أكّد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب المستقيل سامي الجميل, فيما يخصّ التحرّكات الأخيرة والتظاهرات في عدّة مناطق لبنانية، خصوصاً الأسبوع الأخير، أنه “منذ 17 تشرين الأول، شارك الحزب في هذه التظاهرات إلى جانب الشعب المنتفض على السلطة السياسية، مطالباً بالتغيير وإسقاط المنظومة السياسية الحالية”.
وفي مقابلة حصرية مع “عربي بوست”، قال: “أنه في التحرّكات الأخيرة، هناك جهات سياسية اخترقت هذه التحرّكات نسبة إلى الشعارات التي رُفعت، وهي مختلفة عن شعارات 17 تشرين، لذا تحفَّظ حزبه عن النزول إلى الشارع؛ “منعاً لتنفيذ أجندة سياسية معينة”، على حد قوله”.
وحول التوقعات باحتمالية انفجار الشارع اللبناني، وإحداث هزة أمنية بالتزامن مع الاتفاق الإيراني-الأميريي الجديد، قال: “إنّ هذا السيناريو بعيد في هذه المرحلة، لأن ما شهده لبنان من احتجاجات كان عبارة عن “400 عنصر حزبي في مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ليس جوّ الشارع اللبناني المنتفض”.
وتابع بالقول إن الشارع اللبناني عبّر بطريقة حضارية وسلمية معاكسة للأحداث الأخيرة.
كما أكّد الجميّل, أنّ “الشعب اللبناني موجوع، ومن حقّه أن يعبّر عن هذا الشعور”، متوقّعاً عودة الشعب اللبناني إلى الشارع؛ للمطالبة بالتغيير بمعزل عن التدخلات الدولية والإقليمية، وأن محاولة إشعال الشارع من قِبل السطلة السياسية في الأسبوع الأخير، باءت بالفشل.
وعن الاتهامات التي تُوجّه لهم بكونهم شاركوا في السلطة منذ عقود وهُم جزء من المنظومة، أوضح الجميّل, “أنّهم في المعارضة منذ عام 2015، عندما استقالوا من الحكومة بعد تظاهرات “طلعت ريحتكم”، حين انتفض الشعب اللبناني على الحكومة بسبب أزمة النفايات”.
كما علَّق على خطاب البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عالي النبرة واللجوء إلى التدويل، قائلاً “إن للتدويل معاني كثيرة، فهو من فريق معيَّن يُستخدم للتخوين، ومن فريق آخر يُستخدم للمزايدة على الآخرين”.
وأوضح أنه “من الضروري تحديد المقصود من التدويل”، متسائلاً باستنكار: “هل مؤتمر سيدر يعتبر تدويلاً أم لا؟ ماذا عن مؤتمر دعم لبنان الذي دعا إليه ماكرون عقب انفجار المرفأ؟ ماذا نعني بكلمة تدويل؟”.
وأضاف: “إذا كان التدويل يعني وصاية دولية توقّف عمل المؤسسات وتعمل مبدأ الانتداب، فهذا أمر لم تشهده أي دولة في العالم بعد. أما إذا كان التدويل معناه أخذ هذه المنظومة السياسية برعاية دولية وتجتمع لعقد تسوية جديدة على حساب الشعب اللبناني، فنحن نرفض ذلك، لأنهم لا يأتمنون هذه السلطة السياسية بتأمين مستقبل الشباب والبلد”.
رأى الجميّل, “إن لبنان بحاجة الى أمرين: الأول هو أن يكون هناك قرار دولي بتنفيذ القرارين الصادرين عن مجلس الأمن الدولي المتعلّقة بلبنان وهما 1595 و1701 واللذين يطالبان بحصر السلاح بيد الدولة، ومنع أي دولة من التدخل بشؤون لبنان، ومنع إيران من إرسال المال والسلاح إلى الداخل اللبناني، ومنع أي طرف آخر غير إيران أيضاً. وكذلك حماية لبنان وسيادته واستقلاله وحدوده”.
أما النقطة الثانية، فهي أنه “على الشعب اللبناني أن يتحمّل مسؤوليته أيضاً، وعدم الاتّكال على الآخرين، واستكمال الانتفاضة الشعبية السياسية الانتخابية، ومنع أي محاولة لخطف لبنان مجدداً، عبر إلغاء الانتخابات النيابية التي تسمح للشعب اللبناني بالتغيير السلمي”.
وأشار إلى أن لديه معلومات تؤكّد أنّه “هناك تخطيطاً جدّياً لتأجيل الانتخابات النيابية؛ لمنع الشعب اللبناني من إعطاء كلمته بهذه المنظومة المترابطة المتحالفة على قاعدة “الميليشيا والمافيا”. الميليشيا- في رأيه- هي حزب الله، والمافيا هي المنظومة السياسية المتعاونة معه والمستسلمة له وانتخبت له رئيساً للجمهورية هو ميشال عون، على حد قوله”.
وشدد على أن “كل هذه المنظومة مترابطة بعضها مع بعض، وبحسب الجميل فإن الأحزاب المتخاصمة فيما بينها التقت بعيداً عن الإعلام؛ في محاولة للبحث عن آليات عملية وحجج دستورية لإلغاء الانتخابات، لأنها باتت تدرك أن اللبنانيين سيحاسبونها في صناديق الاقتراع في أول فرصة”.
وحول ملف انفجار مرفأ بيروت، حمّل الجميّل من خلال حزب الكتائب، “السلطة مجتمعةً مسؤولية هذه الكارثة التي دمرت أهم عواصم المنطقة، حسب تعبيره”.
