غدره كورونا … قصة الممرض والمسعف اللبناني التي هزّت الرأي العام!

لم يكن الممرض والمسعف في الصليب الأحمر اللبناني فادي أبو الحسن يعرف أن معركته ضد كورونا طوال الأشهر الماضية ستجعله يدفع الثمن… حياته! هو الذي حارب هذا الفيروس الخبيث في عكر داره من خلال عمله في 3 مستشفيات كممرض بالإضافة إلى تطوعه في الصليب الأحمر. كان حاضراً دائماً ومحارباً متأهباً، إلا أن الفيروس غدره في 8 أيام ليرحل بصمت تاركاً العالم في ضجيج مريب.

أثارت قصة فادي غضب الكثيرين، ابن الـ33 عاماً الذي كان يعمل في الخطوط الأمامية لمواجهة #كورونا توفي قبل أن يتسنَى له تلقي اللقاح. هذا الغضب الإلكتروني الذي عبّر عنه المتابعون لقصته كفيل في نقل الظلم اللاحق بهذه الفئة، الذين ما زالوا ينتظرون دورهم للتطعيم في حين حصل بعض النواب وحاشية رئيس الجهمورية على اللقاح من دون احترام المعايير والتوصيات.

وتداول البعض أنه “حتى الأن تلقى 150 من أصل 4000 مسعفاً اللقاح في الصليب الأحمر، وقد علم لـ”النهار العربي” أن “هناك اجتماعاً بين الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني ووزارة الصحة للبحث في إدراج المسعفين في أولويات حملة التطعيم”.

هزّت قصة فادي الرأي العام، هذا الامتعاض من “الزبائنية” و”الاستنسابية” في حملة التطعيم لم يخمد بعد، تجارب المسعفين والعاملين في القطاع الصحي الذين توفوا نتيجة الفيروس تشعل الوجع أكثر. برأي محبيه وأصدقائه أن “القرار السيادي كان أولى بأن يكون اعطاء اللقاح أولاً لأبطال الصليب الأحمر في خط الدفاع الأول وليس للنواب والمرجعيات الروحية والدوائر اللصيقة”، وأمام هذا الواقع يقف البعض متألماً ينعى “شهيداً آخر في معركة الواجب”.

يروي شقيقه باسم أبو الحسن لـ”النهار العربي” ما جرى مع فادي قائلاً: “كان كل شيء سريعاً، 8 أيام فصلتنا عن إصابته فوفاته. يصعب تصديق ما حصل، رحل فادي قبل أن يحصل على اللقاح، كان خائفاً من إصابته بالكورونا لأنه الشاهد على مآسي الناس نتيجة هذا الفيروس. وبرغم من احتياطاته وإلتزامه بالإجراءات الوقائية إلا أنه أُصيب بالكورونا ليرحل تاركاً الجميع في حالة صدمة وحزن”.

علم فادي بإصابته بعد 4 أيام على وصول اللقاح إلى لبنان، وكغيره من العاملين في القطاع التمريضي سجل اسمه على المنصة على أمل أن لا يطول دوره في حملة التطعيم. وفق شقيقه “عند معرفته بالإصابة قرر حجر نفسه في منزل صديقه حتى لا يُعرّض والدي البالغ من العمر 75 عاماً إلى الخطر، خصوصاً أن والدي لم يحنِ موعد تلقيه اللقاح برغم من أنه من الفئات الأولوية في حملة التطعيم. وقرر الابتعاد من العائلة خوفاً عليها، إلا أنه لم يتمكن من إبعاد شبح الفيروس عنه”.

يشرح باسم أنه “بعد 3 أو 4 أيام على إصابته، أُدخل فادي إلى مستشفى كمال جنبلاط الذي يعمل فيها كممرض لتلقي الرعاية الطبية. كان يعاني من ارتفاع في الحرارة، وبعد إجراء صورة الرئة تبيّن أن هناك إلتهاباً بنسبة 40 في المئة. ونتيجة لذلك، تمّ نقله إلى مستشفى عين وزين (فيها قسم خاص للكورونا ومجهزة أكثر للتعامل مع هذه الحالات) وكان الإلتهاب في رئتيته يزيد أيضاً (ووصل إلى 60 في المئة).

حاول الطبيب طمأنت العائلة، مؤكداً أنه سيتحسن خلال الأيام المقبلة. لكن الواقع كان مغايراً عن هذه التمنيات، وما جرى في الأيام المقبلة كان صفعة قاسية يصعب نسيانها. يتابع باسم تفاصيل تدهور حالة شقيقه قائلاً: “تلقيتُ اتصالاً من المستشفى يُطلعني عن تدهور صحة فادي، وإضطرارهم إلى نقله إلى غرفة العناية الفائقة ليتوقف قلبه في ما بعد. كان كل شيء سريعاً، لم أعاود الاتصال بالطبيب، ما نفع سبب الوفاة طالما أن الغالي رحل عنّا. لم يمرّ أكثر من 8 أيام بين إكتشاف إصابته ووفاته، الإلتهاب الرئوي كان قوياً ولم يصمد طويلاً أمام هذا الفيروس”.

ما يؤلم باسم أن “يدفع الأبطال الذين يواجهون الفيروس بحكم عملهم وخدمتهم الثمن من دون أن يأتي دورهم لتلقي اللقاح. هؤلاء يحاربون منذ سنة هذا الفيروس، وبينما يُقدم بعضهم خدماته من دون مقابل في حين يتلقى بعض النواب وحاشية رئيس الجمهورية وغيرهم اللقاح وهم مسؤولون عن وضع هذا البلد التعيس. من فدا روحه للناس وجد نفسه محروماً من حقه، ما جرى هو فعل غير منطقي لن نفهمه أو نتقبله. وعسى أن تكون قصة فادي الشرارة أو المحفز الذي سيدفع بوزارة الصحة على إدارج المسعفين في قائمة الأولويات لا سيما أنهم يواجهون الخطر في كل عملية نقل أو إسعاف لأي مريض”.

المصدر : النهار