لبنان شعلة الإنتفاضة لن تنطفىء… على رغم محاولات “تدجينها”

على رغم وجودها في الساحات منذ مئة يوم لم تتعب الإنتفاضة، وهي مستمرّة بزخم أكبر وعزيمة أقوى، وإن تبدّلت الأساليب ووسائل الضغط، بعد محاولات حرفها عن أهدافها يسعى البعض إلى “تدجينها، سواء بالترغيب أحيانًا أو بالترهيب أحيانًا أخرى، من خلال ما يوضع من خطط لتطويق حركتها الإحتجاجية، بالمباشر وغير المباشر، مع ما يعترض هذه الحركة من محاولات لتشويه صورتها عبر بعض المندسين، الذين حوّلوا الساحات السلمية إلى مواجهات عنفية مع عناصر القوى الأمنية، التي ردّت بالمثل وتخطّت في بعض الأحيان الخطوط الحمر، وذلك بحجة الدفاع عن النفس وتقليل الإضرار التي تقع في صفوفها.الانتفاضة عادت الى الأرض.. والاجراءات تتكثّفقوى 8 آذار لن تقبل إلا بحكومة تكنو سياسيةيجب أن نعترف بأن من دفع هؤلاء المندسين قد نجحوا إلى حدّ ما في تغيير نمطية الحركة الإنتفاضية، التي أعتمدت في مرحلة من مراحل تحرّكها على التجييش الشعبي والتحشيد الحضاري والسلمي، وهي أضطرّت بعد المواجهات الدامية مع القوى الأمنية إلى تعديل في خطّة تحركها، وأستبدلت تكتيك التحشيد بمظاهرات متفرقة نحو المؤسسات، التي تعتبرها من ضمن أهدافها الإستراتيجية من أجل إسماع صوتها والتصويب على منابع الفساد، وهي كثيرة، من دون أن تثبط بعض المظاهر التي واجهتها، والتي يمكن أن تواجهها مستقبلًا، من عزيمتها ومن تصميمها على الذهاب في مطالبها إلى أبعد الممكن، بأسلوب حضاري وسلمي، ومن منطلق حقها في التعبير والتظاهر بما تسمح به القوانين، وذلك من أجل فضح ما يمكن فضحه من ممارسات أدّت في السابق وتؤدي اليوم إلى الحالة المزرية التي وصلت إليها البلاد.وعلى رغم إنقسام الرأي داخل الإنتفاضة بين من يريد إعطاء الحكومة الجديدة فرصة للعمل وبين من يعتبر أن من جرّب المجرَّب يكون عقله مخرَّبًا، تستمر التحركات بخطوات مدروسة وهادفة من أجل ممارسة الضغط، وإن بأساليب مختلفة عن السابق، على الحكومة لكي تتبنى مطالب المنتفضين، وهي باتت معروفة العناوين، وأن ضّمنت الحكومة بيانها الوزاري رؤية الإنتفاضة للحلول الممكنة، والتي من خلال تبنّيها يمكن الوصول إلى قواسم مشتركة، بحيث لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم، مع أن بعض الراديكاليين في الإنتفاضة لا يحبذّون هكذا أساليب، والتي يعتبرونها غير مجدية مع سلطة فاسدة لا تريد أن ترى أو تسمع.وفي معلومات غير رسمية أن الإنتفاضة ستكون غدًا أمام إمتحان الإجراءات الأمنية التي سيتخذها الجيش لتأمين وصول النواب والوزراء إلى الجلسة النيابية المخصّصة لمناقشة وإقرار الموازنة العامة، مع تشديد القوى السياسية على أن تكون القوى الأمنية صارمة مع من سيحاول الإحتجاج، فضلًا عن ممارسة أقصى أنواع الضغط على المنتفضين في الساحات الأخرى، وذلك للحؤول دون خروج الأمور عن السيطرة، مع دخول بعض الجهات السياسية، التي تدور في فلك محور الثامن من آذار، على الخطّ وتكليف أحد النواب، الذي كانت له الباع الطولى في عملية تشكيل الحكومة، التنسيق مع الأجهزة الأمنية في ما يتعلق بخطط تطويق الإنتفاضة ومنعها من تحقيق أهدافها.أما على جبهة بعض منظمي الحراك المدني فإن ثمة مؤشرات إلى تحضير مفاجآت جديدة، من حيث التحضير والتنظيم، للتحركات المقبلة، وهي ستكون مفاجئة للجميع.