كتب أنطون الفتى “أخبار اليوم”:
إنتظر الجميع أن تتحرّك المساعي الحكومية بهدوء يمهّد الطريق لتشكيل “حكومة المهمّة” بلا معارك “كَسْر عظم”، ولكن الرّياح جرَت بما لا تشتهيه سُفُن الشعب اللبناني المُنتَظِر. والقادم من الأيام يؤشّر الى مزيد من الصّعوبات، كما يبدو، بمعزل عن نتائج أي لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلّف سعد الحريري، وبغضّ النّظر عمّا إذا كان تشكيل الحكومة سيحصل قريباً أو لا.
فنوعية التخاطُب الأخير بين “فخامة الرئيس”، و”دولة الرئيس”، ومضمونه، لا يبشّران بالخير في مدى بعيد. وهو ما يطرح السؤال عمّا إذا كنّا أمام حكومة الـ “تحت الضّغط”، وذلك بمعزل عن الموعد المُحْتَمَل لتشكيلها.
“تحت الضّغط”
فحكومة “تحت الضّغط”، تعني أن المسدّس في رأسها، وأنها ستكون حكومة غير ناجحة، وحجّة لإضاعة المزيد من الوقت في كلّ ما يتعلّق بالإصلاحات المطلوبة من لبنان دولياً. فهل يُصبح سعر صرف الدولار 18 ألف ليرة، أو 20 ألفاً، أو ربما 22 ألفاً، بحسب عدد الوزراء المُحتَمَل فيها، أو ربما أكثر من ذلك بكثير؟
تصعيد
إرتفاع تعرفة نقل إرتفاع تعرفة نقل “تاكسي” المطار 30%الجيش: وضع الحجر الأساس للبدء بورشة إعادة بناء قاعدة بيروت البحريةالجيش: وضع الحجر الأساس للبدء بورشة إعادة بناء قاعدة بيروت البحرية
أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أنه “كان من الأفضل لخطاب رئيس الجمهورية أمس لو أشرك الشعب معه، عبر ما كان يُمكن أن يتضمّنه على مستوى حثّ الرئيس المكلّف، من خلال إبداء الجهوزية لتسوية معيّنة، من مُنطَلَق أنه أصبح لا بدّ من أن نجد حلّاً”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أنه “لو اكتفى رئيس الجمهورية بهذا الكلام، لكنّا قُلنا إنه يُشرِك الشعب معه ومع الرئيس الحريري، في كلّ شيء. ولكن من حيث التصنيف، لا بدّ من التركيز على أن فارقاً جوهرياً يفصل بين الإستدعاء والدّعوة”.
وأوضح: “يتمّ الإستدعاء في العادة بواسطة رسول. ولكن رئيس الجمهورية استدعى الرئيس المكلَّف علناً، وفي هذا الأمر بعض الإزدراء. كما أن هذا الإستدعاء ينطوي على إنذار، على طريقة إما تأتي لتشكّل الحكومة التي أريدها أنا (الرئيس عون)، أو إرحَل الى المنزل، وافسح المجال لغيرك. وهذا تصعيد، لا يمكن تفسيره في شكل جيّد، مهما بُذِلَت الجهود لجَعْل النوايا حَسَنَة، إذ إن اللّهجة والطريقة تنطوي كلّها على إنذار”.
رغم الإهانة
ورأى درباس أنه “من الجيّد أن الرئيس الحريري استجاب على صعيد ما يُظهِر استعداده للذّهاب الى القصر الجمهوري، بعد زيارات سابقة كثيرة. وربما كان يُمكن لرئيس مكلّف آخر أن يقول لرئيس الجمهورية، إنه مستعدّ للّقاء مجدّداً رغم الإهانة العلنيّة التي وجّهها له رئيس الجمهورية، عبر الشاشات. ولكن الرئيس الحريري تحدّث عن أن الإجراء نفسه الذي ينطبق عليك، ينطبق عليّ (الحريري) أنا أيضاً”.
وشرح:”هذا يعني أنه عندما ينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية، يُصبح الرئيس رئيساً. ولو اجتمع كل النواب بعد ذلك بالإجماع، وقالوا إنهم سحبوا الثّقة منه، فلا شيء يسحب مشروعية الرئيس كرئيس مُنتَخَب، لأن مجلس النواب ينتخب مرّة واحدة. والمفاعيل نفسها تنطبق على اختيار رئيس الحكومة. فعندما يسمّي مجلس النواب هذا أو ذاك، كرئيس مُكلَّف لتشكيل حكومة، لم يلحظ الدستور وسيلة لسَحْب تلك التسمية، وذلك تماماً كما لم يلحظ وسيلة لسَحْب الثّقة من رئيس الجمهورية”.
فوضى إقتصادية
وشدّد درباس على أن “كلّ تلك الأجواء السلبية، ستنعكس على السوق الإقتصادية في شكل رئيسي. وإذا لوّح الحريري باعتذاره عن التشكيل، فلا شيء يُمكنه أن يلجم سعر الدولار، والفوضى الإقتصادية، في تلك الحالة. لماذا؟ لأنه لا يُمكن إسقاط واقع أن الدول العربية والأجنبية كلّها، تتعاطى مع الرئيس الحريري على أساس أنه هو الرئيس الطبيعي للحكومة، فيما القوى السياسية المحلّية كلّها، ما عدا “التيار الوطني الحرّ”، تسلّم بأنه الشخصية القادرة على تشكيل “حكومة المهمّة”.
“نصّ بنصّ”
وأكد درباس أن “تشكيلة الحريري الحكومية تراعي الميثاقية والدستورية، من حيث أنها “نصّ بنصّ” بين المسيحيين والمسلمين، ولا انتماءات حزبية مباشرة فيها. فضلاً عن أنه (الحريري) قبل أن يقدّم التشكيلة، قام باستشارة الطبيب الفرنسي الذي أعطاه الأدوية التي لا يُمكن استبدالها، أو التلاعُب بمواعيد تناولها، وذلك من أجل الحصول على الشّفاء”.
وختم: “هذا هو سبب تمسُّك الحريري بها، ولا إسم محسوباً عليه فيها. فالرئيس المكلّف يشكّل حكومة الوعاء الصّالح للمساعدات الدولية للبنان”.