “أمر عمليات” للفترة المقبلة، ما دفع بالعديد من القوى السياسية إلى إعادة النظر بمواقفها وتموضعها في ظل التغييرات المرتقبة، ليكمّل من ضمنها وليد جنبلاط استدارته تحت ضغط بعبدا – الحارة، قالباً الطاولة على بيت الوسط.

إنها البراغماتية الجنبلاطية، تضرب ضربتها من جديد لتصيب الجمهور العوني كما الإشتراكي بنقمة واستغراب في آن واحد. فوليد جنبلاط نفسه، وأمام وسائل الإعلام وحتى الأمس، كان يرفض الصعود إلى بعبدا للتشاور والحوار، وإن في إطار جماعي، فما الذي تغيّر اليوم ليحلّ ضيفاً على “صاحب السياسة العبثية” ناصحاً واعظاً غاسلاً يديه من “دم الصديق”؟
“البَيك” المُدرك جيداً للمخاطر القادمة، استحقّ التحرّكات في الشارع، خصوصاً داخل البيت الدرزي، حيث جاء إقفال بعض طرقات الجبل منذ أيام بمثابة “قمصان سود”، فعلت فعلها في المختارة، ودفعتها للتراجع التكتيكي عن تأييدها “المُطلق” لبيت الوسط، بغضّ النظر عما إذا كان من يقف خلف من أحرق “الدواليب” “إشتراكيون” لتبرير “تكويعته”، أم من جماعة الحزب، فالنتيجة واحدة، خصوصاً أن العَين باتت مفتوحة، بعد نشر فيلم عن تدريبات عسكرية وتسليح ستة سرايا للدفاع عن الجبل.
خوف دفعه إلى تلقّف زيارة عضو “تكتل لبنان القوي” له موفداً وحاملاً رسالة من بعبدا تلقّفها بسرعة، تحت حجّة الحفاظ على السِلم الأهلي في الجبل وحماية المصالحة. غير أن ذلك لا ينفي تسريبات “عونية” عن أن العامل الأساسي وراء تلبيته بسرعة، كان تهديد الوزير المختص بفتح باب استيراد الترابة من الخارج، ما يهدّد أرباح معمل سبلين، على ذمّة الرواة.
وإذا ما أردنا الذهاب أكثر في التحليل، فإنه بعد تهديدات أمين عام “حزب الله” فيما خص إقفال الطرقات، حيث “بيت القصيد” طريق الجنوب – بيروت، التي تشكّل شرياناً أساسياً ل”حزب المقاومة”، زاد الخوف الجنبلاطي من حادث أمني يؤدي إلى تدهور خطير يدفع الجبل ثمنه، بعدما بات بدوره طريقاً أساسياً للحزب باتجاه البقاع.
من هنا، وفي ظل تصعيده اللفظي تجاه حارة حريك وصواريخها التي “لا تُشبع شعباً”، قرّر قطع نصف الطريق باتجاه الخصم اللدود الرئيس ميشال عون، بعدما أوصل الجنرال أكثر من رسالة للبيك، حيث الحاجة مزدوجة لكل منهما للآخر.
فجنبلاط قادر على الضغط على الحريري لتسهيل شروط تشكيل الحكومة، كما أن عون باستطاعته أن يقدّم الضمانات المطلوبة في حال رُفع عدد الوزراء إلى ٢٠.
من هنا، خلاصة الزيارة الجنبلاطية إلى مقرّ الرئاسة الأولى، والتي تنحصر أساساً في تأمين ضمانات الحد الأدنى لإبعاد الجبل عن أي خضّة، وسط ترجيحات أمنية بأنه سيكون أحد ساحاتها الأساسية.
غير أن العالمين ببواطن الأمور، يجزمون أن الخيارات أمام الرئيس المكلّف ضيّقة، وتكاد تنحصر بواحد فقط حيث لا إمكانية أمامه للتراجع، خصوصاً بعد كلام “سيد الجمهورية” الذي “زركه بين خيار حكومة مهمة وفقاً لشروط بعبدا ومَن خلفها، أو حكومة تكنوسياسية وفقاً لرؤية وحسابات محور المقاومة والممانعة”.
يُضاف إلى ذلك أجواء بعبدا السلبية، التي لم “تبلع بعد معادلة” الحريري – عون” بعدما كان السقف سابقاً “سعد – جبران”، والتي تذهب في اتجاه المزيد من حَشر الحريري لحمله على تحديد خياره الذي حدّده الرئيس عون في بيانه، إما التشكيل، أي الرضوخ عملياً، أو الإعتذار غير الوارد في قاموس “المستقبل” الذي يدرك الهدف من وراء دفعه للإعتذار.
من هنا، فإن غداً الإثنين، لن يشهد ولادة حكومية، ولا ما بعد بعد بعده، مع تظهّر الصورة الحقيقية ومَيل الضاحية إلى خيار المواجهة الذي كوى اللبنانيين، غير أنه لم” يعلم” الحزب، الذي يملك خطة” ب” و” ج”، حيث تذهب الثانية أبعد من الأولى لتطال بعبدا.
“العدو من أمامكم والبحر من خلفكم”، معادلة أدخلت طارق بن زياد التاريخ، وفقاً لما هو معروف. وإذا ما أردنا إسقاطها على الواقع اللبناني الحالي، تكون النتيجة وفقاً “للشاطر حسن” بعبدا من أمامك والضاحية من خلفك” ليس فقط للرئيس الحريري، انما للشعب اللبناني كاملاً. فأين المفرّ بعد ذلك”؟.

ليبانون ديبايت – ميشال نصر