يهدف استخدام دعم المحروقات في دولة ما إلى تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر تأمين موارد طاقة رخيصة الثمن ما يتيح لعملية الإنتاج أن تزدهر بعد خفض كلفتها، لكنّ الإفراط في استخدام الدعم ولا سيما في قطاع الطاقة، يخلق أقفالاً تدفع صانعي القرار لإصلاح الدعم عبر سياسات «غير شعبية».
مشروعية مرتبطة بالـ«أقفال»
– عندما تنتهج حكومة ما مسار الدعم فهي تضع نصب عينيها ركائز ثلاث تدفع هذه السياسة: الثبات الاقتصادي، التنمية، العدالة. غير أن الإفراط في الدعم يؤدّي إلى تأطيره على أنّه «ريع سياسي» فيأخذ خصائص اجتماعية، ويصبح ممزوجاً بالعقد الاجتماعي بين الدّولة والمواطن ما يجعل مشروعية الدّولة مرتبطة بقدرتها على تأمين هذه الخدمة بالسعر الذي بات المواطن يعتقد أنّه حق مكتسب له من أي حكومة يرضى بها لتدير حاجاته الخدماتية.
يهدف استخدام دعم المحروقات في دولة ما إلى تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر تأمين موارد طاقة رخيصة الثمن ما يتيح لعملية الإنتاج أن تزدهر بعد خفض كلفتها، لكنّ الإفراط في استخدام الدعم ولا سيما في قطاع الطاقة، يخلق أقفالاً تدفع صانعي القرار لإصلاح الدعم عبر سياسات «غير شعبية».
مشروعية مرتبطة بالـ«أقفال»
– عندما تنتهج حكومة ما مسار الدعم فهي تضع نصب عينيها ركائز ثلاث تدفع هذه السياسة: الثبات الاقتصادي، التنمية، العدالة. غير أن الإفراط في الدعم يؤدّي إلى تأطيره على أنّه «ريع سياسي» فيأخذ خصائص اجتماعية، ويصبح ممزوجاً بالعقد الاجتماعي بين الدّولة والمواطن ما يجعل مشروعية الدّولة مرتبطة بقدرتها على تأمين هذه الخدمة بالسعر الذي بات المواطن يعتقد أنّه حق مكتسب له من أي حكومة يرضى بها لتدير حاجاته الخدماتية.
◦ أحادية التكنولوجيا هذه، أدّت إلى نشوء أقفال مؤسساتية وتشريعية ومعرفية، إذ تفتقد هذه البنى الثلاث في قطاع الطاقة، إلى تشريعات وأدوات واضحة تخدم انصهار تكنولوجيات إنتاج طاقة جديدة. هذه الأقفال أدّت إلى منع تنويع مصادر الطاقة وبذلك بتنا في واقع أمن طاقة ضعيف، فإذا توقف معمل عن الإنتاج أو فشلت الدولة في تأمين محروقات للمصانع أو لم تستطع الوصول إلى عقود تزويد مصانع الإنتاج، فإن كل لبنان يتأثر بانخفاض ساعات التغذية وازدياد العتمة.
◦ يعاني لبنان أيضاً من قفل الاحتكارات وهي ظاهرة لا تقتصر على كارتيلات النفط والشركات العاملة إما في الإنتاج أو التوزيع أو الجباية، بل أيضاً عبر شبكات مولدات الطاقة الخاصّة. وجميعهم قد يعملون جاهدين لإفشال محاولات فتح السوق لشبكات خدماتية جديدة لا تمر عبرهم.
2- لبنان بحاجة ماسّة إلى إصلاح الدّعم نتيجة العجز المالي والخلل في ميزان المدفوعات الذي تعيشه الدّولة بشكل أساسي نتيجة الدين العام الضخم. فالدولة تدعم سنويّاً منتجات مختلفة بنحو 5.2 مليارات دولار، من ضمنهم 900 مليون دولار مخصّصة لمحروقات الطاقة في مؤسسة كهرباء لبنان. وقد بلغت تحويلات الخزينة إلى المؤسسة بين عامي 2000 و2019 نحو 22.8 مليار دولار. حاجة لبنان للإصلاح، تواجهها الأقفال المذكورة سابقاً. لذلك نرى تخبّط صانعي القرار في ما بينهم لمعرفة كيف، وبماذا، ومتى يبدأون عملية إصلاح الدعم. إلا أنّ ما يُجمع عليه غالبية السياسيين في لبنان، أن هذا الإصلاح سيأتي عبر سياسات غير شعبية، وهم بذلك يميلون إلى تطبيق نماذج دول أخرى اتفقت مع المؤسسات المالية الدولية لتطبيق برامج مساعدات مشروطة برفع الدعم. في لبنان، إن حصل هذا في قطاع الطاقة (وهو الأقرب لذلك)، فإن رفع تعرفة الكهرباء على المستهلك قد تتحوّل إلى غليان اجتماعي غير محسوب العواقب.
الطاقة الشمسية حلّ؟
لبنان أمام خيار قد يخفّف وطأة الأثر غير الشعبي لإصلاح الدعم عبر دمج تكنولوجيا الألواح الضوئية للطاقة الشمسية بسوق إنتاج الطاقة. هذا الإدخال بمقدوره حلحلة الأقفال التي يعيشها القطاع في لبنان:
• يمكن لهذه التكنولوجيا أن توقف أحادية تكنولوجيا الإنتاج المعتمدة على مصانع زيت الوقود الثقيل، وبهذا يصبح لدينا تنويع في مصادر الطاقة وأمن للطّاقة أفضل.
• للتكنولوجيا المستحدثة، القدرة على كسر قفل الاحتكار والكارتيلات ما يضعف الحاجة لهذه الجهات واعتبارها عقدة وصل أساسية في سلسلة إنتاج الطاقة.
• بالنسبة لقفل العقد الاجتماعي الناتج عن الريع السياسي، فإن التكنولوجيا لها القدرة ولو جزئيّاً على تأمين طاقة بكلفة إنتاج أقل من الكلفة المدعومة حالياً التي تتكبّدها مؤسسة كهرباء لبنان وخزينة الدّولة. كلفة المبيع الحالية للكيلووات ساعة في مصانع إنتاج الطاقة على الفيول هي 0.20 دولار يتحمّل المواطن منها ما يعادل 0.095 دولار، أي 47.5%، وتتم تغطية الكلفة المتبقية عبر الدّعم. أما الكيلووات ساعة لتكنولوجيا الألواح الضوئية فتقدّر كلفة إنتاجها بـ0.08 دولار وهي في بعض التجارب أقلّ. وبهذا لن تحتاج الدّولة إلى تحمل هذا الفرق بين الكلفتين، بل سيتكبّد المواطن تعرفة أقل من التي كان سيتكبّدها في حال رفع الدعم ورفع التعرفة في فاتورة الكهرباء. وهنا يصبح الضغط الاجتماعي أقل ليتم تخطّي قفل العقد الاجتماعي بأقل الخسائر الممكنة.
المصدر: الأخبار