لبنان في سباق مع الوقت لترسيم حدوده البحرية

جاء في “أخبار اليوم”:

“لا وقت أمام لبنان”، بهذه الكلمات يُمكن اختصار الحالة التي وصل إليها البلد في ترسيم حدوده البحرية الجنوبية مع “إسرائيل”.

وفي حين تصدر بعض المقالات وتدعي أن لبنان بصدد إعادة التفاوض مع قبرص بحجة وقوع أخطاء أدت الى خسارة لبنان أكثر من 2600 كلم مربعا لصالح قبرص، تؤكد مصادر مقربة من ملف الحدود البحرية أن هذا الكلام غير صحيح، وأن المشكلة مع قبرص هي فقط في تحديد موقع النقطة الثلاثية بين لبنان، قبرص، والعدو الاسرائيلي التي تم تحديده خطأ في العام 2007، وقد صرح الجانب القبرصي في العام 2011  أنه مستعد لإعادة تحديد هذه النقطة وتصحيح موقعها لتصبح في المكان الذي يتفق عليه الجانبين اللبناني والاسرائيلي. وبالتالي لا يوجد مشكلة مع قبرص بل المشكلة هي مع العدو الاسرائيلي.

هذا، وتعلق المصادر على ما ذكرته هذه المقالات عن أن لبنان لن يكون باستطاعته استخراج الثروات النفطية من بحره وخصوصا من البلوك 9 إلا بعد 7 الى 9 سنوات من تاريخ انجاز ترسيم الحدود البحرية، بالقول:  هذا الكلام غير صحيح كون شركة توتال التزمت البلوك 9 في العام 2018 وهي على علم بالمنطقة التي يُدّعى أنه متنازع عليها، وهي قررت الحفر 25 كلم شمال هذه المنطقة. وإن التأخير في عمليات الحفر يعود سببه لجائحة كورونا وليس بسبب ترسيم الحدود البحرية. لذا فان مطالبة لبنان باستعادة مساحة إضافية تبلغ 1430 كلم مربعا بالاضافة الى المساحة التي كان يُدّعى سابقاً أنه متنازع عليها والبالغة 860 كلم مربع لا تؤثّر علی أعمال شركة توتال لا بل تريحها الی حد كبير اذ انها ترفع من حظوظ لبنان  بالاستحواذ علی البلوك 9 بكامله لا بل اكثر، في حين ان حصر التفاوض بمنطقة ال860  كم مربع يعني بالضرورة الاقتطاع من البلوك 9 العائد الی توتال وشركائها عملاً بمبدأ التفاوض الذي يحتّم التنازلات المتبادلة.

الترسيم في الشمال

أما القول أن تمسك لبنان في مفاوضاته مع “اسرائيل” على اعتبار صخرة تخيلت لا تأثير لها في الترسيم، قد يفتح الباب أمام القبارصة وحتى سوريا في مرحلة لاحقة، للاشارة الى أن جزيرة النخيل قبالة طرابلس لا تأثير لها في الترسيم، وبالتالي سيخسر لبنان الكثير من مياهه الاقليمية، تشدد المصادر ايضا على ان هذا الكلام غير صحيح، كون الوضع الجغرافي شمالاً مختلف كليا عن الوضع الجغرافي جنوباً.

حيث يوجد في الشمال جزيرة أرواد السورية مقابل جزيرة النخيل اللبنانية، وبالتالي في حال احتساب التأثير لكلا الجزيرتين أو عدمه لن يكون هناك فارق كبير، وكذلك الوضع مع قبرص في حال احتساب تأثير جزيرة النخيل (الرمكين) أو عدمه فهناك فارق حوالي 10 كلم مربع فقط.

صخرة تخيلت
وتشير المصادر الى ان  الوضع مع صخرة تخيلت جنوبا -التي تبلغ مساحتها أقل من مساحة شقة سكنية- مختلف كلياً حيث يبلغ احتساب تأثيرها بإزاحة خط الحدود شمالاً لصالح العدو الاسرائيلي حوالي 1800 كلم مربع، وهذا ما لا يسمح به قانون البحار والاجتهادات الدولية الكثيرة ذات الصلة، وليس فقط قضية اوكرانيا ورومانيا عام 2009 كما تم ذكره في المقال والتي هي بالتأكيد لصالح لبنان وفق الخبراء القانونيين.

أما القول أنه يجب عدم الاستدلال بقضية مالطا – ليبيا كون النزاع بينهما كان خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة (المسافة بينهما أكثر من 200 ميل بحري وهي غير متداخلة) على عكس الوضع بين لبنان وقبرص، فإن المصادر عينا تؤكد أن المنطقة الاقتصادية الخالصة بين مالطا وليبيا متداخلة، لا بل كل المناطق الاقتصادية الخالصة لكافة دول البحر المتوسط متداخلة فيما بينها.

مع العلم ان المعيار لوجود تداخل او عدمه بين المناطق البحرية لدولتين هو مسافة  400 ميل بحري وليس 200 اذ انه يحق لكل دولة علی حدی مدّ مناطقها علی مسافة 200  ميل بحري وعلی كل حال تجدر الإشارة الی ان جزيرة مالطا تبعد مسافة 184  ميل بحري عن ليبيا أي اقل من 200.  ان سبب الاستدلال بهذه القضية هو شيء آخر ليس له علاقة بالترسيم مع قبرص، وليس موضوع تداخل المناطق الاقتصادية الخالصة لكلا البلدين أو عدمه له علاقة بموضوع الترسيم.

أما في ما خصّ ادعاء افتقار حجّة أنّ محاضر اتفاقيّة 2007 تفيد بأنّ النقطتين 1 و6 غير نهائيّتين للدقة  مما يسمح للبنان بطلب إعادة التفاوض مع نيقوسيا، فتشدد المصادر على أن مشكلة النقطين 1 و 6 يمكن حلها مع قبرص بسهولة اذ يكفي الاطلاع علی نص المادة الاولى الفقرة “هـ ” من الاتفاقية مع قبرص عام 2007 للتأكّد من انّ النقطة 1 غير نهائية ويمكن  تعديل احداثياتها في ضوء التحديد المستقبلي للمناطق الاقتصادية الخالصة مع الدول الاخرى المعنية.