وأكد الجميل أن “الجميع يعرف من يملك هذه المواد التي انفجرت، مشيراً إلى أن حزبه جزء من الدعوى المقامة ضد الدولة اللبنانية التي تتصرف دون خجل في هذا الملف والتي عزلت القاضي صوان عن متابعة القضية”.
وقال الجميّل، إن “الطبقة السياسية الحاكمة تمكنت من إدخال الإدارة الفرنسية فيما سماه “وحل السياسة اللبنانية” القائمة على التحاصص”.
وأردف, “فرنسا هي الدولة الوحيدة المهتمة بلبنان، وأن المجتمع الدولي والدول العربية لم يعد لبنان مهماً لها، بسبب فساد الطبقة السياسية، لذا فإن ما يجري هو في إطار إعادة تعويم المجموعة الحاكمة على حساب الناس، على حد قوله”.
وأكد أن “الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لن يعود للبنان قبل أن يلمس تغييرات في تعاطي الأطراف السياسية التي خذلته ولم تفِ بوعودها، مشيراً إلى أن هناك إرادة جدية تقضي بالسماح بتحمُّل لبنان، لأهداف خارجية”.
وحول خطاب حقوق المسيحيين، أجاب الجميّل بأن “معاناة المسيحيين في لبنان هي معاناة المسلمين نفسها، واستخدام خطاب حقوق المسيحيين هدفه التهرب من فشل الأحزاب المسيحية، لأن خطابهم لم يعد يقنع قواعدهم الحزبية، لذا يلجأون إلى الخطاب الطائفي”.
وحول تهرُّب الأحزاب المسيحية من مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون، بالاستقالة، أكد “أنه مع استقالة عون ومع استقالة مجلس النواب؛ لتغيير وتعديل النظام السياسي على قاعدة جمهورية ثالثة، وفق قواعد تذهب بلبنان إلى نموذج الدولة المدنية، وتبدأ من إلغاء الأحوال الشخصية الطائفية والعمل على إقرار قانون أحوال شخصية مدني”.
وحول طرح البطريرك الراعي بضرورة الحفاظ على اتفاق الطائف، قال: “الكتائب” لا يتفق مع هذا الطرح، “لأننا بحاجة لدولة قوية وقادرة وفق طرح جديد”.
وفي ملف ترسيم الحدود يجيب الجميل بأن حزب الله هو من فتح الباب للتطبيع مع إسرائيل منذ سنوات عبر وسطاء ألمان.
وبحسب الجميل فإن رئيس البرلمان نبيه بري، بتكليف وغطاء من الحزب، أجرى تواصلاً مع واشنطن لاستكمال ملف ترسيم الحدود وتأمين الحوار مع إسرائيل منذ عام 2007، وحزب الله يزايد على اللبنانيين بالمقاومة، فيما هو يخدم مشروعاً خارجياً لا يعنيه لا فلسطين ولا لبنان، وسيستخدم سلاحه ورقة في التفاوض بين واشنطن وطهران.
وحول ملف التطبيع مع إسرائيل في ظل موجات التطبيع العربية، رأى الجميل أن “لديهم مشاكل عديدة مع إسرائيل، أهمها اللاجئون الفلسطينيون والحدود، ويجب إجراء تفاوض حقيقي لتحقيق مصالح اللبنانيين، التي تبدأ بترسيم الحدود البحرية لضمان الثروة اللبنانية، والثانية حول عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع توطينهم”.
الأصل- بحسب الجميل- وقف الحرب، فالعالم متجه للسلام و”لماذا علينا البقاء رهينة حروب حزب الله وإيران في المنطقة؟!”.
وحول صفقة القرن، أجاب الجميل بأن “هناك مبادرةً اسمها المبادرة العربية، أجمع العرب عليها في بيروت عام 2002، و”نحن معها بما يحفظ حقوقنا جميعاً”.
وفي الملف السوري وقضية النازحين واستخدامها في خطاب العنصرية المتزايد، قال: “بأنه ضد هذا الخطاب الذي يُستخدم للتحشيد المذهبي والطائفي، بسبب الخسائر التي تعيشها الأحزاب, لذا فإنه رأى أنه يجب تأمين عودة آمنة للنازحين والسوريين”.
وكشف الجميّل عبر “عربي بوست”، أنه زار موسكو والتقى مبعوث الرئاسة ميخائيل بوغدانوف، وتناقش معه حول ملف النازحين، وعبَّر له عن ضرورة أن تقوم موسكو مع المجتمع الدولي بتأمين عودة آمنة للنازحين؛ لكون روسيا هي القائمة على نظام الأسد.
ووفق الجميّل، فإن هذا الملف مرتبط بوزارة الخارجية التي تحولت في هذا العهد لوزارة أشباح، لا تمتلك أي قدرة دبلوماسية لمعالجة أي ملف، وإن خسائر لبنان الدبلوماسية باتت لا تعد ولا تحصى، على حد تعبيره.
ورأى الجميّل أن الوزير جبران باسيل كان “همُّه الوحيد في ظل توليه وزارة الخارجية، التفاوض على ملف الغاز والنفط.”
وكشف “أنه ومعظم مجموعات الثورة التي خرجت من رحم ثورة 17 تشرين، يحضرون لجبهة سيعلن عنها بداية الشهر القادم، بهدف مواجهة السلطة والتحضير للاستحقاقات الانتخابية القادمة في كل المناطق اللبنانية”.
وأوضح أن الجبهة الجديدة تضم شخصيات وطنية معارضة وموثوقة، وستحقق رقماً في المشهد اللبناني.