ميم المرأة منبع الحياة وممالك الصباحات النقيّة
ميم المرأة مئزر ومروءة تغطّي بهما خجل الدنيا وخوفها وخميرة الذكور،
ميم المرأة ميلاد عيسى والمدائح في الكنائس من مريم استعار فاتحةً لإسمه فكان المسيح،
ميم المرأة ميلاد الفجر الأوّل والصرخة الأولى فوق وجه البسيطة الهش في يومه قبل إشراقة الشمس،
وميم المرأة مفتاح الدروب نحو الجنان التي تكشح الهموم والأثقال ببسمة وربتة،
ميم المرأة موعد معقود بين الأرض والسماء قبل ميلاد هذه الدنيا،
وميم المرأة مياه طريّة ناعمة لكنّها هائلة وتشغل ثلثي الكون بطراوتها وجسدها الجميل الرائع الفتّان،
وميم المرأة مدارات أبديّة منها تنبثق الحياة في البذور وتريك الإبداع بين أنامل الله.
++++++++++++++++++++++++++++++++
راء المرأة رقّة ربٍّ بها أوصى في نصوصه ومن ضلعها أسقطه صارخاً فوق التراب،
راء المرأة ريح تقلع العالم من جذوره إن شاءت بجفنيها، وتدغدغ نعاسه فينام طفلاً في حضن الفجر إن شاءت،
راء المرأة وسادة العمر ورمل لا ينتهي فوق شواطيء العالم تتسطّح البشرية فوقه أمام هدأة المياه الزرقاء في البحار والمجيطات وصخبها،
راء المرأة مشتل تزرع فيه رجال الشموس والنجوم للإشراق ولبناء الحضارات والهياكل وعمارة الدنيا بسواعدهم ليقعدوها بتشجيع أمهاتهم،
الراء في المرأة رياحين الدنيا وروحها التي لا تفنى بل تزهو نافذة الدنيا ولا نتحرك ونتمتم إلاّ بها، ولا يتحرّك غصن من غفوته إلا بأنفاسها،
راء المرأة رؤية الدنيا عند اليقظة الأولى ورؤيا الشعراء ورونق الأنبياء،
راء المرأة رسم الخالق الأبهى لشكل البشرية، وقد كان الله في عزّ نشوته في قصيدة الهندسة الكونية التي عبّات الدنيا والتاريخ إلى الأزل،
راء المرأة رسم الختام والختم خربشه الخالق الأبهى وزيّنه متزحلقاً برحيق الجنّة الزاهرة أبداً في الأذهان المتعبة، وصارت تلك الراء تساير غضب الآلهة والتواصل،
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
ألف المرأة أوّل لثغةٍ فوق لسان كونٍ أو طفلٍ رضيع، والغسق يتراقص فرحاً مدى الزمان،
ألف المرأة إبتهال دائم لمسرى التربية والطفولة والرجولة كي تحكي قصتها،
وألف إنجابُ إنجابٍ أخرج البريّة من وحشتها وضجرها ووحدتها وزرع في صلبها ألق الحياة وشيئاً إسمه ضجّة الدار والدنيا والحضارة،
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++
التاء المربوطة ختام أو وسام وضعه الله فوق صدر العالم، وعبثت بها الأيدي البشرية المعقودة تحت كتفي الكرة تسندها لكنها المكتنزة بالأحلام والآفاق،
كلّما نمت “حضارة الرجال” وكبرت عقولهم ضمرت دائرة التاء لشدّة ما يحكموا الشدّ بطرفيها فأصلّبوا عقدتها وعقائدها وتراجعت الدنيا فمشت إلى الخلف،
لم يقرأ الرجال في المرأة سوى التاء المربوطة التي عجزوا وسيعجزون عن فكّها فيحاولون أبداً ربطها بألف رباط ورباط وأحكموا ويحكمون الربط، لكنهم بقوا حولها يدورون كما الديدان العارية. لم يفهموا الحكاية التي كتبت في رحمها وصدرها وضرعها وشفاهها وبسمتها وعيناها فشتموا ولعنوا ولكنهم تعثّروا كيفما وحيثما اتّجهوا وحلّوا إذ كانوا يدورون حول ملايين التاءات المربوطة التي تحتاج إلى أن يفكّها الخالق الأوّل أو إله جديد غير موجود.
نسيم الخوري