جاء في “المركزية”:
مرّ الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عرضا أمس، على مجمل الملفات المحلية الساخنة، الا ان القليل الذي قاله في شأنها كان كافيا لاستخراج جملة خلاصات حول تموضعه السياسي في المرحلة المقبلة، وبالتالي تموضع البلاد ككل، كونه الفريق الاقوى على الساحة الداخلية، ليس سياسيا فقط بفعل إمساكه بالبرلمان وبرئاسة الجمهورية ايضا، بل بفعل سلاحه وفائض قوّته العسكرية.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، نصرالله اراد امس قطع الطريق نهائيا امام طرح الكنيسة المارونية تدويلَ ازمة لبنان بعد انسداد أفق الحلول المحلية. وقد تحدث ببضع كلمات عن هذا الاقتراح، ومن دون ان يسمّي بالاسم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. غير ان نبرته أوصلت الرسالة. فهو لم يتردد في التلويح بحرب أهلية في حال سلكت الامور هذا المنحى، ما يعني انه جاهز للتصدي لاي قرار اممي – دولي لا يناسبه، ولو استدعى ذلك اللجوء الى القوة. فمَن هي الجهات القادرة اليوم على فتح مواجهات عسكرية وحروب، غير الحزب؟
من هنا، تنتقل المصادر الى نقطة ثانية وردت في خطاب نصرالله. الرّجل استند الى معادلة غريبة – عجيبة، للتنصل من اي دور لفريقه السياسي، في جريمة اعدام الناشط لقمان سليم، وللتنصل ايضا من اي “واجب” لحزبه في كشف حقيقة الاغتيال وملابساته. وقد حاول في السياق ردّ ذريعة “الجغرافيا”، الى أصحابها، قائلا “اذا كان هذا هو المعيار، فهل يمكننا تحميل اي جهة تسيطر على منطقة ما، مسؤولية كل الحوادث الامنية التي حصلت وتحصل في مناطقها؟” غامزا من قناة التصفيات التي حصلت على مر السنوات الماضية في مناطق تدين بالولاء السياسي لتيار المستقبل مثلا او للقوات اللبنانية. لكن ما فات الامين العام هو ان ايا من هذه الاطراف ليس مسلحا، ولا تنظيما عسكريا يملك جناحا سياسيا، كما هو حال “حزب الله”، ولا هي تعلن يوميا انها تعرف ما يحصل في اراضي العدو، وفي مرفأ حيفا وما بعد بعد حيفا، وتملك آلاف الصواريخ، وتصل اليها من ايران يوميا أحدث التقنيات العسكرية القادرة على محو اسرائيل وتهديد امن سكانها، كما فاته ان سليم حمّل حزبه مسؤولية اي مكروه يحصل له معلنا عن تلقيه اكثر من تهديد منه.
اما حكوميا، فنصرالله لم يقل ما يساعد على الحل، تضيف المصادر. هو صحيح ألمح الى رفضه حيازة فريق واحد الثلث المعطل، الا انه لم يشر الى اي تحرّك سيقوم به لدى حليفه الرئاسي – البرتقالي لحثّه على تليين شروطه. وفي المقابل، طرح على الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي اعلن منذ ايام وبحزم، تمسكه بحكومة 18، العدول عن هذا الشرط ورفعَ عدد الوزراء. فإن فعل الحريري، لن يكون الحزب متضررا بل على العكس، سيضمن لفريقه السياسي ثلثا في الحكومة. وقوفُ الحزب في الوسط بين بعبدا وبيت الوسط، أكد المؤكد لناحية ان الضاحية ليست مستعجلة التأليف راهنا، وأنها تفضّل ابقاءه معلّقا كورقة تفاوض في يد ايران. والوضعية الحكومية الحالية تناسب الحزب تماما، كونه ليس في “بوز المدفع”، بل يتولّى حلفاؤه، المسيحيون والدروز، عملية التعطيل، نيابة عنه. على امل الا يطول الانتظار، لان اللبنانيين ما عادوا يتحمّلون وقد لامس الدولار عتبة الـ9000 ليرة اليوم، تختم المصادر.