كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
يبدو أن معظم الأطراف ثابتة في الهرب من الحقيقة، فيما هي تلحق بالجميع، بسرعة فائقة.
فمن الحَراك الدولي المتشعّب على مستوى حلّ الأزمة السورية، مروراً بالمدّ والجَزْر التركي – المصري، بمساعٍ إقليمية – دولية أيضاً، نصل الى “المُمانَعَة” اللبنانية الرسمية، لأي مسعى دولي برعاية الأمم المتحدة، يحلّ أزمة لبنان.
جوع
فهذا المسار بات ضرورياً جدّاً، على وقع اقتراب الشعب اللبناني من مواجهة خطر المجاعة، في شكل يجعله يكتب للشعب اليمني “أخي العزيز”، لا سيّما أننا وصلنا الى مستويات حرِجَة على مستوى مواجهة الفقر.
انتظار الحَلْحَلَة السوريّة، لفكّ العُقَد اللبنانية، هو وهم، إذ إن ضمان استدامة وانتظام وقف الأعمال القتالية في معظم الأراضي السورية، ليس سهلاً، بينما أي إخفاق في تثبيت المسار السلمي بعد مدّة، قد يقود الى عودة المسيَّرَات الإنتحارية الى الأجواء السورية، والى أبعَد منها ربما، بما لا يُمكن تخيّله، خلال المرحلة القادمة.
“نَشْر غسيل”
ويُضاف الى هذا المشهد، ما يُمكن اعتباره “نَشْر الغسيل” البحري بين إسرائيل وإيران. فمن تبادُل هجمات بحرية غامضة بين الفريقَيْن مؤخّراً، بحسب بعض المعطيات، الى الكَشْف عن أن إسرائيل استخدمت منذ أواخر عام 2019 أسلحة متنوعة، لاستهداف السّفن الإيرانية أو تلك التي تحمل شحنات إيرانية، أثناء توجّهها نحو سوريا عبر البحر الأحمر، وممرّات مائية أخرى في المنطقة. ويُزاد على ذلك أيضاً الإشارة الى علاقة مُحتَمَلَة بين تلوُّث شواطئ المتوسّط منذ مدّة، وهجوم إسرائيلي على ناقلة محمّلَة بالنّفط الخام، كانت في طريقها من إيران إلى سوريا.
قرار دولي
شدّد مصدر مُطَّلِع على أن “التدويل بات أمراً واقعاً لـ”الثنائي” لبنان وسوريا، لأنهما من ضمن أكثر المناطق التي تشكّل خطراً، على الأمن الإقليمي والدولي، في الوقت الراهن. فهُما مساحة لمواجهات مختلفة، مُعلَنَة وسريّة، وخصوصاً بين إسرائيل وإيران، والتي من ضمنها مشاكل التلوّث البحري في مياه المتوسّط”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “ما يحصل سيؤول في النهاية الى تدهور أكبر، يجعل صدور قرار دولي جديد حول تلك المنطقة، من الضّرورات الدولية الملحّة، لا سيّما أن ظروف إصداره تكبر أكثر، بسبب تلاقي الروس مع الغرب على نقاط سوريّة كثيرة مؤخّراً”.
لا تثق؟
وعن إمكانيّة أن تكون الرغبة الروسية بالحديث المباشر مع “حزب الله”، نابعة من دقّة رسائل خصومه التي ستبلّغه إياها موسكو، وعَدَم ثقتها (روسيا) بإيران التي بإمكانها أن لا توصلها إليه “الحزب” بالدقّة اللازمة، قال المصدر: “روسيا تدرك أن “حزب الله” هو إيران نفسها، وكان بإمكانها أن تختصر المسافة بالفعل، وتتحدّث مع طهران”.
وأضاف: “عَدَم الثّقة الروسيّة بإيران، والتي تظهر من خلال التنسيق الروسي العسكري الكبير مع إسرائيل في سوريا، قد لا تكون هي وحدها السبب في اللّقاء المباشر بين موسكو و”الحزب”، إذ إن روسيا لا تثق أيضاً بالأذرُع الإيرانية كلّها، على امتداد المنطقة”.
مُفلِس
وأكد المصدر أن “إمكانية خروج “حزب الله” من زيارة روسيا كقوّة إقليمية، بما يؤسّس لبدء التعاطي معه وكأنه دولة، واستثمار إيران في هذا الوضع مستقبلاً، سيكون تمهيداً لإعادة رسم الخرائط، بما يجعل من “الحزب” ضمن مساحة جغرافيّة خاصّة به، يستقرّ فيها مع سلاحه بما لا يؤثّر على باقي اللبنانيين، وهي مختلفة عن الدولة اللبنانية التي يُمكن للعالم أن يتعامل معها، والتي يُعمَل حتى الساعة على تشكيل “حكومة مهمّة” فيها، تسرّع الطريق الى مساعدتها”.
وختم:”الإدارة الأميركية الجديدة مختلفة عن السابقة، وتحرّكات روسيا باتت مستمرّة، وموازين القوى في المنطقة تغيّرت. وما يُمكن تأكيده هو أن “إحياء” سوريا على حساب استنزاف لبنان، كما كان يحصل في الماضي، ما عاد ممكناً أبداً، ولا حتى من ضمن تسوية كبرى. فلبنان بات مُفلِساً، وإفلاسه هو الذي يرسم الحلّ السوري والإقليمي حالياً”.